إعلان

حسان دياب: أتمنى ألا أكون كبش انفجار مرفأ بيروت

09:54 م الثلاثاء 29 ديسمبر 2020

رئيس الوزراء اللبناني، حسان دياب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بيروت - (بي بي سي)

قبل أقل من شهر كان حسان دياب رئيس وزراء مستقيلا بولاية لم تتعد شهورا قليلة، وتربصت بها الويلات من كل حدب وصوب.

لكنه اليوم رئيس وزراء مستقيل يترأس حكومة تصريف الأعمال ومدعى عليه ومتمرد على القضاء.

إذ رفض حسان دياب المثول أمام قاضي التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب/ أغسطس الماضي، فادي صوان، الذي كان قد ادعى على دياب وثلاثة وزراء سابقين آخرين، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة العشرات وإيذاء المئات.

التقيتُه في مكتبه في السراي الحكومي، مركز رئاسة الوزراء، وقد رد على أسئلتنا عن اتهامه بتقويض القضاء وعدم احترام سلطة القانون.

"أبدا لستُ متمردا على القضاء. بل أنا أول من استقبل قاضي التحقيق عندما بدأ بتحقيقاته وقد استمع الى إفادتي كاملة. لكن الادعاء أمر آخر وخاضع لأحكام الدستور."

ما يتحدث عنه دياب هو المادة 70من الدستور التي تشير الى أن لمجلس النواب بغالبية الثلثين من أعضائه أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة أو إخلالهم بواجباتهم.

كما أن المادة ٧١ من الدستور تشير إلى محاكمة هؤلاء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وهو مجلس لم ينعقد فعليا منذ عقود.

ومعروف أن تأمين ثلثي الأعضاء في المجلس النيابي أمر شبه مستحيل في ظل الانقسامات السياسية في البلاد.

"كان على القاضي أن يبعث ملفه إلى مجلس النواب والمجلس هو من يقاضيني. أما بالنسبة لمسألة تأمين الثلث أو الثلثين فلستُ أنا من وضع الدستور".

وعندما قلت له أن نص القانون لا يتحدث عن حصرية المجلس النيابي في مقاضاة الوزراء ورؤساء الوزراء، ما قد يسمح للقاضي أيضا بالملاحق،٫ أجاب: "هناك آراء مختلفة في هذا الشأن".

في تلك الإفادة، أخبر دياب قاضي التحقيق أن أحد مستشاريه بلغه عن ضبط مواد تي ان تي متفجرة في المرفأ بعدما علم بالموضوع عن طريق الصدفة.

وعندما كانت تُجرى الترتيبات لزيارة دياب للمرفأ بناء على تلك المعلومة، تبين أنها غير دقيقة وـن المواد لم تُضبط مؤخرا كما أنها ليستمن نوع تي ان تي. بناء عليه، ألغى زيارته مطالبا الأجهزة الأمنية المعنية بإنهاء التحقيقات حتى يتمكن من اتخاذ أي خطوة على بينة.

"لم أكن قبل ذلك قد سمعتُ يوما بمادة نترات الامونيوم".

يقول دياب إن المراسلة الرسمية الوحيدة التي وصلته في هذا الموضوع كانت في ٢٢ تموز/ يوليو الماضي وقد حولتها رئاسة الوزراء فورا إلى وزارتي العدل والأشغال.

يصر دياب على أنه يحترم القضاء.

أسأله: ولكنك تعاونت مع القضاء قبل أن تكون مدعيا عليك. بعد ذلكـ اتهمته بأنه يستهدفك.

يجيب: "أبدا. إذا أراد قاضي التحقيق الادعاء علي فعليه أن يسلك المسار الدستوري".

ثم يسأل:"هل أنا من أدخلت باخرة نترات الأمونيوم في عام 2013 الى مرفأ بيروت؟ هل بتٌ أنا مسؤولا عن مشكلة المرفأ برمتها؟ ما يحدث غير طبيعي."

"أتمنى ألا أكون كبش محرقة. لا أعرف٬ ولكن الادعاء علي أمر يثير الريبة."

ثم يضيف قائلا إنه يتمنى أن تُعرف الحقيقة في موضوع تفجير المرفأ. "ولكن لا بد من طرح الأسئلة الصحيحة. لمن كانت هذه السفينة؟ من أحضرها؟ من سكت عنها؟".

يرفض دياب أيضا أن يكون قد تحصن بطائفته بعد الادعاء عليه عندما اعتبر الادعاء استهدافا لمقام رئاسة الوزراءـ التي هي من حصة السنة في البلاد، ولا سيما بعد استنفار معظم المقامات السنية السياسية والدينية دفاعا عن دياب بوجه قرار الادعاء.

"لستُ مسؤولا عن ردة الفعل التي تولٌدت عن ذلك. أنا رئيس وزراء كل اللبنانيين".

لكن من الألغاز التي لا تزال قائمة في موضوع التفجير، هو كيفية حصوله، أي السبب المباشر الذي أدى الى انفجار مادة نترات الامونيوم التي كانت مخزنة منذ سبع سنوات في أحد عنابر المرفأ، ولا سيما أن عددا كبيرا من سكان بيروت قالوا إنهم سمعوا صوت طيران حربي أو صوت صاروخ مباشرة قبل الانفجار.

كان حسان دياب قد طلب من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تزويد لبنان بصور الأقمار الاصطناعية لما قبل التفجير وللحظة التفجير وما تلاها.

"لم يصلنا أي شيء حتى الآن. آنا مستغرب ان ليس هناك أي قمر اصطناعي في المنطقة تمكن من التقاط صورة عما حدث في لحظة الانفجار".

اليوم بات التحقيق في قضية تفجير المرفأ الذي يعتبر من أكبر التفجيرات غير النووية في التاريخ، معلُقا بعد أن تقدم وزيران مدعى عليهما هما وزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الاشغال العامة السابق غازي زعيتر، بطلب كف يد القاضي صوان "للارتياب المشروع" ونقل التحقيق الى قاض آخر.

وهو ما لم تبت محكمة التمييز به بعد.

وصل دياب الى رئاسة الوزراء من خلفية أكاديمية بعد أن كان أستاذ مادة الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات لأكثر من عشرين عاما في الجامعة الأمريكية في بيروت، وجاء اختياره للمنصب بعد تعذر الاتفاق على رئيس وزراء يخلف سعد الحريري الذي استقال عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019.، غير انه قدّم استقالته بعد ثمانية اشهر فقط عقب انفجار المرفأ والكارثة التي تسبب بها.

وبالرغم من قصر عمرها، إلا أن حكومة دياب واجهت تحديات قد تكون غير مسبوقة في جسامتها، بدءا من الانهيار الكامل للأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية، إلى جائحة كورونا ومن ثم تفجير المرفأ.

"كان ممنوعا على هذه الحكومة أن تنجح. هذه الحكومة كانت فرصة لكن هناك قرار دولي اتخذ بالنسبة للبنان بوقف التعاون مع البلاد بصرف النظر عن حسان دياب أو غيره."

حتى اليوم قضى خمسة اشهر كرئيس حكومة تصريف الاعمال، ويخشى أن تطول هذه الفترة أكثر في ظل عدم التوافق على حكومة جديدة وسط الانقسامات السياسية

"أخشى ذلك وسيكون الأمر كارثة بحق لبنان وبحق اللبنانيين".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: