إعلان

الصحافة في زمن عدم اليقين

محمد حلمي

الصحافة في زمن عدم اليقين

محمد حلمي
09:27 م الثلاثاء 04 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الوصول للمعلومات لم يعد حكرا على الصحفيين؛ فقد منحت المنصات الرقمية ووسائل التواصل، منحت المستخدمين الوصول إلى مجموعة أوسع من المصادر و"الحقائق البديلة"، التي يتعارض بعضها مع النصائح الرسمية، التي تكون مضللة أحيانا أو ببساطة.. "خاطئة" في أحيان أخرى.

"كورونا وهبت الحياة للأخبار التليفزيونية،

بعد هبوط دون صعود دام تسع سنوات"

التليفزيون يعود

وهبت وباء كورونا الحياة من جديد للأخبار التليفزيونية، بعد هبوط دون صعود دام تسع سنوات.

في ٢٣ مارس الماضي، سجل خطاب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي طلب فيه عموم المواطنين البقاء في منازلهم، أحد أكبر نسب المشاهدة في تاريخ الإذاعة البريطانية. نسب مشاهدة النشرات الليلية لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ارتفعت بشكل تاريخي وصل لنحو 30٪ في مارس الماضي.

اتحاد البث الأوروبي (EBU) أعلن أيضا عن زيادة المشاهدة اليومية عبر بلدان التكتل الأوروبي بنحو 14٪ في المراحل المبكرة من تفشي الجانحة.

"الوباء زاد من استخدام المجموعات

الخاصة والمغلقة مثل "واتس آب"

زيادة استخدام الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي صار أمرا اعتياديا، ويظل المستفيد الأول من هذه الزيادات هو العلامات الإعلامية الأشهر.

"بي بي سي" أعلنت عن زيادة ضخمة في عدد زيارات منصاتها، بلغ أكثر من 70 مليون متصفح فريد في الأسبوع الأول من دخول الإغلاق حيز التنفيذ.

اللافت أن الوباء زاد من استخدام المجموعات الخاصة والمغلقة.. تطبيق "واتس آب" على سبيل المثال، شهد نموا بنحو عشر نقاط مئوية في بعض البلدان منذ يناير الماضي طبقا لاستطلاع لمعهد بوينتر للأبحاث.

الصحافة مهمة ومطلوبة أكثر من قبل بسبب الفيروس التاجي، لكن إحدى أهم المشكلات التي تواجه منتجي الخدمة أن زيادة الاهتمام تقابلها أرباحا أقل. المعلنون يستعدون "للركود الحتمي"، مع بدء تسجيل انخفاض حاد في الإيرادات. أدى ذلك الانخفاض إلى الاندفاع نحو زيادة الاهتمام بالاشتراك الرقمي، ونماذج الدفع الأخرى للقراء تعويضا لخسائر لا فكاك منها.

في المقابل، أجهز الوباء على ما تبقى من استهلاك الصحف المطبوعة، فعمليات الإغلاق الكامل للمدن قوضت التوزيع، مما يسرع بالتأكيد التحول إلى مستقبل رقمي بالكامل.

"اليمينيون هم أكثر عرضة

لإلقاء اللوم على وسائل الإعلام"

قلق متزايد!

ما زاد حالة عدم اليقين، هو الاستقطاب السياسي الضارب حتى أعتى الديمقراطيات، ما قوض الثقة في تناول الأخبار بشكل عام.

في الولايات المتحدة، الأشخاص الذين يعرّفون أنفسهم على أنهم يمينيون هم أكثر عرضة لإلقاء اللوم على وسائل الإعلام، كجزء من ديناميكية "اختر جانبك – pick your side"

تغطيات شبكات CNN وFOX News لمؤتمرات الرئيس الأميركي الخاصة بالفيروس، أوضحت بجلاء مدى تعمق الاستقطاب السياسي. بعض مذيعي CNN رفضوا البث المباشر لمؤتمرات ترامب، فغالبًا يتعارض ما يقوله الرئيس مع النصائح الطبية والعلمية.

"الجائحة أوضحت مدى ضعفنا وسهولة

تعرضنا للمؤامرات والتضليل"

المحتوى.. في عين العاصفة

زادت معدلات عدم الثقة في المحتوى المقدم، حتى قبل اندلاع أزمة الفيروسات التاجية.

في بحث لمعهد أكسفورد رويترز للصحافة، قال أكثر من نصف العينة العالمية (٤٠ ألف مستخدم من ٤٠ دولة)، إنهم "قلقون" بشأن صحة المعلومات (ما هو صواب أو خطأ) على الإنترنت عندما يتعلق الأمر بالأخبار. "فيسبوك" في مرمى سهام الجميع، كونه المنصة الأكبر لنشر المعلومات الخاطئة والمضللة، على الرغم من جهود مكافحة تلك الأخبار.

إذا كان للجائحة ميزة، فإنها عززت الحاجة إلى صحافة موثوق بها ودقيقة يمكن أن تعلم الناس وتثقفهم. وفي الوقت نفسه، أثبتت الجائحة أيضا مدى ضعفنا وسهولة تعرضنا للمؤامرات والتضليل.

****

محمد حلمي،

صحفي

mohamedhelmymohsen@gmail.com

إعلان