إعلان

تركيا.. 56 عاما من الانقلابات

12:06 م السبت 15 يوليه 2017

أتراك يحتفلون بفشل الانقلاب 2016- أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

 

كتبت- هدى الشيمي:

في مساء 15 يوليو العام الماضي، فوجئ الشعب التركي بنزول المدرعات العسكرية وانتشار الجنود في الشوارع وعدة مراكز حيوية في المدن التركية.

بعد وقت قصير سمعوا بيانا للجيش يُعلن فيه الانقلاب على الحكومة، والاستيلاء على الحكم في البلاد. هنا انقسم الشعب، بعضهم انضم إلى صفوف الجيش مُعربا عن رفضه لحكومة أردوغان، والآخر نزل للتظاهر بعد دعوات الرئيس التركي بالنزول إلى الشوارع لحماية الشرعية في البلاد.

ومع حلول الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، كان كل شيء تحت السيطرة، فأعلنت الحكومة التركية سيطرتها على الوضع، وإنهاء محاولة الانقلاب الفاشلة، والتي على إثرها قامت بحملة اعتقالات وإقالات طالت أكثر من 180 ألف شخص.

ولم تكن محاولة الانقلاب الفاشلة الأولى، إذ شهدت تركيا عدة انقلابات في تاريخها الحديث، تسببت في سفك الدماء والاعتقالات والتعذيب، وانتشار الفوضى في البلاد، وفيما يلي نستعرض أبرزها:

"انقلاب الأول"

يعد أول انقلاب في تاريخ تركيا، وكان بهدف إنهاء حكم عصمت إينونو، خليفة الزعيم التركي الراحل مصطفى كمال أتاتورك، والتخلص من رئيس وزرائه عدنان مندريس، والذي قام بالكثير من الإجراءات اشتملت على إعادة الأذان باللغة العربية، والسماح بقراءة القرآن بها، وافتتاح أول معهد لتدريس علوم الشريعة، وتطوير الزراعة وافتتاح المصانع وتشييد الطرق والكباري والمدارس والجامعات.

وتسببت زيادة شعبية مندريس في اغضاب الشعب الجمهوري والعديد من الأحزاب العلمانية الأخرى، ما دفعها لافتعال اضطرابات ضده، فتآمرت العديد من الأحزاب ضده، وخططوا للانقلاب ضده.

شرعت الأحزاب العلمانية التركية في حشد الشعب وخاصة المعارضين، وحاولوا العثور على الثغرات التي يعاني منها نظام مندريس، وتسليط الضوء عليها، ونجحوا في الوصول إلى مناهضي الحكومة في الجامعات والمدارس، وبعد فترة قصيرة خرجت مظاهرات كبيرة، ووقفات احتجاجية صامتة في العديد من المدن التركية، أبرزها اسطنبول وأنقرة.

وبعد أيام، استطاع 38 ضابطا برئاسة اللواء جمال جورسيل السيطرة على الحكم، مُعلنين الانقلاب على الحكومة، وإحالة ما يزيد عن 200 من قيادات الجيش وخمسة آلاف ضابط بينهم رئيس هيئة الأركان إلى التقاعد.

وأعلن جورسيل الأحكام العرفية، وحاصرت الدبابات مبنى البرلمان، وأوقفت نشاط الحزب الديمقراطي، واعتقال مندريس، وعدد من الوزراء، ثم حكموا عليهم بالإعدام، ونفذوا الحكم بعد أربعة أشهر.

"انقلاب المذكرة"

لم تستقر الأوضاع في تركيا بعد الانقلاب العسكري، وإعدام مندريس، حتى بعد تولي سليمان دميرل رئاسة الوزراء، والذي حظى بشعبية كبيرة وأحبه الشعب وجعلوه رئيسا للوزراء رغم الخلافات بينه وبين الجيش الذي هيمن على البلاد آنذاك.

تولى دميرل رئاسة الوزراء لأول مرة عام 1965، وانتخبه الشعب مرة أخرى عام 1969، رغم الكم الهائل من الانشقاقات الداخلية، والاضطرابات التي شهدها حزبه، حزب العدالة، في تلك الفترة.

وتفاقمت الأوضاع بصورة واضحة في مطلع عام 1971، فلجأ الطلاب الجامعيون إلى العنف، واختطاف الجنود الأمريكيين، وزاد تشدد الإسلاميين، ما دفع الجيش لإرسال مذكرة عسكرية إلى الحكومة في مارس من العام ذاته، يطالب فيها دميرل بالتنحي، ففضل الأخير الاستقالة على المقاومة.

وبعد شهر تقريبا، أعلن الجيش الأحكام العرفية، وأصدر قرارا بتولي فريت ميلين رئاسة الوزراء.

"انقلاب 80"

بعد مرورة تسعة أعوام على الانقلاب الثاني، أُعيد انتخاب سليمان دميرل رئيسا للوزراء، إلا أن الأوضاع لم تستقر، وقرر بعض قادة الجيش على رأسهم اللواء كنعان إيفرين الانقلاب على الحكومة، فاتخذوا عدة قرارات تتعلق بالسياسة التركية، تضمنت إغلاق كافة الأحزاب السياسية المعارضة، ومراقبة زعمائها، ومحاكمتهم.

كما أصدر الانقلابيون قرارات بمنع عرض الأفلام السينمائية، وأوقفوا إصدار العديد من الصحف.

ويعتبر الساسة والمحللون ذلك الانقلاب بأحد أكثر الأحداث وحشية ودموية التي تعرضت لها تركيا في تاريخها الحديث، إذ قام الانقلابيون بمحاكمة ما يزيد عن 230 ألف شخص، وأصدروا أحكاما بالإعدام على 517 أخرين، وأغلقوا العديد من المؤسسات الانسانية والجمعيات الخيرية في البلاد.

وبحسب موقع "ترك برس"، فإن المنظمات الحقوقية وثقة مقتل 171 شخص جراء التعذيب الشديد.

وبعد عامين، أي في عام 1982، أقيم استفتاء شعبي أصبح إيفرين بموجبه الرئيس السابقع للجمهورية التركية، وتولى رئاسة البلاد حتى عام 1989.

"الانقلاب الأبيض"

بعد وفاة الرئيس التركي السابق تورغوت أوزال في أنقرة عام 1993، استطاع نجم الدين أربكان الوصول إلى الحكم، ليكون أول رجل صاحب توجه إسلامي صريح يصل إلى السلطة.

أقلق وصول أربكان إلى السلطة العلمانيين، الذين خشوا أن تؤثر ميوله وتوجهاته على سياسة أتاتورك العلمانية، فطلبوا منه التوقيع على 18 طلب، تحافظ على النظام العلماني، وتمنع الحكومة من المساس به، ورغم موافقة الرئيس التركي وقتذاك عليهم جميعا، إلا أن الجيش قام بانقلاب عسكري ضده عام 1997.

وحظر الجيش حزب أربكان، واعتقله هو وعدد من القادة في حزبه من بينهم الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، وحرموهم من المشاركة في الحياة السياسية لمدة تتراوح ما بين 5 إلى 10 أعوام.

 

فيديو قد يعجبك: