إعلان

التجديد الإفتائي بين أقلام الصحافة والواقع المأمول

التجديد الإفتائي بين أقلام الصحافة والواقع المأمول

التجديد الإفتائي بين أقلام الصحافة والواقع المأمول

02:20 م الثلاثاء 02 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم: هبة صلاح

باحثة ومترجمة بدار الإفتاء المصرية

أعلنت دار الإفتاء المصرية، والتي تأتي في طليعة المؤسسات الدينية المعنية بإصدار الفتوى في مصر، منذ أسابيع قليلة عن انعقاد مؤتمرها العالمي الرابع في الفترة من 16 إلى 18 من شهر أكتوبر 2018 وعنوانه هذا العام "تجديد الفتوى بين النظرية والتطبيق"، وما من شك أن موضوع المؤتمر هذا العام ثري ويتوافق مع متطلبات العصر والتي على رأسها تجديد الخطاب الديني الذي يهدف إلى توفير محتوى يحترم العقول ويقوم بواجب الوقت تجاه القضايا المستجدة المطروحة للنقاش على الساحة.

تلا الإعلان عن انعقاد المؤتمر ظهور مجموعة لا بأس بها من المقالات والتقارير الصحفية التي عرضت لأهمية اختيار الموضوع وتناولت بالتحليل عدد المشاركين ومحاور وأهداف المؤتمر وغيرها من التفاصيل الهامة التي يتطلع إليها القراء من المتخصصين والعامة، حيث إن أمر الفتوى يجتمع فيه المفتي المتخصص المؤهل للفتيا والمستفتي من العامة وكلاهما محور الحديث عن إصدار وتجديد الفتوى؛ غير أن هناك من يتساءل حول انعقاد المؤتمر من خلال الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم وما علاقتها بدار الإفتاء المصرية كما ذكرت المقالات والتقارير الصحفية؟

ببساطة شديدة، الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم هي كيان مؤسسي خرج إلى النور في شهر أكتوبر عام 2015 كإحدى توصيات أول مؤتمر عقدته دار الإفتاء المصرية للحد من انتشار الفتاوى الشاذة والقضاء على ظاهرة تصدّر غير المتخصصين للفتوى، ومن ثمّ فإن الهدف من إنشاء الأمانة هو ترسيخ مفهوم "التخصص" لدى العامة وأن للفتوى شأناً عظيماً لا يمكن الاستهانة به أو التصدر لها دون علم! ولذلك تضم الأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم مجموعة متميزة من خيرة المفتين المتخصصين حول العالم يجتمعون دوريًا في هذا المؤتمر السنوي لمناقشة وعرض الأبحاث وتبادل الأفكار فيما يتعلق بالموضوع المحدد تحت رعاية كريمة من رئيس الجمهورية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وبرئاسة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، ويشرف على أعمال المؤتمر الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم الدكتور إبراهيم نجم.

لكن ينبغي هنا أن نوضح أمرًا غاية في الأهمية هو أن اقتصار المؤتمر على المفتين المتخصصين لا يعني احتكار الرأي أو الدوران في حلقة مفرغة أو الوقوع في فخ التحدث إلى أنفسنا كما يفهمه البعض، وإنما هذا هدفه الرئيس هو التمكين للمتخصصين حتى يقوموا بواجب الوقت تجاه مجتمعاتهم وخدمة مجال الفتوى كما ينبغ أن يكون دون إفراط أو تفريط.

يتم كل هذا الجهد في إطار من الشفافية تنقله وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي التي تسمح بالحوار والمشاركة وعرض الأفكار والتي تضعها الأمانة العامة نصب أعينها وذلك لليقين التام بأن الفتوى مرآة للمجتمع وقضاياه أو كما يطلق عليها أهل التخصص "الفتوى بنت زمانها" وهو ما يتطلب صياغة الفتاوى بشكل يتوافق مع تغير الأحوال والأماكن والأشخاص والأوقات، وهذا أيضًا ما يطلق عليه العلماء من أهل التخصص "الفتوى ومستجدات العصر" أي الأمور التي ظهرت في عصرنا الحالي لاختلاف وتطور الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية وأصبحت الشغل الشاغل للناس في أمور حياتهم ودينهم.

وفي الختام نقول لكي يخرج المؤتمر إلى الواقع الذي يتطلع العامة إلى تغييره من خلال الفتوى ويؤتي ثماره يجب على القائمين عليه أن يفسحوا مجالًا في السنوات القادمة للمشاركات المتنوعة من مختلف التخصصات بهدف إثراء عملية البحث في حد ذاتها والربط بين ما توصل إليه علماء الفقه وما توصل إليه المتخصصون في العلوم الاجتماعية والإنسانية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وأرى أن موضوع المؤتمر هذا العام يعد النواة لكل ذلك وسوف يؤسس في مجمل الحديث عن التجديد الإفتائي إلى السماح بقدر أكبر من الاندماج والخروج من الصورة النمطية لعقد مثل هذه المؤتمرات طالما أن الهدف هو "التجديد".

إعلان