إعلان

بعد مرور عقدين على هجمات 11/9 الإرهابية.. ما الذي تغير؟

د. إيمان رجب

بعد مرور عقدين على هجمات 11/9 الإرهابية.. ما الذي تغير؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

07:00 م الإثنين 12 سبتمبر 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تمر خلال هذه الأيام الذكرى 21 لهجمات 11 سبتمبر 2001، وخلال وجودي في واشنطن هذه الفترة أتيحت لي الفرصة لتبادل الرؤى مع عدد من الأمريكيين الذين عايشوا تلك الأحداث ومنهم من كان موجودا في المباني التي استهدفتها تلك الهجمات، والقاسم المشترك بينهم أنهم يتذكرونها بكثير من الحزن لاسيما وأنها تسببت في مقتل آلاف من الأبرياء الذين تصادف وجودهم في ذلك اليوم في برجي التجارة العالميين في نيويورك وفي بنسلفانيا وفي مبنى البنتاجون.

وذكرى هذه الهجمات لها طابعها الخاص في واشنطن، حيث يحرص المسؤولون على إصدار بيانات صحفية تعبر عن قناعتهم بضرورة توحد الشعب الأمريكي في مواجهة الإرهاب وعن حزنهم عمن فقدوا أرواحهم في ذلك اليوم، فضلا عن أنشطة متعددة للمنظمات غير الحكومية. ويخلد هذه الهجمات نصب تذكاري في واشنطن يعرف باسم "نصب البنتاجون"، بُني بعد تلك الأحداث تكريمًا لـ 184 ممن فقدوا أرواحهم بسبب الهجوم الذي استهدف الجزء الجنوبي الغربي من مبنى البنتاجون.

كانت أحداث 11 سبتمبر الإرهابية سببا في تغيير مسار التاريخ. ففي مجال الأمن الدولي، كانت عاملا مهما في تزايد الاهتمام بدراسة الإرهاب في العديد من الجامعات حول العالم حتى أصبح تخصصا قائما بذاته في بعض الكليات، كما تصدر أجندة عمل مراكز الفكر والدراسات في عديد من الدول.

وفي مجال السياسات الأمنية، شهد العقدان الماضيان تصدر الإرهاب قائمة التهديدات الأمنية لدول عدة في العالم على نحو أدى إلى تطور تشكل نخبة جديدة متخصصة في مجال مكافحة الإرهاب من بين العاملين في المؤسسات الأمنية يمتلكون مهارات ومعارف تميزهم عن زملائهم الذين يتصدون لأنواع أخرى من التهديدات والجرائم. كما أصبحت معظم دول العالم التي يتهددها الإرهاب أكثر حرصا على تقوية تعاونها على المستويين الإقليمي والدولي من أجل إضعاف الكيانات الإرهابية وشبكات الدعم اللوجيستي التي تعتمد عليها.

ونتج عن هذه التطورات عدة نتائج، ربما أهمها تزايد اهتمام المؤسسات الأمنية بتقوية علاقتها مع الخبراء من مراكز الفكر والدراسات المتخصصين في هذا المجال وذلك كجزء من مسعاها لتطوير استراتيجيات لمكافحة الإرهاب متعددة الأبعاد بحيث تشمل إلى جانب البعد العسكري الأبعاد القانونية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالتواصل والإعلام.

ولكن يظل السؤال: ماذا حدث للإرهاب؟ هل تم إضعاف الكيانات الارهابية طوال العقدين الماضيين؟ . الحقيقة أن الإرهاب كتهديد للأمن القومي وللأمن الدولي تطور بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، كما تعددت الكيانات الارهابية النشطة على مستوى العالم.

ويمكن التدليل على ذلك بعدة أمثلة، ومنها أنه بعد هجمات سبتمبر 2001 كان الاهتمام الدولي منصب على مكافحة تنظيم القاعدة في أفغانستان باعتباره الكيان الإرهابي الأكثر خطورة على الأمن الدولي، وفي العام 2021 يشير تقرير الإرهاب العالمي الذي يصدر سنويا عن وزارة الخارجية الامريكية إلى أن الكيانات الارهابية التي يتعين التصدي لها أصبحت منتشرة في مناطق جغرافية عدة في العالم، فإلى جانب أفغانستان هناك القاعدة في جزيرة العرب، والقاعدة في الهند، وحركة شباب الصومال، والقاعدة في المغرب الاسلامي، وبوكو حرام، وتنظيم داعش في العراق وسوريا وفي مناطق أخرى في العالم تنشط فيها كيانات أعلنت ولاءها للتنظيم. وإلى جانب هذه الكيانات الارهابية التقليدية، أصبح هناك نوع جديد من الإرهاب يعبر عنه الذئاب المنفردة والأرملة السوداء والخلايا الصغيرة.

كما أن الكيانات الارهابية استفادت بشكل أو بآخر من جائحة كوفيد-19 في تغيير استراتيجيات عملها على نحو مكنها من الحفاظ على بقائها. وبالإضافة إلى ذلك يشير تقرير مؤشر الإرهاب العالمي للعام 2022 إلى أن الكيانات الارهابية أصبحت تعتمد بشكل كبير على استخدام التكنولوجيا الحديثة والرسائل المشفرة.

كل هذه التطورات في مجملها تجعل مكافحة الإرهاب خلال السنوات المقبلة مسألة أكثر تعقيدا مما كان عليه الوضع في السنوات السابقة.

إعلان