إعلان

نحن البؤساء مواليد الثمانينات

نحن البؤساء مواليد الثمانينات

ياسمين محفوظ
08:52 م السبت 03 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

 مواليد الثمانينات هم أكثر الأجيال بؤسا، يترنحون بين الماضي والحاضر، لا يستطيع الفرد منهم أن يواكب الحاضر، بل وأحيانا كثيرة يرفضه فيلجأ بخياله إلي الماضي ليجد نفسه، حتى أصبح الخيال له حياة.

جيل الثمانينات ناله من الظلم الكثير، فليس الظلم الواقع عليه سياسيا واجتماعيا فقط، بل ناله ظلم من نوع آخر عندما نضج وبدأ في الاستيعاب والفهم بعدما قرأ وعاصر كبار الكتاب والمؤلفين، والذين لاحقهم الموت واحدا تلو الآخر، ليتركوا إرثا أدبيا وفنيا عظيما نلجأ إليه عندما يفيض بنا الكيل مما نراه ونسمعه في هذه الأيام.

من منا لم يتمنى أن يكون الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة على قيد الحياة لنرى له عملا أدبيا يؤرخ لما شهدته مصر خلال آخر 10 سنين. أحيانا يأخذنا الحنين لباب "بريد الجمعة" في جريدة الأهرام والذي كان يشرف عليه الكاتب الكبير الراحل "عبد الوهاب مطاوع" لنستمتع بقراءة الروشتة التي كان يصرفها لعلاج أوجاع قرائه، ونشعر بالحزن عندما نصل لجملته الشهيرة التي كان ينهي بها الرد علي بريده "وللحديث بقية طالما في العمر بقية" حتى انتهي عمره وانقطع الحديث.

ونأتي إلي دراما الصعيد المصري الذي ذوبنا فيه عشقا عن طريق الكاتب الكبير الراحل "محمد صفاء عامر"، الذي اهتم بقضايا الصعيد وسلط عليه الضوء الشارد رغم ذئاب الجبل.

افتقد بشدة الموسيقار عمار الشريعي الذي ارتبطنا عاطفيا بـ"مزيكته" في رأفت الهجان ودموع في عيون وقحة، ولا ننسي إبداعه مع الخال عبد الرحمن الأبنودي في "متمنعوش الصادقين".. ولا ننسى الرائع الشاعر الكبير الراحل سيد حجاب الذي شكل وجداننا بكلماته الرائعة "بحلم وافتح عينيا على جنة للإنسانية.. والناس سوا بيعيشوها بطيبة وصفو نية"، ومازلنا نحلم.

أشتاق الي سماع صوت "عمو فؤاد" في كلمتين وبس، أبحث عن "أبلة فضيلة" وحدوتة كل يوم، ولا عيلة مرزوق. من منا يستطيع أن ينسى الشاعر مجدي النجار والذي نجحت كلمات أغانيه في ربط جلينا بأغاني "عمرو دياب"، فطوال الوقت نحن لسماع أغاني "دياب القديمة".

القائمة طويلة ولا توجد ذاكرة تسعها..لكن ذكرياتنا بهم مرتبطة بقيم جميلة ومبادئ رائعة. هؤلاء "نضفوا" آذاننا وشكلوا عقولنا بمشاهد ونماذج حلوة، لكن للأسف أجرموا في حقنا دون قصد، جعلونا نحلم بالمدينة الفاضلة، وأنه بإمكاننا أن نصلح المجتمع، جعلونا نصدق أن الخير دائما ينتصر في النهاية، ومهما طال الزمن فـ"الحب مستمر" وحقيقة، وحتما سننجح وسينجلي الظلام ليحل النور.

وللأسف اكتشفنا أن كل ما تعلمناه منهم ما هو إلا "وهم وخيال".. وأننا نعيش في زمن غير زماننا ولا يليق بنا، نحن نعيش أيام زيادة على عمرنا الحقيقي، ونتجاهل حقيقة "أننا جيل بائس وبنحاسب علي مشاريب مشربنهاش".

إعلان