إعلان

في ذكراها السابعة.. هل حققت ثورة تونس النجاح المنشود؟

04:25 م الأحد 14 يناير 2018

ثورة تونس 2011- صورة أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

تحل اليوم الذكرى السنوية السابعة للانتفاضة التونسية التي تسمى مجازا "ثورة الياسمين"، والتي يُنظر إليها على أنها الشرارة التي أشعلت فتيل انتفاضات "الربيع العربي"، إلا أن الإرث الثقيل الذي ورثته الحكومات التونسية المتعاقبة على حكم البلاد منذ فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011، عطل مسيرة الثورة وأعاق تحقيق مطالب التونسيين الذين لا زالوا حتى الآن يعانون تحت وطأة صعوبات أمنية واقتصادية كانوا يأملون في اختفائها مع رحيل بن علي.

لعل أحدث مثال على تلك المعاناة الاحتجاجات التي شهدتها تونس في الأيام الأخيرة، بعد رفع أسعار العديد من المواد الأساسية في السلة الغذائية التونسية اثر اعتمال قانون المالية الجديد في 2018.

قاربت معدلات البطالة المستويات التي كانت عليها بعد تسعة أشهر من ثورة الياسمين (18.3 بالمئة في الربع الثالث من عام 2011) إذ وصلت إلى 15.3 في المئة في الربع الثالث من 2017. وكانت البطالة في معدل 13 في المئة في نهاية 2010.

تدفع هذه المعطيات إلى التساؤل، هل كانت الثورة التونسية التجربة الوحيدة التي نجحت دون عن باقي الثورات رغم الاحتجاجات التي تشهدها البلاد الآن؟

قالت الإعلامية والصحفية التونسية مبروكة خذير إن ثورة تونس تُعد تجربة ناجحة مقارنة بثورات الربيع العربي، خاصة وأن البلاد خرجت من الثورة بأخف الأضرار، بالنظر إلى ما يحدث في ليبيا من أحداث إرهابية، والاضطرابات التي شهدتها مصر، وعدم الاستقرار والحرب الأهلية في سوريا، وكذلك العراق، وباقي الدول.

والمكسب الأكبر الذي حققته الثورة في تونس، بحسب ما قالته خذير لمصراوي، هو اتساع مساحات الحريات، فأصبح الشعب التونسي حرا، الصحافة حرة، منظمات المجتمع المدني قادرة على العمل في كنف الحرية، بعد أن "تفنن نظام بن علي في قمع الحريات في البلاد".

قالت خذير: "منذ سبع سنوات كنا تحت التضييق، والديكتاتورية لم تسمح لأي كان بأن يفتح فمه، ويعبر عن رأيه بطلاقة وحرية".

"توفير مساحات"

واتفق الكاتب الصحفي عبدالله السناوي مع الإعلامية التونسية، وقال إن التجربة التونسية تُعامل على أنها تجربة ناجحة لأنها استطاعت الحفاظ على الحريات العامة، رغم أنها لم تقدم أي انجاز اجتماعي حقيقي، وربما تكون أوضاعها تدهورت.

وأضاف السناوي لمصراوي: "المكسب الوحيد الذي حققته الثورة لتونس ليس في تغيير بنية تحتية أو رفع المظالم أو تخفيض الفساد، بقدر توفير مساحات صحفية وسياسية وإعلامية أكبر وفرص حقيقية لتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع".

وعانت حقوق الانسان في تونس قبل الثورة، وسجلت المنظمات الحقوقية انتهاكات جسيمة شهدها المواطنين، كما أشارت في تقارير صادرة عنها، إلى حدوث جرائم تعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في السجون.

وحصلت التونسيات على بعض الحقوق التي حُرمن منها، وتضمن الدستور الجديد بعض النصوص التي اعتبرتها المرأة التونسية تنصفها وتُعلي قيمتها منها "اعتماد مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز".

"نجاح جوهري"

اعتبر كامل بن يونس، صحفي تونسي، أن مسار الإصلاح نجح بشكل جوهري في بلاده، إلا أنه تعثر بحكم الصعوبات الموضوعية، والتي أبرزها الصعوبات الاقتصادية الكبيرة، التي ورثتها الحكومات الجديدة عن مرحلة ما قبل الثورة.

وقال بن يونس، لمصراوي، "ربما تونس صمدت أكثر من غيرها لأن اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، والتربوية والأمنية أقوي بكثير، وأكثر تعقيدا من البلدان الأخرى، مثل مصر وسوريا والعراق واليمن."

وأوضح أن الصراعات والمشاكل الاقليمية أثقلت كاهل الحكومة التونسية، وأهمها الصراعات في ليبيا والجزائر، اللتان كانتا تشكلان مصدر رزق للكثير من التونسيين، خاصة للجنوب التونسي.

وقال "أصحبت ليبيا تشكل ضغطًا كبيرًا على تونس، وعبئا على الحكومة، لاسيما وأن ملايين الليبيين الآن يعيشون في تونس، ويستخدمون المواد المدعومة."

ومع الاضطرابات في ليبيا في 2011، فرّ الليبيون إلى تونس هربًا من أعمال العنف والسرقة والنهب التي تحدث في بلادهم، وشهد مركز راس جدير الحدودي تدفق تزيدا ملحوظًا في أعداد المهاجرين.

وأفادت تقارير عام 2014، أن عدد اللاجئين الليبيين في تونس تجاوز 50 ألف شخص عام 2015، ويزداد مع مرور الوقت، ما أثار قلق الحكومة التونسية من عجزها عن سد احتياجاتهم.

"عرقلة الحكومة"

فيما وجدت الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن الثورة التونسية لا تعد النموذج الأكثر نجاحًا بين الثورات التي شهدتها الدول العربية منذ 7 سنوات، والدليل على ذلك، على حد قولها هو نزول المواطنين إلى الشوارع مرة أخرى محتجين على الأوضاع الاقتصادية السيئة.

وبحسب الطويل، فإن انعدام الثقة بين الأطراف المرتبطة بالتيار المدني والأطراف الأخرى المرتبطة بحزب النهضة، تسبب في عرقلة الحكومة طوال الفترة الماضية.

وقالت خبيرة الشؤون الأفريقية لمصراوي: "مفردات الثورة التونسية لم تساعد على تحقيق استقرارًا سياسيًا بدليل، أو تقدم اقتصادي".

"أزمة خانقة"

تخنق الأزمة الاقتصادية الشعب التونسي وتجعله يشعره بأنه يدفع ضريبة ليس عليه دفعها، وتقول خذير، الصحفية التونسية، إن الضربات الإرهابية التي شهدتها بلادها السنوات الماضية، كان لها تأثيرًا سيئًا على الاقتصاد والاستثمار، ودفعت بعض المستثمرين للمغادرة البلاد، كما أنها أثرت على قطاع السياحة، والذي يعد من أهم مصادر توفير الدخل لتونس.

وشهدت تونس حالة من الفوضى عقب الاطاحة بزين العابدين بن علي، ما خلق مساحة جيدة للإرهابيين والمتشددين لتنفيذ عمليات إرهابية، واستغلال بعض المساحات النائية لتكون مقرًا لحركاتهم الجهادية.

وبحسب بن يونس، فإن أكبر المشاكل التي وقعت فيها الحكومات التي أعقبت الثورة كان عدم اعطاء الأولوية للمطالب الاقتصادية والاصلاحات الاجتماعية، إذ منحت النخب السياسية-الليبرالية والاسلامية-اهتمامهم بمطالب سياسية مثل تعطيل الدستور وكتابة دستور جديد.

وقال "أضاع السياسيون سنوات بعد الثورة لكتابة دستور جديد".

فيديو قد يعجبك: