إعلان

الفصل العنصري تحت اسم " نسيج الحياة"

د.غادة موسى

الفصل العنصري تحت اسم " نسيج الحياة"

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م السبت 24 مايو 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

مازال الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني يمضي في خططه الرامية إلى تغيير شكل الأراضي الفلسطينية وطمس هويتها التاريخية والثقافية والاجتماعية والبيئية من خلال مشاريع بنية تحتية أعطاها اسم خال من أي دلالات حقيقية وهو اسم " نسيج الحياة".
وقد يظن البعض للوهلة الأولى أن الاحتلال يرغب من خلال هذا المشروع ربط ونسج الاوصال المتقطعة للأراضي الفلسطينية المحتلة من أجل المزيد من إحكام السيطرة عليها، إلا أن حتى هذا التصور غير وارد في الحسبان. ولكن المشروع هو استكمال لمشاريع تمزيق حياة الشعب الفلسطيني وتأمين حياة الإسرائيليين وبصفة خاصة المستوطنين عبر تغيير شكل البينية التحتية وتطوير مسارات جديدة لفصل حركة الفلسطينيين أصحاب الأرض عن المحتلين الغرباء عن الأرض.
والمشروع مخصص لحركة الفلسطينيين وهو عبارة عن نفق يربط شمال وجنوب القدس الشرقية عبر نفق تحت الأرض يمتد لحوالي ٤.٧ كم.
والهدف من هذا المشروع ضم مستوطنة " معالي أدوميم" أكبر مستوطنة إسرائيلية إلى القدس ومعها منطقة "إى١". وجدير بالذكر أن المنطقة " إى١" تعزل بعض الأراضي الفلسطينية مثل مناطق "أبوديس والعزيرية اللذين يبعدان ٢كم عن القدس عن الضفة الغربية. وبذلك يبتلع أو كما يقولون " ينسج" الاحتلال ٣٪ من أراضي الضفة الغربية مع المستوطنات، بالإضافة إلى أراضي من أغوار الأردن التي تشكل ٣٥٪ من أراضي الضفة الغربية.
والهدف الثاني هو تقسيم الضفة الغربية منعاً لقيام أية دولة فلسطينية مترابطة الأوصال مع مدينة القدس. وهو الهدف الذي سعى إلي تحقيقه رئيس الوزراء الأسبق لكيان الاحتلال "آريل شارون" تحت اسم مشروع " القدس الكبرى" عام ٢٠٠٠ لضم ١٠٪ من أراضي الضفة الغربية إلى المستوطنات الإسرائيلية.
إذن، يهدف كلا المشروعين- القدس الكبرى ونسيج الحياة- إلى ابتلاع حوالي ١٣٪ من أراضي الضفة الغربية في الوقت الذي تبذل فيه مصر والدول العربية جهوداً سياسية ودبلوماسية من أجل إقامة دولة فلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة.
والهدف الثالث هو خلق واقع جغرافي يمنع تقسيم مدينة القدس بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وما يثير الدهشة والانتباه هو أن وزير المالية الحالي في كيان الاحتلال قرر تمويل المشروع من أموال المقاصة أي أموال الضرائب التي صادرها كيان الاحتلال من السلطة الوطنية الفلسطينية.
إن مشروع نسيج الحياة – أو أياً كانت الأسماء المموهة التي يطلقها كيان الاحتلال على خططه لاحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية- ما هو إلا محاولة لتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي وتقسيم المتقسم لإفشال أية محاولة لإقامة دولة فلسطينية متصلة الأراضي.
إنها المحاولات الدؤوبة من كيان الاحتلال التي لا تنتهي من أجل تحقيق حلم إسرائيل الكبرى على الأراضي الفلسطينية المحتلة وغير المحتلة وطرد أهلها خارج أراضيهم وحياتهم!

إعلان

إعلان