إعلان

الحكومة ترفع شعار "لا تراجع" عن الاقتراض المحلي.. وخبراء: "الوضع كارثي"

07:26 م الخميس 13 أكتوبر 2016

شريف اسماعيل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تقرير - أحمد عمار:

اعتمدت الحكومة بشكل كبير مؤخرًا، على سياسة الاقتراض، حيث أصبح التحرك الأبرز لها سواء للحصول على تمويلات داخلية أو خارجية، محاولة منها لتوفير التمويلات اللازمة لمصر خلال العام المالي الحالي (2016-2017).

وانتهجت الحكومة خلال العام المالي الحالي سياسة التوسع في الاقتراض على المستوى المحلي والخارجي، وهو ما يعد الأعلى في العصر الحديث على أقل تقدير، على الرغم من وصول إجمالي ديون مصر لمستويات قياسية و''مخيفة'' حيث أصبحت تمثل أكثر من 100 بالمئة من ما تنتجه مصر حاليًا.

وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، ارتفعت نسبة إجمالي ديون مصر من الناتج المحلي الإجمالي إلى 107 بالمئة بنهاية مارس الماضي، منها 90.1 بالمئة من الناتج المحلي عبارة عن ديون محلية، و16.9 بالمئة عبارة عن إجمالي الديون الخارجية.

كما تصل نسبة إجمالي الدين العام المحلي والخارجي الحكومي إلى نحو 97.8 بالمئة من الناتج المحلي بنهاية مارس، بينما تقول الحكومة إنها تسعى لتصل النسبة إلى 97 بالمئة بنهاية العام المالي الحالي.

وتدافع الحكومة في تصريحات عدة لها، عن اتجاهها إلى الاقتراض خارجيًا وبالأخص من صندوق النقد الدولي، بأنها تسعى للحصول على التمويل اللازم لبرنامجها الإصلاحي الذي يسعى إلى معالجة مؤشرات من الخطورة الاستمرار بها، بالإضافة إلى الحصول على شهادة ثقة.

زيادة الاقتراض محليًا

وعلى الرغم من التحرك الحكومي البارز للحصول على قروض خارجية، واصلت الحكومة بالتوازي سياسة توسعها في الاقتراض من السوق المحلي بشكل كبير خلال الربع الأول من العام الحالي (2016-2017)، على الرغم من الانتقادات التي تواجهها بسبب ذلك.

وأظهرت بيانات حكومية، استمرار ارتفاع نسبة التوجه الحكومي إلى الاقتراض من السوق المحلي خلال النصف الأول من العام المالي الحالي.

ووفقًا للجدول الزمني للجدول الزمني نشرته المالية على موقعها الإلكتروني، تسعى الحكومة إلى اقتراض نحو 630.5 مليار جنيه من السوق المحلي خلال أول 6 أشهر من العام المالي الحالي - الفترة من يوليو 2016 حتى ديسمبر المقبل - على شكل سندات وأذون خزانة وسندات صفرية الكوبون، بنسبة ارتفاع 15.7 بالمئة، مقابل نحو 544.5 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي.

وارتفع ما تعتزم الحكومة اقتراضه من السوق المحلي خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي بنسبة 15.2 بالمئة، حيث تسعى لاقتراض نحو 324.5 مليار جنيه، مقابل 281.5 مليار جنيه خلال نفس الربع من العام المالي الماضي (2014-2015).

ويسبب التوسع الحكومي في الاقتراض من الأسواق المحلية عائقًا أمام جذب استثمارات جديدة تساعد على تحقيق نسبة نمو مرتفعة للاقتصاد المصري، حيث أن الاقتراض من السوق المحلي يتسبب في انخفاض السيولة المتاحة لدى البنوك لتمويل القطاع الخاص للتوسع في مشروعات قائمة أو بدء استثمارات جديدة، في الوقت الذي يعاني فيه المستثمرون أيضًا من ارتفاع معدلات الفائدة على الإقراض.

وأصبحت الحكومة تقترض بفائدة مرتفعة مؤخرًا بنسبة تصل إلى أكثر من 17 بالمئة، خصوصًا مع اتجاه المركزي إلى رفع الفائدة لمواجهة ارتفاعات التضخم القياسية، ومع وجود توقعات بقيام المركزي برفع آخر لأسعار الفائدة مع الاتجاه إلى خفض جديد للجنيه بالبنوك لمواجهة الآثار السلبية لهذا الخفض.

وتقدر مصروفات فوائد ديون مصر خلال العام المالي الحالي - وفقًا للموازنة - بنحو 292.5 مليار جنيه أي ما يعادل 30 بالمئة من إجمالي المصروفات العامة.

وضع كارثي وحكومة مجبرة

من جانبها، اعتبرت عنايات النجار خبيرة مصرفية وأسواق مال، أن الحكومة مجبرة على الاقتراض الداخلي لتمويل عجز الموازنة من خلال السندات، مؤكدة أن القروض الخارجية التي تسعى إليها حاليًا تهدف لتمويل برنامجها الاقتصادي.

وقالت الدكتورة عنايات النجار - خلال اتصال هاتفي مع مصراوي - ''إن الهدف الأساسي للقروض الخارجية التي تسعى الحكومة إليها حاليًا هو الحصول على قرض صندوق النقد الدولي لتمويل برنامجها الاقتصادي الذي تبنته لمواجهة الوضع الاقتصادي الحالي لمصر حاليًا الذي لا يحسد عليه''.

وأضافت ''ما يعجبني في الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه أول رئيس لمصر منذ عام 1952 يعترف بالمشاكل والمصائب التي تواجه الاقتصاد المصري، على عكس ما سبقوه حيث كان يتم تأجيل أي خطوات ينبغي اتخاذها لمواجهة الوضع الكارثي للاقتصاد المصري''.

وفي آخر تقييم لديون مصر، وفقًا لما أعلنه البنك المركزي في يونيو الماضي، بلغ الدين العام المحلي لمصر بنهاية مارس الماضي نحو 2.496 تريليون جنيه.

كما تتوقع الحكومة أن تصل ديون مصر إلى 3.1 تريليون جنيه بنهاية العام المالي الحالي (2016-2017) أي بنسبة 97 بالمئة من الناتج المحلي المتوقع لمصر والبالغ 3.2 تريليون جنيه بنهاية العام.

وتابعت عنايات النجار ''البرنامج الإصلاحي الذي تبنته الحكومة ووافق عليه مجلس النواب وصندوق النقد، يجب على الحكومة أن تقوم بتنفيذه ومنه الاتجاه إلى التعويم، لمواجهة ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء ووصله إلى أكثر من 15 جنيهات''.

وأكدت أن الحالة الاقتصادية لمصر لا تحتمل تأجيل تطيبق البرنامج الإصلاحي للاقتصاد، ''فأي قرارات مهما كانت صعبة من الأفضل أن تتخذ الآن''، مؤكدة أن الوضع الحالي للاقتصاد "كارثي" ومطلوب قرارات حاسمة ''وأي تأخير من الممكن أن تكون المصيبة معه أكبر من ذلك''.

وشددت الخبيرة، ''لا بد من سرعة التعويم نحن في وضع كارثي، ما يفعله المركزي من ضح 120 مليون دولار خلال عطائه الأسبوعي للبيع للبنوك بالسعر الرسمي (كلام فاضي)''، متسائلة ''من يستورد حاليًا بالسعر الرسمي؟.. ''. 

وارتفع الدين الخارجي لمصر خلال العام المالي الماضي (2015-2016) بقيمة 7.7 مليار دولار بنسبة زيادة 16 بالمئة، ليسجل أكبر زيادة سنوية في السنوات الثلاث الأخير، ليصل إلى مستوى قياسي جديد ويبلغ بنهاية يونيو الماضي 55.8 مليار دولار مقابل 48.1 مليار دولار بنهاية يونيو 2015، ومقابل 53.4 مليار دولار بنهاية مارس الماضي.

الاقتراض الخارجي

وانتهجت الحكومة خلال الفترات الأخيرة، سياسة التوجه إلى الأسواق الدولية، حيث تستهدف مصر الحصول على تمويل بمقدار 21 مليار دولار يشمل الاقتراض من صندوق النقد 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، ومصادر تمويلية أخرى.

ومن هذه المصادر التمويلية 3 مليار دولار من البنك الدولي خلال 3 سنوات، و1.5 مليار دولار من بنك التنمية الأفريقي في نفس المدة، بالإضافة إلى الاقتراض والحصول على ودائع من دول ومؤسسات أخرى.

كما تسعى الحكومة إلى إصدار سندات في الأسواق الدولية في حدود من 2 إلى 3 مليار دولار، وبرنامج طرح أسهم عدد من الشركات المملوكة للدولة في البورصة لجذب الاستثمارات.

وكانت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي، أكدت في تصريحات سابقة لها أن مجموع ما تم اجتذابه من التمويلات بمختلف أنواعها خلال عام بلغ نحو 15 مليار دولار.

وقام البنك الدولي بتحويل الشريحة الأولي البالغ قيمتها مليار دولار من تمويله المخصص لدعم برنامج الحكومة الاقتصادى التنموى، والبالغ قيمته 3 مليارات دولار على مدار 3 سنوات، كما قام بنك التنمية الأفريقي بتحويل الشريحة الأولى من قرض أيضًا، ويتم التفاوض حاليًا مع البنكين للحصول على الشريحة الثانية من التمويلين قبل نهاية العام.

كما قدمت كل من الإمارات والسعودية وديعتين لدى البنك المركزي المصري بقيمة 3 مليار دولار، مليار منها وديعة إماراتية لمدة 6 سنوات، ومليارين وديعة سعودية قال شريف إسماعيل رئيس الوزراء، لرويترز، اليوم إنها وصلت في شهر سبتمبر.

البنوك تفضل السلامة

ومن جانبه، قال محمد البهي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إنه ينبغي على الأداء الحكومي أن يكون متوازنًا من خلال زيادة الإيرادات مقابل المصروفات المرتفعة، بالإضافة إلى أن البنية التشريعية المتعلقة بالاستثمار كانت أولى في الإجراءات الخاصة بها، حيث أن بداية الترتيب الأبجدي العمل على جذب الاستثمارات الخارجية.

وأضاف محمد البهي، خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، ''الإشكالية الأكبر أن تكلفة ديون مصر زادت من خلال ارتفاع قيمة العملة الأجنبية، بالإضافة إلى تضاعف المديونية مقابل مشروعات قومية قد تكون ضرورية ولكن الحكومة توسعت دون أن تعمل بالتوازي على جذب الاستثمار المباشر''.

وذكر ''هناك مبالغة في تكلفة الاقتراض من البنوك بسبب اقتراض الحكومة سواء لتمويل المشروعات القومية التي أعلنتها أو لعجز الموازنة، فلا يعقل أن تصل الفائدة على شهادات الادخار إلى 12 و12.5 بالمئة، وبالتالي ارتفاع تكلفة الاقتراض إلى أكثر من ذلك، والمجال الصناعي لا يستطيع أن يتحمل تكلفة أكبر".

وتابع: "يأتي ذلك في الوقت الذي تؤْثر البنوك السلامة عبر الاستثمار بأذون وسندات الخزانة التي تعتبر أكثر ضمانًا لها''.

وأشار البهي إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أمر بضخ أموال بنحو 200 مليار للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة مبسطة، "وعلى الرغم من ذلك الحكومة ضعيفة جدًا لا تدرك قيمة الوقت بطيئة في اتخاذ الإجراءات"، معبرًا عن اعتقاده أنه لم يستفد الكثير من مبادرة الرئيس حتى الآن، بسبب صعوبة الإجراءات وضوابط الاقتراض.

ونبه إلى أن هذه الضوابط لا تنطبق على المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلا من خلال الصندوق الاجتماعي للتنمية والذي لا يتعدي الاقتراض المسموح به للعميل الواحد عن 100 ألف جنيه وهو مبلغ لا يؤدي إطلاقًا إلى إقامة مشروع مهما كان حجمه.

وطالب عضو اتحاد الصناعات، الحكومة العمل على إعادة النظر في المنظومة بالكامل، بالإضافة إلى وجود ضمانات لحماية للبنوك من المخاطر، حيث قال ''البنوك قد يكون لديها بعض الحق في الإحجام عن التوسع في إقراض القطاع الصناعي، والاتجاه إلى الاستثمار في الديون الحكومية".

وأضاف: "في وقت سابق عندما كانت تتعثر بعض المشروعات كان يتم حجز ومسائلة بعض المسؤولين بالبنوك بالتوازي مع القبض على صاحب المشروع، فعدنا في الوقت الحالي مرة أخرى إلى الأيدي المرتعشة''.

وأكد البهي أنه لا يوجد تعاون حالي بين القطاع الصناعي والبنوك، مبينًا أن هناك إشكالية أكبر من القروض وهي أن البنوك أصبح لديها عزوف عن توفير الدولار لأي نوع من الصناعات بصرف النظر عن أهميتها، وتسبب ذلك في توقف نشاط لبعض الصناعات وتراجعها نتيجة ندرة الدولار، وهي مشكلة أخطر من الاقتراض.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان