إعلان

تكبيرات العيد وصيغتها ووقت أدائها في عيد الفطر المبارك

تكبيرات العيد

تكبيرات العيد وصيغتها ووقت أدائها في عيد الفطر المبارك

10:50 م الجمعة 22 مايو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم: د. إبراهيم حسين يوسف الإسنوي
مدرس الفقه العام بجامعة الأزهر - عضو المراقبة والمتابعة بمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية


فإن ممّا أجمع الفقهاء على سُنّيّته وندّبه التكبير عند الغدو إلى صلاة العيد فرادي وجماعات، سواءً في المنازل أو الأسواق أو الطرقات إلى أن تبدأ الصلاة وبعد انقضائها، كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في كتابه "الأم": ( فإذا رَأَوْا هِلاَلَ شَوَّالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُكَبِّرَ الناس جَمَاعَةً وَفُرَادَى في الْمَسْجِدِ وَالأَسْوَاقِ وَالطُّرُقِ وَالْمَنَازِلِ وَمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ ـفي كل حَالٍ وَأَيْنَ كَانُوا- وَأَنْ يُظْهِرُوا التَّكْبِيرَ وَلاَ يَزَالُونَ يُكَبِّرُونَ حتى يَغْدُوَا إلَى الْمُصَلَّى وَبَعْدَ الْغُدُوِّ حتى يَخْرُجَ الإِمَامُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ يَدَعُوا التَّكْبِيرَ) اهـ.

أمّا وقت التكبير في عيد الفطر: فيكون ابتداءً من غروب شمس ليلة العيد – أي من بعد صلاة المغرب ليلة العيد، وبيان رُؤية هلال شهر شوال، وانتهاءً بحضور الإمام لصلاة العيد؛ عملًا بقول الله تعالى: (( وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )) [البقرة: 185]. ولِمَا روى عن أمِّ عطيَّةَ -رضي الله عنها- قالت: (( كنَّا نُؤمَر بالخروجِ في العيدين، والمُخبَّأةُ، والبِكرُ. قالت: الحُيَّضُ يَخرُجْنَ فيكنَّ خلفَ الناسِ، يُكبِّرْنَ مع الناسِ)).

رواه الإمام مسلم، وفي رواية الإمام البخاري -رحمه الله-: ((فيُكبِّرْنَ بتكبيرِهم)) .
ويُسنّ عند جمهور الفقهاء -غير الحنفيّة- الجهر بالتكبير في عيد الفطر المبارك للرجال أم النساء فتخفض به أصواتهن، سواءً في المنازل أو الطرقات أو الأسواق أو المُصلى؛ إظهارًا لشعائر الإسلام، وتذكيرًا للغير من المسلمين، ولأنّه فعل الصحابة الكرام، كما ثبت عن سيدنا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان (أنَّه كان يَجهَرُ بالتَّكبيرِ يومَ الفِطرِ إذا غدا إلى المُصلَّى، حتى يخرُجَ الإمامُ فيُكبِّرَ) أخرجه الإمام الدارقطني، والإمام الحاكم في المستدرك بلفظ (العيدين). وقال الإمام البغوي -رحمه الله-: (من السُنّة إظهار التكبير ليلتي العيدين -الفطر والأضحى- مقيمين وسفرا في منازلهم ومساجدهم، وأسواقهم، وبعد الغدو في الطريق، وبالمصلى إلى أن يحضر الإمام ).

صيغة التكبير: وأمّا صيغة تكبير العيد فالأمر فيها من الله تعالى على إطلاقه غير مقيّد بصيغة محددة؛ لقوله تعالى: (( وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ )) ولم يَرِد ما يقيد هذا الإطلاق في الشرع، فالأمر فيها واسع، عند جمهور الفقهاء، ولكن المشهور ممّا أُثر عن الصحابة الكرام كسلمان الفارسي وغيره أنها: ( الله أكبر الله أكبر -مرتان عند الحنفيّة أو ثلاثة عند الجمهور من المالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة-، لا إله إلا الله .. الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد ) لرواية الإمام شَريكٍ قال: قلتُ لأبي إسحاقَ: كيف كان يُكبِّر عليٌّ وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ؟ قال: (( كانا يقولان: اللهُ أكبر اللهُ أكبر، لا إلهَ إلَّا الله، واللهُ أكبر اللهُ أكبر، ولله الحَمْد)) رواه ابن أبي شيبة بأسناد جيّد . وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- في الفتح: ( وأما صيغة التكبير فأصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال: كبروا الله: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرًا ) اهـ .
وجمهور الفقهاء على استحباب سُنّة التسبيح والتحميد بين تكبيرات العيد، وهو عند المالكيّة خلاف الأولى، فيقول القائل بين تكبيرات العيد: ( الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلّم تسليمًا كثيرًا)؛ لما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سألت ابن مسعود رضي الله عنه عما يقوله بين تكبيرات العيد؟ قال:( يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي -ﷺ- ثم يدعو ويكبر) أخرجه البيهقي عن ابن مسعود قولًا وفعلًا بإسناد جيد. وقال الإمام الشافعي -رحمه الله-: (فإنّ زاد فقال: الله أكبرُ كبيراً، والحمدُ للَّه كثيرًا، وسُبْحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلاً، لا إلهَ إلا اللهُ، ولا نعبدُ إلا إيَّاه، مخلصين له الدِّينَ ولو كره الكافرون، لا إله إلا اللهُ وحدَهُ، صدَقَ وعده، ونصرَ عبدَه، وهزم الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله واللهُ أكبرُـ كان حسنًا ) اهـ.

وأما زيادة الصلاة على النبي -ﷺ- بعد كل تكبيرة من تكبيرات العيد فالجمهور من العلماء والفقهاء على استحسانها وجوازها وأنّه لا بأس بها، وهي عند الشافعيّة سُنّة مستحبة، للإمر باستحبابها في كل وقتٍ، ووقت الفرح والشكر لله تعالى أولى، ولعدم منافاتها للوارد شرعًا في ذلك، ولِمَا ثابت مشهورًا عن كبار تابعين التابعين وكبار علماء وفقهاء الأمّة الإسلامية المعتمدين، حتى صارت الْعَادَةُ جَارِيَة بين الناس بِإِتيَانِهِمْ بها بعد تمام التكبير، عَمَلًا بظَاهِرِ تفسير قول الله تعالى: (( رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ )) [الشرح:4] أنّ معناها: لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي .

وعليه: فتكون صيغة تكبير العيد الجامعة لكلّ سُنّةٍ ومستحبٍ شرعًا، المباركة باقتفاء آثار علماء وفقهاء الأُمّة الصالحون، هي ما استقرت عليها عادة الناس منذ أمد بمصر المحروسة، والتي استحسنها وصححّها الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- ونصّها:
(( الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله .
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِين له الدين ولو كره الكافرون .

اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا.

إعلان