- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
- أحمد سعيد
- محمد لطفي
- أ.د. عمرو حسن
- مصطفى صلاح
- اللواء - حاتم البيباني
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
عجبني جدا فيلم مروان حامد. هذا لا يعني أنه ليس لدي ملاحظات عليه. ولذلك أقيمه بثمانية من عشرة. لكن هذه الملاحظات لا تهدم الفيلم أبدا، ولا تُقلل من قيمته الفنية. لأن الأفلام التي حققت الكمال الفني والفكري نادرة في العالم. فما بالنا ونحن نتحدث عن أسطورة مصرية أُعجب بها الملايين من المستمعين حول العالم، حتى مَنْ لم يفهموا العربية، وهذا جزء من السحر غير المفهوم.
المفزع بالنسبة لي في تجربة عرض فيلم (الست) هو إصرار مجموعة من الناس - سواء كانوا مثقفين أو من خارج وسط المثقفين أو الفنانين - أن يعتمدوا على ترديد الهجوم والملاحظات السلبية عن الفيلم من دون مشاهدته. هذا عيب خطير، بل أمر مخز.
المفزع أن أجلس بصحبة زملاء بينهم مثقف وباحث كبير لم يشاهد الفيلم، لكنه يتكلم بثقة شديدة عن سلبيات الفيلم ورفضه لهذه النسخة مرددا كلام بعض المقالات. المؤسف بالنسبة لي أن فنانا كبيرا أحترمه وأقدر تاريخه فجأة يدخل على خط الهجوم ويتهم صناع الفيلم بأنهم «أظهروا أم كلثوم على أنها بخيلة».
أنا طوال لقطات الفيلم لم أجد لقطة واحدة تشي بأن أم كلثوم كانت بخيلة. بالعكس، أم كلثوم في لقطات الفيلم كانت تدعم أفراد فرقتها ماديا، في جميع المناسبات، وهناك جملة واضحة وصريحة عندما زُرق أحدهم بمولود. افتتحت مشاريع خيرية. كانت حريصة على إدارة أموالها وممتلكاتها دون تبذير أو إسراف، ولم تمنع أخاها من إدارة أمورها المالية في القرية، لكنها لفتت نظره، ثم إنها بعد أن أخذت منه آلاف الجنيهات من إيرادات الأرض ماذا فعلت بها؟ لقد قدمتها للتابعي ليُصدر مجلة. لماذا؟ هل هناك إنسان بخيل يفعل ذلك؟
حقيقي هذا أمر مرعب ومخز.. كيف تجعل من عيون الآخرين وتحيزاتهم طريقك لإصدار حكم على عمل فني؟!
أنا أحترم جدا الاختلاف. إنه أمر صحي للغاية. لكني تأملت الهجوم وأستشعر أن رأس المال المشارك في إنتاج الفيلم سبب رئيسي في الهجوم. وأنا لا ألوم المهاجمين لو قاموا بتحليل عناصر الفيلم وقدموا أدلة لقطات من الفيلم تدعم وجهة نظرهم، لأن هذا حقهم. وحينها سوف تنقذ نفسك كمهاجم من فكرة التحيزات، والعين الفاحصة المتربصة، والتصيد.
أنا شخصيا أكثر من كتب وانتقد عددا من أفلام الإنتاج المشترك، لكني ما زلت أؤمن بما قلته منذ كتابي الأول قبل عشرين عاما (أفلام الإنتاج المشترك في السينما المصرية): المهم ماذا تفعل بهذا التمويل أو الدعم أو أموال الشراكة. لأنه حقيقة من دراستي لعشرات بل مئات المقالات التي تناولت الإنتاج المشترك كان أغلبها غير موضوعي في الهجوم. هناك فنانين ومثقفين كانوا متحيزين ومهاجمين بأسلوب كاشف للتناقض. أحد الفنانين الكبار كان يكتب سيناريوهات عن العشوائيات والمخدرات، ولما تم عرض فيلم (القاهرة منورة بأهلها) في مهرجان كان كاد أن يضرب يوسف شاهين، لأنه مع آخرين اعتبروا الفيلم إساءة لسمعة مصر، وأنه ينشر غسيلها القذر. والحقيقة في رأيي لا يوجد فيلم قادر على الإساءة لمصر ولا أم كلثوم.
دعونا نطرح بعض التساؤلات:
ماذا فعل مروان حامد في كوكب الشرق ليُغضب المثقفين؟
مروان اختار أن يبدأ فيلمه من أقوى اللحظات، مشهد قبيل حفلها في باريس عقب نكسة 1967. لقطات للناس تقف طوابير تغلق الشوارع في باريس في محاولة للوصول إلى شباك التذاكر لحضور حفلة أم كلثوم. هذا الجمهور بعضه من ضواحي باريس، بعضه قادم من دول أوروبية خصيصا لحضور حفل أم كلثوم، بعضه قادم من دول عربية شقيقة. حوالي سبع دقائق وثائقية رهيبة لهذا الحشد الأسطوري.
كيف قدم مروان السيدة أم كلثوم في المشهد الافتتاحي لها؟
أم كلثوم في غرفة الملابس والماكياج، يدخل مدير المسرح يخبرها أنهم لا يريدون حديثا منها عن الحرب، فكيف كان رد فعل (الست)؟ لم ترد على مدير المسرح بكلمة واحدة. فقط مباشرة طلبت من ابن أخيها أن يطلب من أعضاء الفرقة أن يجمعوا الآلات الموسيقية ويستعدوا للمغادرة، فماذا تعني هذه اللقطة؟
ببساطة أن النزعة الوطنية عند أم كلثوم لا يمكن المساومة عليها. أم كلثوم جاءت إلى باريس لإحياء الحفل لأجل المجهود الحربي. هي لم تأت في ذلك اليوم لأجل الغناء فقط، إنما جاءت دعما لبلدها التي تعشقها، وهذا يؤكده رد فعلها وبدؤها في خلع الإكسسوارات.
نعود للتساؤل: لماذا غضب بعض المثقفين؟
قال بعضهم إنه حاول كسر الأسطورة، والبحث في جوانب ضعفها، وأنها أحرجت أباها وأخيها وأبعدتهما، وأنها كان لها تصرفات ديكتاتورية، أو أن منى زكي كانت تتحدث بأسلوب و«لكنة» لا ترتقي إلى أم كلثوم، وأنهم - هؤلاء المثقفين - لا يريدون أن يروا هذه النسخة الكلثومية أو كشف ما خفي من شخصية كوكب الشرق أو المسكوت عنه.
طيب تعالوا نحلل المشاهد. أم كلثوم كانت مطيعة لوالدها جدا وتحبه، هذا واضح في علاقتهما بالفيلم، وفي المذكرات التي كانت تكتبها، خصوصا بعد سنوات من وفاته، وفي بعض اللقطات التي تستحضره أثناء حفلاتها كأنها تغني له حتى تسيطر على مخاوفها وتقهرها.
لكن هناك لحظة في عمر أم كلثوم شعرت أن والدها غير قادر على إدارتها فنيا والمرحلة الجديدة التي تعيشها، أو حتى الحفاظ على حقوقها المادية مع شركات الأسطوانات، أو في اختيار ملابسها، أو إصراره على العودة للقرية خوفا من كلام الناس. أو مع أخيها عندما كانت تحاسبه على دخل الأرض. فهل نلومها على أنها اختارت الأصوب لتصنع مجدها.
في رأيي إن اختيار صناع العمل لهذه اللقطات له دلالة قوية على شخصية أم كلثوم، وأنها لم تكن فقط مجرد صوت قوي استثنائي في العالم كله. أم كلثوم كانت نموذجا مبكرا جدا للمرأة التي ترغب في التحرر من القيود، وأن تكون ندا قويا للرجل، وهذا واضح جدا في لقطتين مع التابعي لما قررت أن تدعمه وتشاركه لإصدار مجلة لتكون أول امرأة تكتب مقالات رأي، ولما نافست في انتخابات النقابة وبذكاء لا يخلو من مكر حققت الفوز، وظلت نقيبة لمدة عشر سنوات.
أم كلثوم بالفيلم كانت بارعة في إدارة نفسها فنيا، كانت تعرف أدق التفاصيل، تعرف مزايا الآلات الموسيقية والفروقات بينها، ومشاكل هذه الآلات. كانت مثقفة وقارئة، كانت حازمة مع أعضاء الفرقة في أسلوب اللبس وطريقة الجلوس وفي المواعيد، كانت لا ترحم في هذه التفاصيل، وهذا الجزء النظامي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينفصل عن تكوين هذه الأسطورة.
مع ذلك، أم كلثوم كانت تفتتح مشاريع خيرية، كانت تعيش الوحدة، وعاشت فترات قاسية، دخلت في قصص حب لها ملابساتها، وكان أكثرها ألما تجربتها مع شريف صبري، وكان واضحا أن الملكة نازلي تغير منها، واضح جدا في الحفل الذي حضرته.
أم كلثوم مثل فنانين كثر هتفوا باسم الملك، لكنها كانت أكثر احتراما لنفسها وفنها وجمهورها، لأنه بعد أن فعلت ذلك، لم ترغب في تقديم خطاب تأييد لثورة 52 كما فعل كل الفنانين آنذاك، وذلك حفاظا على مصداقيتها، مع أنه كان يمكنها أن تفعل ببساطة خصوصا لعدم تعرضها للعقاب ومنع إذاعة أغانيها. لكنها لم تفعل، لأنها احترمت نفسها. هذا ما يقوله الفيلم بوضوح.
من أعادها إذن من هذه العزلة التي كادت أن تقضي عليها؟ إنه جمال عبد الناصر. والمدهش أن هناك مهاجمين رددوا كلمات تكشف عن نظرتهم الحقيقية للغناء والفنون: «وهل كان عبد الناصر فاضي يسمع لأم كلثوم؟»
وردا عليهم أقول: ألا تعرفون أن هذا الزعيم كان مهتما بالفنون والأدب؟ وأنه منذ دراسته في الثانوية حاول كتابة رواية «في سبيل الحرية»؟ وهل كانت أم كلثوم مطربة عادية؟ وهل كان هناك إنسان في مصر أو الوطن العربي لا يجلس أمام المذياع ليستمتع إلى حفل أم كلثوم؟ فما الذي يمنع جمال عبد الناصر من ذلك؟
عبد الناصر كان إنسانا، وكذلك أم كلثوم. وهذه قوة فيلم مروان حامد، أنه ركز على كثير من الجوانب الإنسانية في شخصية أم كلثوم، حتى مخاوفها ولحظات ضعفها. في رأيي ليس من أجل التقليل من هذه الأسطورة، ولكن ليؤكد لنا عظمتها وقتها، لأنه رغم كل هذه الظروف الصعبة، والمؤامرات ضدها، والمنافسة الشرسة، والإشاعات، ورغم الخوف الذي كانت تشعر به باعترافها في حواراتها المنتشرة على اليوتيوب، لكنها تغلبت على كل ذلك وصنعت مجدها.
وسؤالي الآن: هذه النظرة ألا تجعلنا نتوقف أمام الفيلم ونقول أم كلثوم كانت بشرا، وفي مصر 130 مليون يمكن أن يصنعوا أساطيرهم هم أيضا؟
أما فيما يخص أداء منى زكي، فأنا رأيي أن مروان حامد قرر منذ البداية أن يكسر الإيهام، وأنه كان لا يريد ممثلة تقوم بتقليد أم كلثوم شكلا وصوتا، كان يريد أن يكسر الحاجز بينه وبين الجمهور، فيظل الجمهور متيقظا للنقد مدركا أن ما يحدث أمامه تمثيل. لذلك كانت منى زكي هي الأنسب، لأنها إنسانة مثقفة ذكية، ولأنها فنانة موهوبة تمتلك القدرة على تقديم الشخصية على طريقتها. بقي أن أشيد بكل عناصر الفيلم وكل الفريق وراء خروجه للنور، المونتاج وتوظيف الفلاش باك والفلاش فورورد، والمراوحة بينهما بأسلوب لا يربك المشاهد وبنعومة خالصة. كذلك التصوير، والديكور المبهر، خاصة مشهد العاصفة في القرية، مشهد عالمي. صوت نسمة محجوب، وأخيرا أحيي مروان على جرأته، ومنى زكي على شجاعتها في تلك المغامرة.