إعلان

هل المرأة شيطان؟

أمينة خيري

هل المرأة شيطان؟

أمينة خيري
09:00 م الإثنين 06 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

وبينما أتصفح الأسئلة التي ترد إلى علماء الدين أو البعض ممن يقدمون أنفسهم على اعتبار أنهم علماء الدين، وهي أسئلة- لو تدرون- كاشفة فاحصة ماحصة، وجدت ما كنت أتوقعه تماماً.

لم يخيب الله ظني. وجدت أسئلة العام وكل عام عما إذا كانت قطرة العين ونقط الأنف والأذن تفطر الصائم.

ووجدت إن كان لمس الزوجة في نهار رمضان يفسد الصوم. كما وجدت حكم قيام ربة البيت بتذوق الطعام من طرف الملعقة لضبط الملح والبهارات. لكن هذه المرة وجدت كنزاً ثميناً لم أكن أحلم به.

أحدهم أرسل بسؤال إلى أحدهم، وذلك عبر موقع فيه ما لذ وطاب من أسئلة تأتي من شرق الأرض ومغاربها عن الدين والمتدينين. ويجيب عن الأسئلة جيش جرار من أشخاص يقولون عن أنفسهم إنهم علماء أفاضل.

يقول السؤال: "هل بالفعل المرأة شيطان؟"

ويجيب "العالم" بما بمعناه أنها "شيطان لكن مش قوي"! يلف ويدور في دائرة واحدة لا مخرج منها، وهي أن المرأة ليست إلا مجموعة من مسببات الشهوة ومؤججات الافتنان.

ولا يقترب "العالم" من قريب أو بعيد من الرجال المحيطين بالمرأة، فلا إشارة إلى ضرورة اتباع أبسط قواعد التربية، أو احترام القانون (الذي يُحترم بحذافيره ما إن يركب أحدهم طائرة ويعبر الحدود)، أو غض البصر، أو حتى تلميح بعدم التشبه بالحيوانات، رغم أن الحيوانات لها أيضاً قواعد وقيود تحترمها فيما بينهم.

لكن الحق يقال إن الهسهس لم يقتصر علينا في مصر. فقد انبرى أحد المعلقين من بين الصفوف ليشير إلى أن الخطوات التنويرية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في الأشهر القليلة الماضية- لا سيما فيما يتعلق بالنساء وتوسيع هامش الحرية لهن، ودعم إدماجهن في الحياة بعد عقود من العزلة والانعزال- علامة من علامات الابتعاد عن صحيح الدين، وحري بالقيادة السعودية أن تراجع نفسها لأن المرأة إذا خرجت من محبسها ستدمر العالم، وتلحق الضرر والشرر به وأشياء أخرى عديدة.

تعددت السبل والطرق، وتبقى الجذور المريضة الواهنة واحدة. هل ما يشغل الصائم في نهار رمضان أو ليله هو حكم لمس الزوجة، وركوب المواصلات العامة والاحتكاك بالنساء، والتوجه للعمل ورؤية الزميلات، وفتح باب الشقة ومقابلة الجارات، والجلوس أمام الشاشات ومشاهدة المذيعات؟!

هل سبب تأخر المسلمين له بعد جنسي بالفعل؟

وإن كنا من عشاق نظرية المؤامرة، فلماذا لا يكون الغرب قد تآمر علينا بدفعنا إلى تضخيم الجانب الجنسي من حياتنا ودفع البعض من الرجال إلى الإيمان والاقتناع بأن الحياة تتمحور حول الجنس؟

ألا يعد ذلك كفيلاً لا بتخلف أمم، بل بدحرها والقضاء عليها بنفسها؟!

وقت كانت المرأة في مصر واحدًا صحيحًا وكيانًا محترمًا وعقلاً وقيمة ومكانة يعتد بها، كنا ننعم بحياة ذات سلوكيات أفضل وتمسك بأخلاق أرقى وملامح مجتمع عقد العزم على الارتقاء بأخلاقه ورجاله ونسائه.

لكن حين بدأت مصر تدخل عصر المرأة التابع المنقوص الأقرب ما يكون إلى الطفل مسلوب الإرادة، هذا يجعله يرتدي ما يراه لائقًا وذاك يرهبه من التفكير وآخر يرعبه بالتكفير أصبح المجتمع كما هو عليه اليوم.

اليوم وبينما نحتفي بانتهاء اليوم الأول من شهر رمضان المعظم، حري بنا أن نسأل أنفسنا:

هل نحن راضون عما وصلنا إليه؟

وهل السلوكيات والأخلاقيات السائدة- أو بالأحرى المنعدمة- في الشارع هي الشكل الأفضل لما نطمح إليه؟

وهل المعارك الضارية الدائرة بين أنصار استخدام مكبرات الصوت لبث صلاة التراويح رغم أنف الجميع ومعارضيه، وحملة "استر بنتك" وقصة الفتاة وضرورة تغليفها بورقة حلوى منعًا لتجمهر الشباب من الذباب عليها وغيرها جعلت مصر مجتمعا أكثر ورعًا والمصريين شعبًا أعتى إيمانًا؟!

لسنا وحدنا الذي ضربنا الهسهس.

إعلان