إعلان

"أمير الدم".. قصة أول قائد للجناح العسكري بجماعة الإخوان "الإرهابية"

03:32 م الخميس 04 أكتوبر 2018

عبدالرحمن السندي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد نصار:

حمل السلاح، صنع المتفجرات، فخخ السيارات والمنشآت، قتل الخصوم، ربما هذا الوصف الأقل لما فعله، عبدالرحمن السندي، أمير الدم، أول مسئول عن الجناح العسكري في جماعة الإخوان الإرهابية، تحت قيادة مؤسسها حسن البنا.

"السندي أمير الدم"، فيلم وثائقي، بثته قناة "dmc"، أمس الأربعاء، يسرد حكاية أول المسئولين عن إراقة الدم في جماعة الإخوان الإرهابية، تحت قيادة مؤسسها حسن البنا، جيش سري خاص، مهمته تنفيذ الأعمال الخطرة.

"ربما كانت لأهداف غير معروفة وأنا أرجح ذلك" يقول الدكتور مختار نوح، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسملين، إن فكرة حسن البنا في إنشاء التنظيم الخاص كانت لحمايته أو لحماية الجماعة التي يرأسها، لأن الأفكار الليبرالية كانت تتسرب في ذلك الوقت، أو ربما لأهداف غير معروفة، وأرجح أنها كانت لأهداف غير معروفة.

في البداية أوكل حسن البنا مسئولية التنظيم الخاص إلى محمود عبدالحليم، لكن ظروف العمل اضطرته للتخلي عنه ومغادرة القاهرة بأكملها، بعدها وقع اختيار المرشد على أحد أخلص عناصر التنظيم السري، رجل قصير القامة ضئيل البنية بالغ الصمت، مريض بالقلب، وشديد الصلابة والقسوة، كان عبدالرحمن السندي هو المسئول الجديد للتنظيم بعد محمود عبدالحليم.

كان عبدالرحمن السندي، مثلما يحكي صلاح حسن، الباحث في الشأن الإسلامي، شابًا شديد الصلابة ليس على المستوى الجسدي فكان مريضًا بالقلب، ولكن على المستوى النفسي فلديه قوة نفسية خارقة، وكان مولعًا بالتنظيم والنظام الخاص ومخلصًا له، ويرى فيه بداية الجيش الإسلامي الكبير الذي سيقيم الخلافة بعد ذلك.

رغم أنه كان مريضًا بالقلب، لكن يشاع عنه قسوته في الوقت ذاته، ويقول خليفة عطوة، المتهم الثالث في محاولة اغتيال جمال عبدالناصر، إن السندي كان أخطر إنسان موجود في الإخوان على الإطلاق، وكان مسئولًا عن عملية تسليح التنظيم السري: "الباقيين جنبه ولا حاجة، كان يقول اصطاد العصفورة وبعد أن تصطادها اقطع رقبتها، ثم يقول للأعضاء شايفين الدم حلو إزاي، ارميها في الأرض بقى ودوس عليها، وفي حكايات تانية كتير".

يحكي أحمد بان، خبير الحركات الإسلامية، أن عبدالرحمن السندي، كان شابًا لم يكمل تعليمه الجامعي، ويعاني من أمراض القلب، ويشتهر بالتقوى الشديدة والحرص على النسك والشعائر، وهذا النموج الذي يفضله حسن البنا، الذي كان يريد شخصية ضعيفة يسير من خلالها إرادته الخاصة، ووقع الاختيار على السندي لقيادة التنظيم الخفي.

كما كان لعبدالرحمن السندي، سيطرة قوية على التنظيم السري تنمو شيئًا فشيًا مع نمو هذا الكائن الجديد "التنظيم" الذي كان يربيه تنظيم الإخوان المسلمين في الخفاء، وطور السندي، هذا النظام السري الخاص، من الناحية العسكرية بشكل واضح وكبير، إلى جانب منحهم برامج تربوية شاقة.

ازدادت قوة الإخوان شيئًا فشيًا، لدرجة أن أي حدث أو عملية تفجيرية ضخمة تحدث داخل القاهرة وضواحيها، كان الناس يذهبون إلى الاعتقاد في وقوف الإخوان خلفها، على عكس العمليات التي تفشل التي كانوا ينسبونها لجماعات أخرى.

يؤكد صلاح الدين حسن، أن أول عملية للتنظيم الخاص كانت تحت عنوان "أقسام البوليس" عام 1946، ونجح في صناعة زجاجات المولوتوف، والتي كانت قادرة على إحراق بقعة من الأرض وإصابة جزء صغير من محيطها، وزرع الإخوان قنابل بجوار أقسام الشرطة وفجروا عددًا منها.

اعتقلت قوات البوليس عددًا من أعضاء الجماعة، ورأى السندي أن عليه الرد على الأحكام القضائية التي أطلقها القاضي أحمد الخازندار، ضد أعضاء الجماعة، الأمر الذي أثار ضيق حس البنا.

تسربت المعلومات حول عنوان الخازندار وتحركاته، من خلال أحد الموظفين في البنك الأهلي يدعى عادل كمال، وبعد أن ذهب الخازندار لفتح حساب بنكي في البنك الأهلي وصلت المعلومات المتعلقة بالقاضي إلى تنظيم الإخوان السري.

في شارع رياض بمنطقة حلوان، استعد كل من حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم، لاغتيال الخازندار أمام منزله، وفور خروجه من باب المنزل رماه عبدالحافظ بـ3 رصاصات لكنها أخطأت الهدف جميعها، لم يحتمل صديقه محمود زينهم فكرة فشل المحاولة ونجاة القاضي الذي قضى بالسجن على عدد من أعضاء الجماعة، وتحرك على الفور تجاه الخازندار، والتصق بجسده مخرجًا مسدسه الذي انطلقت منه كافة الرصاصات الموجودة في الخازنة، ومن على بعد المسافة صفر استقرت الرصاصات جميعها في جسد الخازندار، على مرأى ومسمع من زوجته التي شاهدت الموقف من غرفة المنزل، لكن تم إلقاء القبض عليهما بعد العملية.

الغريب في الأمر أن حسن البنا، مؤسس التنظيم، لم يكن يعلم، وفقًا لحديث أحمد بان، ولم يرضَ باغتيال الخازندار، واعترض حينها بشدة على هذه العملية قائلا: "هم يهدمون وأنا أبني" وتبرأ البنا من قتل الخازندار أو التوجيه به، بينما اعترف السندي بالقتل.

يقول مختار نوح، إن السندي بدأ يشكل خطورة على حسن البنا نفسه، لكن الأخير لم يكن يعلم أنه في طريق استنساخ مرشد آخر للجماعة ليكون بديلًا له، لأنه كان يرى في السندي طاعة وأدب، وأن طريقته ليست طريقة وصولية.

اتخذت الأمور منعطفًا أكثر جدية وخطورة على الجماعة بأكملها، حين عثر البوليس على سيارة جيب معطلة، ارتابوا من الأشخاص بداخلها وتم القبض عليهم وتبين أنها تضم معلومات ووثائق حول مستقبل التنظيم السري ومخططاته لعملياته المستقبلية، وطرق تصنيع المتفجرات والمولوتوف، وعرفت باسم قضية "السيارة الجيب" وتعرض الكثير من أعضاء الجماعة للمحاكمة وعلى رأسهم عبدالرحمن السندي نفسه.

في عام 1948 أمر محمود فهمي النقراشي باشا، بحل جماعة الإخوان، سار على نهج "الطرق على الحديد السخن" عقب فضيحة السيارة الجيب، لكن الإخوان لم يجدوا الغضاضة في اغتيال رئيس وزراء مصر، وقتله عبد المجيد حسن بثلاث رصاصات استقرت جميعها في جسده ووقع غارقًا في دمائه.

تواجه السندي مع حسن الهضيبي، مرشد الإخوان بعد حسن البنا، وكان جمال عبدالناصر يعرف عبدالرحمن السندي قبل قيام ثورة يوليو، واستمر تدهور العلاقة بين الهضيبي والسندي حتى فصله الأول من صفوف الجماعة، وقرر السندي برجاله المدربين احتلال مكتب الإرشاد واقتحام منزل الهضيبي، لكن تدخل عبد الناصر لنزع الفتيل مؤقتًا.

حاول الهضيبي تفكيك النظام الخاص للإطاحة بكل مراكز القوة في يد عبدالرحمن السندي، وعين سيد فايز مسئولًا للتنظيم بدلًا منه، فرد السندي على هذه الخطوة بشدة، وفي 19 نوفمبر 1954 في ذكرى المولد النبوي، أعد علبة حلوى لصديقه في التنظيم لسنوات مفخخا العلبة بأصابع الديناميت، ووصلت العلبة إلى بيت سيد فايز وتسلمتها شقيقته انتظارًا لعودته، ولما وصل فتح العلبة ولقى حتفه على الفور بعد أن تطايرت أشلاء جسده في كل مكان.

كان فايز قدم كل معلومات التنظيم لحسن الهضيبي، ما اعتبره السندي خيانة للتنظيم، ولذلك اغتاله، إلى جانب أنه أخذ مكانه في التنظيم، وكانت أول عملية اغتيال من عنصر تنظيمي لعنصر تنظيمي آخر.

استغل عبدالناصر اتساع الفجوة بين السندي والهضيبي، وسهل هذا مهمة سحبه من الجماعة ونجح في تحييده إلى الأبد بعد أن وجد له وظيفة في شركة شل.

إلى الآن يظل السندي أزمة في تاريخ الجماعة رغم مرور هذه السنوات الطويلة، وتوفيَّ عام 1962 عن عمر 44 عامًا، بعدما عاش سنواته الأخيرة منطويًا على نفسه، تاركًا فكرة لا يبدو أنها ستموت، لا يزال الخلاف يدور حول حقيقة هذا الرجل ودوره في الجماعة هل كان حسن البنا "على عكس ما كان يقوله" يعلم بهذه العمليات المسلحة، أم أنه كان لا يعلم بها ولم تكن لديه السيطرة الكاملة على التنظيم الذي أسسه.

ويأتي الفيلم الوثائقي "أمير الدم" من سيناريو وإخراج شريف سعيد، ورؤية وكتابة أحمد الدريني، وأدى ماجد رفلة دورعبدالرحمن السندي، مؤسس التنظيم الخاص، وسيد التيتي دور محمود زينهم، قاتل الخازندار، وسامي حبيب دور الضابط أحمد فؤاد عبدالوهاب، وأحمد عرفان دور القيادي صالح عشماوي، وأحمد إيهاب عبدالعزيز دور حسن عبدالحافظ قاتل الخازندار، وشريف عبدالعزيز دور سيد فايز مسئول النظام الخاص بالقاهرة، وعبدالعظيم محمد عبدالعظيم دور شقيق أنس عضو النظام الخاص، وماجد عادل رمزي دور عبدالمجيد حسن، قاتل النقراشي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان