إعلان

"بيكا.. كمال.. وشاكوش" رحلة القفز من "الهامش" بالإيقاع

07:19 م الخميس 29 يوليه 2021

بيكا ..كمال .. وشاكوش

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب-وائل توفيق:
غلاف-أحمد مولا:
جرافيك-أحمد ياسين:
تصوير-مصطفى الشيمي:

بعد أن اجتازوا، ظلامًا دامسًا، إلا من ضي أحمر يقتحم العتمة، يبدو مطرب المهرجانات حسن شاكوش مرتاحًا، اتسع شدقه بابتسامة مطمئنة، غير مبالٍ بكف يده المنفلت عن آخره؛ ليقبض على "الطاقة" المرموز عنها بزجاجة مشروب "ستنيج"، لكنه يركّز عينيه على صراع محتدم بين منافسيه حمو بيكا وعمر كمال اللذين يبدوان أكثر حماسًا وإصرارًا. يحكم الذعر حركتهما، غير أن "الأول" أكثر انزعاجًا، يحاول بيسراه تنحية الثاني ضاغطًا على جانب رأسه الأيمن دون جدوى، إذ تمتد يسرى "كمال" بإصرار متشبثًا بهدفه.

إن كان "بيكا" قد اختار موقعًا "في المنتصف" يجعله أقرب لحسم المنافسة، إلا أن ارتياح "شاكوش"، وضراوة "كمال" يؤكدان استمرارها، وهو ما يجعل "الهدف" أكثر حضورًا، وإن بدا رمزيًا.

الصورة رقم 1

هذه المشهدية اختزلت منافسة محتدمة بين ثلاثة مطربين الأكثر ذيوعًا في وسط موسيقى المهرجانات الشعبية منذ 3 سنوات تقريبًا. تهدأ حينًا، وتزداد حدتها أحيانًا، ربما يتحكم ثلاثتهم في رتمها في ظل تكهنات من الجمهور بأنهم يختلقون الأزمات "متفق عليها" بينهم ليظلوا في صدارة "التريند"، خاصة أنها تتكرر بشكل منتظم.

صراع

لحظة توهج أغنية "بنت الجيران" عام 2019، كانت نقطة التقاء "بيكا، شاكوش، وكمال" في صراع. بعد انتشارها المباغت، استفز "كمال" تجاهل "شاكوش" لوجوده في الأغنية فعبّر عن اعتراضه في الوسائل الإعلامية المختلفة وصفحته الخاصة بموقع "الفيس بوك"، إذ كتب: " مهما حاولت تبعد عمر كمال عن الصورة، في برامج ومقابلات وأخبار، وفي كل حتة. الناس عارفة كويس جدًا مين بيغني إيه وعارفة إن (سكر محلي محطوط على كريمة). (بنت الجيران شغلالي أنا عنيا).. كوبليهاتي". وتطرق لاستحواذ "شاكوش" على العائد المادي للأغنية التي قفزت في بداياتها لـ83 مليون مشاهدة، إضافة لتغيير اسمها على قناة اليوتيوب لـ"بهوايا أنتِ قاعدة معايا" بعد أن كان "بنت الجيران، عمر كمال وحسن شاكوش".

اقتحم "بيكا" الخلاف؛ ليبرهن أن "شاكوش" صنيعته "أنا اللي عملت حسن، والكل يشهد بذلك". لم يرد "شاكوش" مكتفيًا بنفيه لوجود أي خلافات.

نجاح "بنت الجيران" الضخم، وتصريحات "شاكوش" في وسائل الإعلام بأنه استعان بـ"كمال" الذي أدى الأغنية بصعوبة؛ لأنه "مطرب كلاسيكي"، استفز "بيكا"؛ ليجدد نقده اللاذع ثانية "أنا تاريخي أكبر منك يا شاكوش، أنا اللي خليتك موجود، وعملت تاريخك، أنت شبعت بعد جوع، وبتنزل تغني شغلي، ومتقللش من المهرجانات".

وبحلول شهر أبريل 2020 عقد بينهما جلسة صلح؛ ليتشاركوا في أغاني "مهرجانات" بينهم، منها "شمس المجرة"، وظهرا رفقة "كمال" في مقاطع فيديو كوميدية عديدة.

يصر "بيكا" على أنه صاحب الفضل في نجاح "كمال" و"شاكوش"، قال: "أنا أنتجت لشاكوش من 10 إلى 15 أغنية"، وهو ما يؤيده "كمال": "حمو بيكا سبب من الأسباب اللي عرفتنا للناس، حمو بيكا كان في فترة هو اللي معروف، وقناته متشافة جدًا، أول مهرجان معاه كان 15 مليونًا، لكن نجحت مع شاكوش أكتر".

الصورة رقم 2

ورفض "كمال" ما صرّح به "شاكوش"، أنا مسكت عمر كمال 12 ألف جنيه بعد بنت الجيران، الإيراد بتاعه كان أقل من كدا"، وجاء رد "كمال" لشعوره بالإهانة: "هو مش مدير أعمالي هو مش وصي عليا، هو ممسكنيش حاجة، أنا ما أخدتش في بنت الجيران فلوس، لأن ما اتفقتش معاه على فلوس، واللي أخدته بعد كدا كان مكافأة من ربنا على تعبي ومجهودي، وأول لقاء طلعت فيه مع مها أحمد، بتقولي تعالى قولتلها لا حضرتك صاحبي يبقى معايا على نفس الكنبة، كان أول برنامج يطلع فيه شاكوش بعد بنت الجيران".

يبدو صراع "بيكا، كمال، وشاكوش" أخلاقيًا، ينحو كل منهم لانتزاع صفات تمنحه بعدًا اجتماعيًا، اعترف "كمال": "حسن شاكوش مش سالك من جواه للناس حواليه، حمو بيكا من جواه طيب رغم أي حاجة، وأنا جدع وأبيض من جوايا، ومعرفش غير اللون الأبيض والأسود". وأحيانًا ما تُغلف بطابع "دعائي" وهو ما برز خلال خلاف "بيكا، وكمال" حول اتفاق عمل دعائي لمنتج تجاري، لكن الجمهور لمّح وقتها بأن الخلاف متفق عليه، خاصة أنهما ظهرا في مقطع فيديو بعدها بأيام قليلة.

صدام رسمي

تجابه المؤسسات الرسمية كل ما يحاول خلخلة منظومة قيمها، لاعتقادها الراسخ بأنها تصون النسيج الأخلاقي للمجتمع، حتى وإن كان مصدره يحوز تقدير وحفاوة الجمهور. إثر بروز نجومية "بيكا" من خلال مهرجان "رب الكون ميزنا بميزة" عام 2018 اندفع لتنظيم حفل جماهيري بمحافظة الإسكندرية، لم تتوانَ نقابة المهن الموسيقية عن طريق إدارة الشئون القانونية، بتحرير محضر رقم 13812لسنة 2018؛ لمنع إقامة الحفل حفاظًا على "الذوق العام وحقوق النقابة" حسبما صّرح النقيب هاني شاكر.

صدام من خارج دائرة "بيكا، كمال، وشاكوش" مع الجهات الرسمية وبعض الجمهور النخبوي، بمثابة حصى الطريق، يزعج دون أن يعطل السير. لكن ما منحهم مرونة التحايل على القرارات الرسمية، نشاطهم الكثيف على موقع التواصل الاجتماعي "اليوتيوب، والفيس بوك" والمنصات الموسيقية كـ"الساوند كلود" والـ"سبوتيفاي".

الحفاوة الجماهيرية "المحلية" التي انتزعتها أغاني المهرجانات أكسبتها بريقًا عالميًا، إذ احتلت 7 مهرجانات (شمس المجرة، بنت الجيران، وداع يا دنيا وداع، كارثة كارثة، أنتِ اللي سارقة القلب سرق، مساء النقص)، قائمة الأكثر استماعًا على تطبيق الموسيقى "ساوند كلود" لم تخرج غالبيتها من بين أغنيات "بيكا، كمال، وشاكوش"، إذ يبرز حضور الثاني في 5 منها.

تصاعد تقويض "مطربي المهرجانات" بتحرك من لجنة الإعلام بالبرلمان؛ لمناقشة طلبات الإحاطة المقدمة من النواب، التي تقترح إجراء تعديلات قانونية مشددة على ما اعتبرتهم "مروجي الألفاظ الخادشة للحياء والمسيئة للمجتمع المصري، ومفسدي الهوية المصرية"، وذلك في حضور نقيب الموسيقيين وخبراء متخصصين.

الصورة رقم 3

تقدم "بيكا" للحصول على عضوية نقابة المهن الموسيقية، وفشل. حكى: "غنيت قدام الأستاذ حلمي بكر حاجة لعبده الإسكندراني، ومعرفتش أغني على المقسوم، زي ما طلبوا مني، معرفتش لأن مكنش فيه طبله وإيقاع، قولت لهم من الأول أنا مش عايز أخش اللجنة، وكنت رايح أطلع كارنيه دي جي أصلًا، علشان عارف إني هسقط برضه، وحصل".

موقف نقيب المهن الموسيقية هاني شاكر من "أغاني المهرجانات" الأخير، يتسق مع رفضه الدائم لأغاني المهرجانات، إذ يصر على تقنين أوضاع بما أسماهم بـ"مؤدي" المهرجانات، بإجراء الاختبارات والخضوع للتقييم من قبل لجنة تقضي بقبولهم أو رفضهم الذي يترتب عليه منعهم من الغناء تمامًا، مثلما حصل مع "بيكا، التوت، موزة، وعنبة".

ويرى "بيكا" أن كلمات أغانيه بعيدة عن الإباحية، خاصة وأن الجمهور يرددها راقصًا على الموسيقى وتساءل "لو أنا مش فنان، وكلامي هابط، إزاي الناس بترقص عليه، ليه كل واحد ناجح يتقال عليه هابط؟"، ويعتبر معظم ما يغنيه ورد في أفلام سينمائية أو يتردد على ألسنة الناس في الشارع مثل "أمك صاحبتي"، بل يعتبرها أشبه بكلمات مطربين عالميين، قال" مايكل جاكسون والناس دي كلها بتشتم بعض في الأغاني، ومزيكتهم زي مزيكتنا". ويقترح تقنين أوضاعهم في النقابة تحت إطار شعبة "راب شعبي".

ويتنصل "كمال" من هذه التهمة متمسكًا بمسؤوليته عن "كوبليهاته" في الأغنية:" أنا مسؤول عن اللي بغنيه فقط، لكن رجلي جات من غير قصد، وعمري ما غنيت للخمور أو الحشيش، وأحيانا مبعرفش باقي كلمات الأغنية اللي هيغنيها معايا أي مطرب تاني، لأني مبحضرش تسجيل الأغنية كله". ويشيد بقرار نقابة المهن الموسيقية في المعاقبة على كلمات الأغاني وفق منظومتها الأخلاقية.

قرار نقابة المهنة الموسيقية الأخير، تضمّن مجابهة إضافية، ربما تقوض "بيكا" خاصة، والصادر في حقهم القرار، فقد صرّح، طارق مرتضى، المتحدث الإعلامي لـ"الموسيقيين" أنه ستتم مخاطبة إدارتي "اليوتيوب، وفيسبوك"؛ لمنع التعامل معهم لاعتبارات الحفاظ على "الصالح العام". وكان حمادة أبواليزيد قد أكد قبول "شاكوش" في المهن الموسيقية بعد "استكتابه" بديلًا عن شهادة محو الأمية.

كما استعاد "كمال" عضويته قبل أن يشارك في مسلسل "بين السما والأرض" بعد شطبها لأسباب أخلاقية منها: "غناؤه بعض الكلمات غير المقبولة".

ماضٍ مؤرق

رمزية "الظلام" الذي يبدو أقل حضورًا في صورة الإعلان التجاري لـ"ستينج" الذي استغل "منافستهم" كرمزية تستثير أعصاب الجمهور لشرائه، تبدو وكأنها إشارة لماضوية لثلاثتهم، إذ اجتازوا طفولة ومراهقة قاسية، نادرًا ما يفوتوا ظهورًا إعلاميًا دون التلميح عنها.

تفاوت طفيف بين معاناة "بيكا، كمال، وشاكوش"، إذ انقطع "الأول" عن التعليم قبل أن يتم مرحلته الابتدائية، وهو ما أعلنه في تصريحات صحفية قائلًا: "اشتغلت وأنا عندي 12 سنة عاملًا في محل كشري لمدة 9 سنين بـ3 جنيهات لمدة 12 ساعة في اليوم، بعدها اشتغلت نجار مسلح، وجزار، وتبّاع مع خالي، لحد ما اشتريت توكتوك علشان ما أشتغلش عند حد".

وتتماس ظروف "بيكا" مع "كمال" الذي اعترف في البرنامج اللبناني "الجديد": " اتمسح بيا بلاط الأرض، اشتغلت عامل نظافة وعامل إنتاج، وفرد أمن، وعامل في شركة السويس للصلب بـ400 جنيه في الأسبوع، وكنت بغني في قاعة محدش كان يدخلني إلا لو أنا لابس بدلة، ومكنش معايا فلوس أجيبها؛ لأن الأوردر بتاعي كله كان بـ300 جنيه، والبدلة تمنها 600 جنيه، واشتغلت فوكل ورا كل نجوم مصر، وكنت بنصب العدة في الأفراح الشعبية 6 ساعات شايل العدة على كتافي، الناس احتقروني كتير، كنت أقعد 6 ساعات أستني بره المحل، علشان يتقال لي خش غني".

تربى "كمال" وسط أسرة متدينة، أجبرته على إخفاء ميوله الفنية "مكنتش أجرؤ أقول لأبويا عاوز أغني، وتوفي وميعرفش إن صوتي حلو، ووالدتي مش محتاجة فلوسي، هي عايشة في مكان وأنا في مكان، وبتدعي ربنا يوفقني في أي مجال يرضى عنه، وزعلت جدًا من ظهوري مع الراقصة لورديانا في أغنية".

كما يحرص على إضفاء بعدٍ "ديني" لشخصيته مطربًا: "شغلي في الكباريهات أو الديسكو، لا ببص يمين ولا شمال، بخلص الأوردر وأمشي، ولسه محافظ على فرض ربنا، وربنا بيبصلي من جوا، وكل واحد حر".

لظروفه المادية لم يستطع "شاكوش" استكمال ممارسة كرة القدم بشكل احترافي، قال: "كنت أسافر من القاهرة للإسماعيلية، ألعب في النادي الإسماعيلي، مقدرتش أكمل لأن السفر كان كل يوم، بسبب الفقر، وبدأت أغني في نفس الوقت، في زفة العرايس بعشرة أو خمسة جنيه، في فيصل والهرم وميت عقبة، وكنت أروح البيت بأربعة أو خمسة جنيه، أشتري بجنبه لبن ونص جنيه بقسماط علشان أكل وأشبع وأعرف أنام".

يظل الماضي حاضرًا، بقصد أو بغير، فأحيانًا يجتره عمر كمال ردًا على من يواجهونه بمقاطع فيديو أو صور فوتوغرافية منه، ويعتبره فخرًا وإنجازًا، بل يصل إلى أبعد من ذلك ويصفهم بـ"الحقد"، يقول:" بيحطوهالي على الفيس عشان مش قادرين يبقوا زيي، الناس بتحقد وتنفسن عليا".

وينحاز "كمال" لمبدأ تفضيل "الحياة العملية" على "الشهادة التعليمية". ويتفق معه "بيكا" الذي يعتبر تفاوت الأجور بين المطربين والأطباء والمهندسين مسألة "تشغيل دماغ".

وينفي "كمال" عن نفسه صفة "مطرب مهرجانات"، بل ينتظر اللحظة المناسبة لتغييرها، إذ يقول: "أنا إنسان بفكر، أنا واخد دي عتبة لسكة تاني، إنما اللي إحنا بنعمله ده أغنية، إنما المزيكا اسمها مزيكا مهرجان، فسموها مهرجان، وأنا بعملها علشان زودتني شهرة، وكنت عايش طول عمري بره مصر، مقيم في السعودية والبحرين والامارات بغني خليجي، وعايش بره مصر وعندي إقامة، ولفيت البلاد دي بأغنية الغربة، قبل ما حد يعرفني من المهرجانات".

ويعتبر "بيكا" نفسه "مؤديًا" لا مطربًا أو مغنيًا، يقول: " أنا مش فنان، أنا مؤدي، ليا حضور بعرف أغني قدام المايك، أنا عاوز أكل عيش زيي زي أي حد"، وهو ما يتعارض معه "شاكوش" إذ يعتبر نفسه مطربًا.

لا يفضّل "شاكوش" افتعال الأزمات أو الصدام، يبدو حريصًا على توثيق علاقاته بمن وصفهم "الطبقات العالية"، وتمنى أن يصل إليهم، قال أثناء ظهوره في برنامج "شيخ الحارة" على شاشة "القاهرة والناس": " بكون مبسوط أكتر إني وصلت للناس دي، بس دماغهم غير دماغنا، معرفش ليه، مدخلتش وسطهم قوي، ويشرفني إني أخش في وسطهم، وأي حد يتمنى يوصل للمجتمع ده".

يتميز "شاكوش" بذكاء اجتماعي يؤهله لكسب ود فنانين ورياضيين، خارج إطار وسط مطربي المهرجانات الشعبية، إذ ربط في تصريحاته بينه وبين الفنان محمد منير، و"صديقه" محمد حماقي، ويتحرر من "الكنى والألقاب" فيصف الفنان محمد رمضان "نمبر وان" بـ"محمد"، ويتخفف من التنميط والرسمية في حديثه عن الفنانة غادة عادل "حبيبتي غادة عادل"، وهو ما دفع الجمهور لترديد شائعة زواجهما أو وجود علاقة عاطفية بينهما على الأقل، وخرجت "عادل" ونفتها على صفحتها الخاصة بـ"إنستجرام".

ويحاول تأطير نفسه كـ"شخصية عامة" عبر لقاءات تليفزيونية ظهر فيها صديقًا قديمًا لنجوم كرة القدم، إضافة إلى نشر مقاطع فيديو من داخل صالات رياضية، يوجه فيها نصائح للجمهور للحفاظ على صحتهم ولياقتهم البدنية والابتعاد عن المخدرات وما يؤذي حياتهم.

ويمرر من خلال الترويج لمهارة تقليد الفنانين، طلبه لإتاحة فرصة له للظهور في الأعمال الفنية، دراميًا أو سينمائيًا ممثلًا بعيدًا عن كونه مطربًا.

الشيء الوحيد الذي لم يختلف فيه "بيكا، كمال، وشاكوش" شعورهم بالمؤامرة كون "الناس" تكره نجاحهم.

بعد أن ُطرح الإعلان بصيغته المتلفزة، نُشرت كواليس تصويره في قالب "كوميدي" بطله "بيكا" الذي يلجأ لاستخدام حيلة "السذاجة" المقصودة في نطق الكلمات لحظة تسجيل أغانيه، مثل "سالون باتيه بالسمسم هات" للترويج لمهرجان "باتون ساليه بالسميم هات".

بداية الإعلان يظهر "شاب" كرمزية للـ"ضعف" في إشارة لما كان عليه "بيكا، كمال، وشاكوش". يختفي "الشاب" وتبقى رمزيته متجسدة في التحول النوعي لمسيرة المغنيين الثلاثة. يصرخ "شاكوش" بطبقات صوته العالية "شقيان" وهو يستقل دراجة بخارية متحفزًا ومهددًا لمن يعرقل طريقه، إذ يغني "تيجي في طريقي ريقي، هتاخد شاور شاور"، ثم يظهر "كمال" يغني "سندال على الأرض ثبت، مع إني شوية تعبت"، يعقبه "بيكا" مترنحًا من تراكم مشقة العمل "أنا فاصل، ولا شاي ولا قهوة بناقص".

الصورة رقم 4

فُكت المنافسة في الإعلان المتلفز، قسمت المساحة، كل منهم عبّر عن رحلته بإيقاعه الخاص، "شاكوِش" بصوته الزاعق، "كمال" مطربًا، "بيكا" مؤديًا. ارتدوا زي "العمّال" المرادف للكفاح والكد.

تحول اجتماعي

لافتات الإعلان الضخمة، وُزعت في مواقع "عالية" بشوارع القاهرة، تلفت النظر، تجذب العيون "لأعلى".

الصورة رقم 5

في اللحظة التي كانت بعض الوسائل الإعلامية والجمهور، تطرح قصص كفاح المغنيين الثلاثة، مستعينة بصورهم الفوتوغرافية لهيئاتهم المُتعبة، كان الـ"ثلاثة" منهمكين في تصدير صورهم الذهنية الجديدة، "حمو" يخرج للجمهور عبر بث مباشر على صفحته الخاصة بموقع "الفيس بوك" بعد أن يناديه "يلا تعالوا، كله يجمع"، ثم يعقب النداء بعبارات التودد "أخواتي وحبايبي، أحلى جمهور في الدنيا". لم تختلف الصيغة كثيرًا عند "شاكوش، وكمال". ترسخت "النجومية". تغيرت مواقع بث الفيديوهات من غرفة الأستوديو الصغيرة، للفنادق الفخمة والأماكن الساحلية مرتفعة التكاليف، لمكاتب شركاتهم الجديدة.

ارتفعت أجورهم، وتعددت منافذ العمل في الحفلات والأفراح والفنادق، إضافة لأرباح "اليوتيوب". قبل قفزة "بنت الجيران" لم يتخطى أجر "شاكوش" 5 آلاف جنيه، كشف لبرنامج "شيخ الحارة": "كنت باخد 5 آلاف جنيه، حاليًا بتكلم في 30 ألف بالفرقة، و20 من غير الفرقة، أما الحفلات فأطلب مبلغًا أكبر بكثير، زمان كان ممكن أروح زفة آخد 10 جنيهات من أهل العريس أو العروسة".

ونفذ "شاكوش" في اليوم الواحد 12 تعاقدًا، "يوم حفل الاستاد، كان عندي 12 أوردر، من بورسعيد للإسماعيلية، لأكتوبر، لحفل الاستاد، خلصت 8 الصبح، ومرحتش أوردر حفل عيد ملاد بنت الكابتن عصام الحضري".

طُلب "شاكوش" لحفلات خارج مصر، لدول عربية وأجنبية " سافرت تايلاند وتونس والمغرب والإمارات والبحرين".

أما "كمال" فقد اعترف في مداخلة هاتفية لبرنامج "كل يوم" للإعلامي عمرو أديب، أن أجره زاد بمعدل يتراوح بين 2 أو 3 آلاف جنيه. لكنه كان قد سبق "شاكوش، وبيكا" في السفر خارج مصر للعمل في حفلات فنادق الدول العربية.

وفي برنامج "شيخ الحارة"، كشف عن أجره قبل شهرته: "كنت باخد أنا وفرقتي ألف أو 2000 جنيه، وقبل بنت الجيران مكنش الفن بيأكل عيش".

انتفخت أوداج "بيكا" عندما ألمحت إيناس الدغيدي عن صعوبة دخوله الفنادق الأرستقراطية، وزعق قائلًا: "أنا أول واحد دخل الفنادق دي وغنيت فيها". وتضخم عدد أغنياته على موقع "اليوتيوب"، كشف "أنا بسجل في اليوم 5 أغاني، أنا عامل 1500 تراك". قبل أزمة انتشار فيروس "كورونا المستجد" كانت أرباح "بيكا" تتراوح بين 7 إلى 9 آلاف دولار شهريًا (يتراوح بالجنيه المصري بين 109.200 ألف إلى 140.400 ألف جنيه).

ومؤخرًا لم تتخطَ الـ3 آلاف دولار شهريًا أي ما يعادل (46.5 ألف جنيه مصري).

دشن "بيكا" شركته الخاصة باسم "شركة VIP للإنتاج الفني" وتوجها بدروع "اليوتيوب"، بعد أن وضع في مدخلها "أسدين" رمزًا للقوة. وافتتح مؤخرًا محلات تجارية "كافيهًا، ومطعمًا" في حضور تخمة من الفنانين.

وافتتح "كمال" شركة إنتاج باسمه تتولى إنتاج أعماله الفنية.

وافتتح "شاكوش" مطعمًا باسم "شاكوش مصر" بعد "صالون حلاقة الشعر".

حرص المغنون الثلاثة، على تدجيج شهرتهم، بمظاهر اجتماعية تتوافق مع تدرجهم الطبقي السريع، اشتروا سيارات فاخرة، تخطت أسعارها المليون جنيه. أعلن "بيكا": "عندي عربية مرسيدس، وعربية أودي، جايبهم بالتقسيط". واقتني "كمال" سيارات "x6 ورانج روفر" كان يحلم باقتنائهما.

ولم يختلف طراز سيارات "شاكوش" عنهما.

وتنافسوا أثناء اقتنائها وبعدها بالظهور في صور فوتوغرافية يستعرضون فيها سياراتهم أو مشاريعهم التجارية أو شركاتهم الخاصة.

في فترة السبعينيات، كان المواطن المصري يهاجر لبلاد الخليج، أملًا في جني المال، الذي صعد به لدرجات أعلى في السلم الاجتماعي.

في كتابه "ماذا حدث للمصريين" يبرهن الكاتب جلال أمين، على أن "الهجرة" كانت منفذا للصعود الاجتماعي أمام طوائف واسعة من الشعب المصري، دون توفر درجة تذكر من التعليم ومن رأس المال. ومن ثم كان للـ "مهاجر" فرصة أكبر لاقتناء رموز جديدة للتميز ترفعه درجات فوق أقرانه الذين لم تتح لهم نفس الفرصة.

التطور التكنولوجي الهائل في السنوات الأخيرة، أتاح مرونة واسعة أمام قطاعات معقولة، للتربح دون الحاجة للهجرة لبلاد بعيدة، ارتفعت تكاليف الإقامة وتصاريح العمل بها. اكتفى بهجرة "معنوية" بإجادة مهارات عصرية تعضد قدراته للتربح بالعملة الصعبة من مواقع التواصل الاجتماعي أبرزها "اليوتيوب"، إذ لجأت بعض "ربات البيوت" لهذه المواقع ببث مقاطع فيديو تظهر فيها أثناء "الطهو، أو التسوق"، وغيرها من الأنشطة التي تحقق مشاهدات مرتفعة تعود عليها بالمال، فتكسبها ميزة اجتماعية حسب قيمتها وزيادتها مستقبلًا.

استغل "بيكا، كمال، وشاكوش" هجرتهم "المعنوية" بجانب هجرتهم "المؤقتة" للفنادق الأوربية والعربية، وتربحوا أموالًا مرتفعة، وضعتهم في مراكز اجتماعية تختلف عن أقرانهم وأسرهم.

انتقل "شاكوش" للعيش في "فيلا" بمنطقة أكتوبر، و"كمال" يعيش بعيدًا عن أسرته، و"بيكا" استعرض ديكورات شقة الزوجية مرتفعة التكلفة.

يشير "أمين" في كتابه، إلى أن التضخم الذي يدفع عجلة الحراك الاجتماعي يؤدي إلى إضافة مصادر جديدة لدخل الأسرة، وانتساب الأسرة الواحدة لمراكز اجتماعية مختلفة باختلاف مصادر دخل أفرادها.

وبتنوع مصادر دخول الثلاثة، وارتفاع دخولهم، اكتسبوا مراكز اجتماعية تختلف كليًا عن أسرهم، إذ عبّر "شاكوش" عن عدم ارتياح والدته للعيش لأيام في الـ"فيلا" التي انتقل إليها، ولا تزال والدة "كمال" تتكفل بحياتها من مرتبها الحكومي.

ويأمل "بيكا، كمال، وشاكوش" أن "ياكلوا عيش زي بقية الناس" كي لا تُقطع أرزاق فرقهم التي تدير أعمالهم الفنية، وتتحسن نظرة الناس تجاههم "محدش يبصلنا بصة وحشة".

الصورة رقم 6

وستظل علاقتهم وطيدة تحت شعار، ردده ثلاثتهم في مقطع فيديو على "إنستجرام "يا نعيش عيشة فل يا نموت إحنا الكل".

فيديو قد يعجبك: