إعلان

تضحك وأنت تتابع الموضوع

سليمان جودة

تضحك وأنت تتابع الموضوع

سليمان جودة
07:00 م الأحد 30 نوفمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

يضحك المرء لا بد وهو يسمع من مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن ترامب وضع السلام في السودان بين أولوياته في العمل خلال الفترة المقبلة.

تضحك لأنه لا شيء يجعل الرئيس ترامب يضع تحقيق السلام في السودان على قائمة أولوياته، فلا نفط في السودان، ولا غاز، ولا ثروات طبيعية بكميات كبيرة، وبالتالي، فلا شيء يغري سيد البيت الأبيض بإنفاق وقته في الموضوع.

اللهم إلا إذا كان سيسعى إلى تحقيق السلام هناك لأسباب تتصل بمصالح بلاده في المنطقة، لا لأسباب تتعلق بصالح السودان. وهذا هو ما دفع عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة في الخرطوم، إلى أن يقول إن الورقة التي قدمها المستشار مسعد هي "أسوأ ورقة" جرى تقديمها كاقتراح للحل، منذ اشتعال الحرب قبل أكثر من عامين.

كان المستشار قد رد على البرهان فقال إن رئيس مجلس السيادة في الخرطوم يبني موقفه ضدنا على معلومات مغلوطة. وهذا رد غير مفهوم لأن البرهان عندما رد، كان يرد على معلومات مكتوبة أمامه في الورقة المقدمة من بولس، لا على أشياء غير مرئية أو أشياء سمع عنها ولم يعاينها.

وقد تمنيت من جانبي لو أن إدارة الرئيس ترامب لم تتدخل في الموضوع، لأنها إدارة حاكمة لأقوى بلد في العالم وليست جمعية خيرية. والتجربة من حولنا في مواقع كثيرة تقول، إن الولايات المتحدة عندما تتدخل في شأن كالشأن السوداني، فإنها لا تفعل ذلك لكي تصل فيه إلى حل، ولا لوجه الله، وإنما تظل تديره وتعيد إنتاجه، فلا يصل إلى حل ولا إلى شاطئ.

إن واشنطن تعرف أن قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، هي ميليشيا خارجة على الحكومة في البلد، وعلى الجيش الوطني في البلد، ولهذا، لا يمكن أن نساوي بينها وبين جيش البلاد، ولا يمكن أن نضع ميليشيا خارجة على القانون مثلها، مع الجيش الوطني فوق أرضية واحدة.. لا يمكن.. وإلا، فإننا نساوي بين طرفين غير متساويين بالضرورة، ونضع الميليشيا الخارجة على القانون، وعلى البلد، وعلى الناس، أمام جيش وطني محترف، ورأسًا برأس، وهذا ما لا يجوز أبدًا ولا يجب أن يكون.

ثم إن ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، كان قد قال إن بلاده سوف تتحدث مع الدول التي تمد الدعم السريع بالسلاح وتطلب منها الكف عما تفعله. وهذا لم يتم إلى اليوم، وهذا أيضًا يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تعرف الدول التي تمد الدعم السريع بالسلاح، ولكنها تسكت على هذه الدول رغم مرور ما يزيد على العامين منذ بدء الحرب.

إن إدارات أمريكية سابقة كانت ترى أن وصول أمريكا إلى ما وصلت إليه من قوة عسكرية واقتصادية وسياسية، إنما يظل يفرض عليها أن تدير هذه القوة لحساب العالم من حولها لا على حسابه. فالقوة في الحالة الأمريكية ليست للاستعراض، ولا هي للعربدة في أكثر من مكان، ولكنها لإقرار مبادئ العدل والسلام بين الشعوب.

إنني قليل الثقة في أن يتحقق السلام في السودان على يد ترامب، وقلة الثقة راجعة إلى ما أشرت وإلى سواه مما يقع في نطاقه، والثقة كلها تبقى في الشعب السوداني نفسه، وفي وعيه، وفي يقظته، ولو حضر هذا الوعي وهذه اليقظة، فلن يكون السودان في حاجة إلى مستشار للرئيس الأمريكي يبيع ويشتري فيه.

إعلان

إعلان