إعلان

بعد حادث الانفجار.. مرضى ينتظرون أمام معهد الأورام على أمل العلاج

03:21 م الإثنين 05 أغسطس 2019

مرضى ينتظرون أمام معهد الأورام

كتبت-شروق غنيم ورنا الجميعي ومحمد مهدي:
تصوير- شروق غنيم:

قدموا دون علم بأن ثمة حادث ضخم هنا، أناس ينتظرون جلسة كيماوي أو سحب عينة، أو كان لديهم موعد محدد مع طبيب، غير أن كل أملهم تكسر عند باب معهد الأورام مع حادث التصادم الذي حدث منتصف ليلة أمس.

داخل المعهد أمس الأحد استقرت فايزة فراج في غرفتها، تحاول اتباع نصائح الطبيب بضرورة تناول الطعام استعدادًا لعملية الصباح والتي يلزم أن تصوم وقتها، أنهت السيدة الخمسينية وجبتها، تنتظر الصباح بعد مضي ٧ أيام لها في المكان، غير أن بحلول الحادية عشر ونصف مساءً تبدل حال.

1

صوت قوي هّز أرجاء المكان، لم تمر ثواني وتهشّمت نافذة غرفتها الزجاجية، تناثر الزجاج على السرير بينما تحاول هي الهرولة مع باقي المرضى لمحاولة النجاة.

تحكي فايزة أن مصعد المعهد سقط، فما كان من المرضى سوى الهرولة على السلالم "مكنش فيا أعصاب من الدخان والخرعة اللي حصلت لي"، خرجت السيدة الخمسنية من أبواب المكان "كأنك في جهنم، نار ودخنة كبيرة وناس بتتحرق"، حاولت "صلب طولي وجريت بسرعة لبرة".

من أطفيح جاءت السيدة الخمسينية وحدها، لكن ابنها الأكبر وعدها المجئ صباح اليوم لمرافقتها في العملية "مبقيتش عارفة أجري أروح على فين، والصدمة مخلتش فيا أعصاب"، فتّشت فايزة عن مكان للمبيت "في واحدة قولتلها تستضيفني لحد الصبح بس أما ييجي ابني، وقد كان".

2

مرت ساعات الليل ببطء، لم يزر النوم أعين السيدة الخمسنينة، بات الخوف من العملية آخر ما يُشغلها "في لحظة كان ممكن أموت بس ولا من العملية ولا السرطان"، في الصباح جاء ابنها الأكبر إلى المكان "مكنش عارف اللي حصل".

لساعات انتظرت فايزة على أبواب المعهد، يتجمع من حولها عشرات المرضى ممن لهم موعد مع المشفى اليوم، لا تعلم مصير عمليتها سوى "اللي شوفته أضعاف المرض اللي بينهش فيا".

حل الصباح ثقيلَا على النفوس، أعين المارة ذاهلة فيما تري، سيدة تطلق العنان لدعوة من القلب "ربنا ينتقم منهم اللي عملوا كدا بحق الناس اللي عايزين يتعالجوا دول"، من القليوبية قدمت الحاجة أم هاشم مصطفى لتأخذ جلسة كيماوي، تقول إنها جاءت، أمس، لتحصل على جلستها حيث انها مريضة بسرطان الرئة، غير أنها تعرضت لأزمة قلبية اضطرتها للتأجيل لليوم التالي، وغادرت مبكرًا قبل الحادث بساعات.

3

لم تعلم السيدة بما حدث أمس من تصادم سيارات أدى إلى وفاة ١٩ وإصابة ٣٠ شخص جراء ذلك، جاءت الحاجة ام هاشم برفقة ابنتها صباحًا لتدخل إلى المعهد غير أن الأمن رفض دخولها، حالة من التوتر والأسى تسود المكان، لم تكن وحدها في ذلك فالجميع منتظر على باب المعهد وسط رائحة الدم التي تفوح بالمكان دون وجود من يطمئنهم بما يمكنهم فعله.

كذلك جاءت السيدة فوزية برفقة ابنتها الصغيرة المصابة بورم داخل الفم، ليلة امس كانت الأم داخل المعهد حتى الثامنة مساء "مكنش فيه اي حاجة تقلق وقتها"، بعدها غادرت الام بغية القدوم صباحًا لاستكمال علاج ابنتها "الدكتور حدد لي معاد النهاردة الساعة ٩".

4

حين غادرت السيدة فوزية متعبة من رحلة العلاج رجعت إلى المنزل لتنام على الفور، دون أن تعلم بما حدث منتصف الليلة، في الثامنة صباحًا قدمت الأم بصحبة ابنتها لموعدها المحدد، لكنها لم تجد سوى المنع "مفيش دكاترة النهاردة"، وسط الزحام وثرثرة المارة والمرضى عن الحادث ظلت فوزية لثلاث ساعات تترقب على أمل، غير أنها اضطرت للعودة خائبة "بنتي محتاجة تتعالج بسرعة ومش عارفة الحل ايه".

بجلباب بسيط يقف سيد نادي على بوابة معهد الأورام، يحاول دون الجدوى الدخول إلى المكان لحجز موعد لإجراء تحاليل لابنته الصغيرة التي تعاني من الاصابة بورم في بطنها "أنا معرفتش موضوع الحادثة الا لما جيت، وبيقولولي تعالى بكرة نشوف الدنيا وصلت لإيه" المبنى الرئيسي لا يستطيع بالفعل استقبال المرضى نظرا لحالته السيئة بعد تصدع المبنى-وفق أحد العاملين بالمعهد.

يندب نادي حظه الذي تسبب في تأخر موعد تحاليل ابنته حتى اليوم الاثنين "كان مفروض نعملها امبارح بس ملحقناش دور فجيت النهاردة من بدري" الرجل قادم منذ أيام رفقة طفلته صاحبة ال ٨ سنوات من الفيوم ولا يمكنه البقاء في القاهرة كثيرا.

لم يترك نفسه لليأس، لا يملك رفاهية الرحيل بدون إجراء تحاليل لابنته المريضة، يمر على كافة أبواب المعهد عله يجد وسيلة لإتمام حاجته "صعب أمشي قبل ما أعمل التحاليل، والمعهد هو حلنا الوحيد".

على بعد أمتار من المعهد يحمل أحمد ابنه جيدا، عيناه زائغة، الشمس فوق رأسيهما لا ترحم، يبحث عن وسيلة بديلة لأبواب المعهد المغلقة "ابني تعبان ولازم الحقه" جاء الرجل العشريني من بني سويف في الصباح الباكر "لقيت المستشفى على حالتها دي، مكناش نعرف".

WhatsApp Image 2019-08-05 at 1.34.22 PM

ظل أحمد أمام المعهد في انتظار الفرج "مش هينفع ارجع بني سويف من غير ما أكشف على ابني" يحاول عدم إفلات الطفل في الزحام، يسأل مرارا وتكرارا رجال الأمن المتواجدين على البوابة، يحاولون معه "أديك شايف الوضع" لكنه لا يتخلى عن أمله في علاج ابنه رغم الظروف الصعبة.

قريبَا من المعهد جاءت اسرة محمد السيد -اسم مستعار- على الموتوسيكل فيما دفن صغيرهم نفسه بين والديه، التّفت الكمامة بإحكام حوله وجهه، بينما يحاول أبيه إيجاد حل؛ يُلقي الأب الثلاثيني نظرة ذاهلة على واجهة المعهد القومي للأورام وقد تغير حاله بعد الانفجار الذي وقع أمامه، ثم يولي نظره بحزن لصغيره بعدما كان على موعد صباح اليوم الاثنين مع عملية عاجلة.

5

قبل عام اكتشف السيد، أن ابنه أحمد أصيب بسرطان الدم، جولات على المستشفيات حتى أدله أحدهم على المعهد القومي للأورام. طيلة عام يأخذ الصغير العلاج، غير أن الأطباء أخبروه بضرورة إجراء عملية وتحدد موعدها الخامس من أغسطس.

لم يكن يعلم الأب الثلاثيني ما جرى بالمعهد، فوجئ صباح اليوم رفقة أسر أخرى بما حدث، حاول الدخول للمكان لمعرفة موعد آخر للعملية لكن الدخول كان ممنوعًا فعاد أدراجه "بس حد قالي تعالى يوم الخميس تكون الدنيا هديت".

فيديو قد يعجبك: