إعلان

ما تتجاهله الصحة العالمية ولا تذكره..!

سليمان جودة

ما تتجاهله الصحة العالمية ولا تذكره..!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 14 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

استوقفني المؤتمر الصحفي الذي عقده الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي في منظمة الصحة العالمية لشئون منطقة شرق المتوسط، ورأيت أنه تطرق في مؤتمره، صباح الأربعاء، ١٠ يونيو، إلى نقاط ثلاث أساسية، من المهم أن نشير إليها هنا:

الأولى أن الوقت ليس مناسباً بعد للتخفيف من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها مختلف الدول منذ أن بدأ فيروس كورونا ينتشر قبل ستة شهور من الآن!

والثانية أن العالم لم يستقر حتى هذه اللحظة على لقاح بعينه لعلاج الفيروس، رغم السباقات التي نشهدها ونتابعها للوصول إلى لقاح معتمد!

والثالثة والأخيرة أن عدد الإصابات الذي أبلغته الدول للمنظمة حتى تاريخ انعقاد المؤتمر سبعة ملايين إصابة على مستوى العالم، بينما بلغ عدد حالات الوفيات ٤٠٠ ألف حالة! ثم قال إن عدد حالات الإصابة والوفاة في منطقة شرق المتوسط يمثل عشرة في المائة من مجمل الحالات عالمياً!

وما يلاحظه كل متابع لما تعلنه المنظمة يوماً بعد يوم أنه يكاد يتناقض مع بعضه البعض، وأنها تكاد تنفي اليوم ما تقول به أمس! وإلا فما معنى أن تعلن المنظمة نفسُها على لسان خبراء فيها، قبل مؤتمر المنظري بأيام، أنه من النادر انتقال الفيروس من شخص مصاب إلى شخص غير مصاب، إلا إذا ظهرت على الشخص المصاب أعراض الإصابة؟!

ما معنى أن تقول بهذا ثم تعود لتعلن هي ذاتها أن الوقت ليس مناسباً بعد لرفع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها عواصم العالم مجتمعة؟!

إن معنى عدم انتقال العدوى إلا من شخص ظهرت عليه أعراض الإصابة أن الحالات التي سينتقل فيها كورونا من شخص لشخص آخر قليلة جداً، وأن التزام كل شخص ظهرت عليه أعراض الإصابة بعدم الخروج إلى الشارع، وعدم مخالطة الآخرين- وهذا ما سوف يلتزم تلقائياً به كل شخص ظهرت عليه الأعراض- يضمن ألا يصاب أحد تقريباً!

وبالتالي، فالأجدى، عندئذ، أن تعلن المنظمة على العالم أن أعراض الإصابة هي كذا، وكذا تحديداً، وأن على كل شخص تظهر عنده هذه الأعراض أن يتجنب الآخرين، وأن يحاذر الاختلاط بهم، وأن ذلك سوف يقضي تقريباً على الفيروس في مدى زمني محدود وقصير!

ولكن المنظمة لم تفعل ذلك، وفضلت أن تترك الناس حول العالم في هذه الوضعية غير المفهومة من الخوف، ومن الرعب، ومن وقف الحال على كل مستوى!

ولم يكن هذا فقط هو ما راحت المنظمة المعنية بقضية الصحة عالمياً تتجاهله، وتقفز فوقه ولا توضحه أمام مليارات البشر حول العالم، ولو أنها فعلت لكان ذلك قد خفف قليلاً من حالة الفزع التي يعيشها الجميع في كل عاصمة، ولكان قد عزز من المناعة الطبيعية لدى كثيرين في مواجهة المرض!

ومع ذلك، فكل هذا كوم، وما يتعلق بمجمل عدد الإصابات والوفيات كوم آخر! وهو كوم آخر لأن حديث المنظمة عن أن الإصابات في ستة أشهر من عمر الفيروس سبعة ملايين والوفيات ٤٠٠ ألف - لا بد أن يوضع في إطاره من حيث المقارنة بين هذه الأرقام، وبين الأرقام المتصلة بالأمراض الأخرى، فيما يتصل بإجمالي عدد الوفيات بالذات!

وأقرب إحصائية هنا هي الإحصائية الخاصة بعدد المنتحرين في العالم، وغالبيتهم من ضحايا الاكتئاب، كما ذكر الدكتور أحمد عكاشة في كتابه الجديد الذي صدر أول هذا العام، بالتوازي مع ظهور ثم انتشار وباء كورونا في أرجاء العالم!

فالدكتور عكاشة يقول إن عدد المنتحرين عالمياً في السنة هو مليون إنسان؛ بما يعني أن العدد في نصف السنة هو نصف مليون، فإذا كان عدد وفيات كورونا في نصف سنة هو ٤٠٠ ألف، فالمعنى أن عدد وفياته أقل من ضحايا الانتحار بمائة ألف كاملة!

فلماذا لم توضع الأرقام في مقابل بعضها على هذه الصورة حتى يستقر أمر كورونا في سياقه الصحيح؟!

علم ذلك عند منظمة الصحة العالمية بالتأكيد.

إعلان