إعلان

الثروة ومعدلات النمو الاقتصادي

د. غادة موسى

الثروة ومعدلات النمو الاقتصادي

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:01 م الجمعة 04 ديسمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عادة يبدأ الباحثون بالاهتمام بمعدلات النمو. فمعدلات النمو دالة على وجود اقتصاد ما. بل صارت معدلات النمو المتزايدة منطلقًا تحكم بموجبه المنظمات الاقتصادية الدولية- وبصفة خاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي- على وجود اقتصاد صحي ومتعافٍ.

ولتوضيح الموضوع للقارئ بشكل مبسط، فإن النمو الاقتصادي ( بالإنجليزية: Economic Growth) هو ارتفاع نسبة القدرة على الإنتاج عند دولة ما، ويُقاس النمو بمقارنة إجماليّ الناتج المحلي GDP خلال السنة الحالية، مع إجماليّ الناتج القوميّ في السنة السابقة، وتوجد مجموعة من العوامل الرئيسيّة لزيادة النمو الاقتصاديّ، ومن أهمها التقدم في التقنية، وزيادة رأس المال، وزيادة المدخرات وغيرها من العوامل. والنمو الاقتصاديّ من المؤشرات المهمة في اقتصاد أي دولة، ويُستخدم لقياس إجمالي القيم المضافة إلى جميع الوحدات الإنتاجيّة العاملة، ضمن كافة فروع الإنتاج في قطاعات النشاط الاقتصادي المختلفة مثل: "الصناعة والزراعة والتجارة". أما معدل النمو الاقتصادي فيعرف بأنه مقياس يُستخدم لقياس نمو الاقتصاد بين فترات زمنيّة متنوعة؛ من حيث استخدام نسب مئويّة، كما يُعدُّ مقياسًا لنسبة التغيرات المؤثرة في الناتج المحليّ الإجماليّ للدولة من عام إلى آخر. ويقاس معدّل النمو الاقتصاديّ (Economic Growth) من خلال طرح الناتج المحليّ الإجماليّ الجديد (GDP2) من الناتج المحليّ الإجماليّ القديم (GDP1)، مقسومًا على الناتج المحليّ الإجماليّ القديم (GDP1).

وكما سبقت الإشارة لا يمكن أن توجد معدلات نمو حقيقية بدون وجود رأسمال، وبدون ربط معدلات النمو بزيادة ثروات الدول. وفي الواقع -ووفقًا لمدارس الاقتصاد السياسي- يزيد النمو الاقتصادي من ثروة الدول مثلما يتأسس على ما هو متاح لديها، بعبارة أخرى بحجم ما يمكن ان تنتجه تلك الدول.

وكثيرًا ما يذهب الباحثون إلى اعتبار ما يتراكم من النقود هو فقط ثروة الدول. وهو أمر منافٍ للحقيقة، إذ أن عدم التعريف الدقيق للأشياء يؤدي إلى خطأ في حساب الناتج المحلي الإجمالي. فيشير مفهوم الثروة إلى الرأسمال الموظف في الزراعة والصناعة والتجارة الداخلية والخارجية، كما يشمل أيضًا المواد الخام والإنتاج السنوي من السلع على اختلاف أنواعها، إضافة للذهب والفضة. وهو ما أشار له أحد أهم آباء الاقتصاد السياسي "آدم سميث" في كتابه "ثروة الأمم"، وانطلاقا من معرفتنا لمفهوم الثروة يمكن بشكل مبدئي حساب الناتج المحلي الاجمالي لمجتمع ما -أيضًا- بشكل مبدئي.

وبناء على تعريف الثروة لا يمكن الاقتصار على حساب الناتج المحلي الإجمالي استنادًا فقط إلى التجارة أو الخدمات؛ لأننا سنواجه بمعدل نمو "هش"، مثلما من الصعب حساب معدل النمو استنادًا فقط لقروض أو منح، فمعدل النمو يجب أن يكون محصلة إنتاج، إضافة للخدمات. ولكن لا بد في المقام الأول من وجود إنتاج زراعي وصناعي في المقام الأول. نعم، قد يتطلب الأمر وقتًا، ولكن يتطلب أيضًا أن نفكر في الاستدامة وتركيم ثروة ًومدخرات للأجيال القادمة.

والميزة النسبية التي تتمتع بها دول العالم النامي أن لديها المواد الخام ولديها الذهب ولديها الفضة، ولكنها لا تنتج؛ لأنها لا تملك قرار الإنتاج "المحتكر" من الدول التي تملك التكنولوجيا، الأمر جد خطير، ويتطلب من دول العالم النامي قرارًا حقيقيًا لا تشوبه اعتبارات المصلحة الآنية لبعض الأفراد أو الكيانات.

إعلان