إعلان

مصر ومسارات الهجرة في منطقة المتوسط

مصر ومسارات الهجرة في منطقة المتوسط

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 16 يوليه 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تضمن تقرير هذا العام الصادر عن منظمة الهجرة الدولية تقديرًا لحالة المهاجرين في العالم سواء بصورة نظامية أو غير نظامية، وهو يلفت الانتباه إلى مجموعة من القضايا المهمة والخاصة بمنطقة شمال أفريقيا، والتي من الضروري أن تلتفت لها الحكومة الجديدة، لا سيما في ظل تضمين برنامجها سياسات للتعامل مع الهجرة بما في ذلك الهجرة غير النظامية.

وبصفة عامة تعد الأرقام الواردة في التقرير تقديرية، وهذا ما أكد عليه التقرير في أكثر من جزئية، وبالتالي القضايا التي أشير إليها هى قضايا نوعية وذات أهمية كبرى في إطار الحديث عن تخطيط سياسات للدولة للتعامل مع قضية الهجرة. وأرصد هنا ثلاث قضايا رئيسية.

تتعلق القضية الأولى بممرات الهجرة migration corridors وهى الدول التي تستقبل على مدار سنوات عددًا من المهاجرين من دولة أخرى، ويتوالد هؤلاء المهاجرون على أرضها على نحو يخلق تجمعات لهم في الدولة المضيفة. ويقدر التقرير حجم ممرات الهجرة الخاصة بدول شمال أفريقيا بحوالي 10.6 مليون مهاجر، نصفهم يعيش في أوروبا وحوالي 3 ملايين في الخليج، والباقي في دول أخرى.

ويرصد التقرير وجود هذه الممرات بين الجزائر والمغرب وتونس وكل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، ويفسر التقرير وجود تجمعات من أبناء هذه الدول العربية الثلاث في تلك الدول الأوروبية بعلاقات تاريخية تعود لفترة الاستعمار الأوروبي لها.

كما يرصد التقرير تشكل هذا النوع من ممرات الهجرة بين مصر ودول الخليج خاصة السعودية والإمارات والكويت، وتأتي التجمعات المصرية في الإمارات في المرتبة الثالثة من حيث الحجم بعد التجمعات الجزائرية في فرنسا وتجمعات المهاجرين من بوركينا فاسو في كوت ديفوار.

وتتعلق القضية الثانية بنوعية المهاجرين من شمال أفريقيا، حيث يشير التقرير من ناحية إلى تفضيل المهاجرين من المغرب والجزائر وتونس للانتقال للدول الأوروبية بسبب الحقبة الاستعمارية بحثا عن وطن آخر، بينما يفضل المهاجرون من مصر والسودان الانتقال إلى دول الخليج بهدف البحث عن فرص عمل مؤقتة.

وأهمية هذه القضية لا ترتبط فقط بحجم تحويلات المقيمين في الخارج إلى دولهم الأم، وإنما أيضا باحتمالات عودتهم إلى وطنهم الأم وما قد يترتب على ذلك من تحول أو تغير في هوية ذلك الوطن، وهى مسألة لم تتم مناقشتها بصورة جادة في مصر وغيرها من الدول التي تعد مصدرًا للمهاجرين الذين يبحثون عن فرصة عمل أفضل في دول أخرى.

وتتعلق القضية الثالثة بتزايد أهمية الدول الواقعة في منتصف المتوسط وهى تحديدا مصر وليبيا وتونس كممر للهجرة غير النظامية إلى الدول الأوروبية، ويشير التقرير إلى أنه خلال الفترة من 2011-2016 بلغ إجمالي المهاجرين بصورة غير نظامية عدد 630 ألفًا توجهوا إلى إيطاليا ومنهم 90% انطلقوا من ليبيا والنسبة الباقية انطلقت من مصر والجزائر وتونس. وكانت نسبة الأطفال والنساء من بين إجمالي هذا العدد لافتة للانتباه، حيث مثل الأطفال ما نسبته 15% والنساء 13%.

وفي هذا السياق، تكتسب الأهداف المتضمنة في برنامج الحكومة المصرية الجديدة والمتعلقة بالحفاظ على الهوية المصرية لأبناء المصريين في الخارج وكذلك بمكافحة الهجرة غير النظامية أهمية، سواء من حيث كونها تسعى لتعزيز الشعور بالانتماء لدى أبناء الجيل الثاني والثالث أو لتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير النظامية.

وتظل معايير اختيار هؤلاء الشباب ومكان تنظيم الأنشطة الرامية لتحقيق هذه الأهداف مسألة مهمة للغاية، ومن المهم أن يوضع لها برامج تسهم في تنفيذها السفارات المصرية في الخارج، وذلك حتى لا يقتصر مردود هذه الأنشطة على الشباب الموجود داخل مصر، لا سيما وأن برنامج عمل الحكومة يشير إلى تنظيم هذه الفعاليات في المحافظات أي في داخل الدولة المصرية.

إعلان