إعلان

"النقل اللحظي" ينقلك من القاهرة إلى أمريكا في نفس اللحظة

د. عبدالهادي مصباح

"النقل اللحظي" ينقلك من القاهرة إلى أمريكا في نفس اللحظة

د. عبدالهادي مصباح
09:00 م الخميس 27 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

النظرية الكمية - والتي لم تعد نظرية الآن- حيث إن تطبيقاتها تملأ العالم الإلكتروني من حولنا -وأبسط مثال لتطبيقاتها الإنترنت - تنص على أن:

1. العالم قبل الوعي به كان موجودًا في الحالة الاحتمالية (هذا بالنسبة لنا)، أما بالنسبة للخالق عز وجل فقد أخبرنا أننا كنا أمواتاً قبل الوعي ثم أحيانا؛ لنعيش هذه الحياة: "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"، (البقرة: 29)، وفي تفسير هذه الآية قال سفيان الثوري، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : "قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين"،) غافر:11) قال: هي التي في البقرة: "وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم"، وقال ابن جريج، عن عطاء ، عن ابن عباس: "كنتم أمواتا فأحياكم"، أمواتا في أصلاب آبائكم، لم تكونوا شيئا حتى خلقكم، ثم يميتكم موتة الحق التي نعرفها، ثم يحييكم حين يبعثكم . قال: وهي مثل قوله: "ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين"،) غافر:11) فربما يمكننا القول بأن وجودنا الأول كان في عالم الذر على المستوى الكمي (تحت الذري) حين أخذ المولى عز وجل علينا العهد والميثاق حين قال: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ"، (الأعراف: 172)، ثم أماتنا بعد ذلك ثم أحيانا في بطون أمهاتنا لنعيش حياتنا وعمرنا المكتوب والمقدر إلى أن يحين الأجل ، ثم نموت ثم يحيينا يوم القيامة من أجل الحساب.

2. الزمن يتوقف عن الوجود داخل المستوى الكمي أي قبل وجودنا وبعد موتنا.

3. الضوء أو الطاقة الكهرومغناطيسية هو ما يجمع المكونات تحت الذرية معًا، لذا فكل ما في الكون من مادة - بما فيها نحن - جُمعت معًا ووُجدت عن طريق الضوء (النور) "الله نور السماوات والأرض".

4. كل ما في العالم صنع من جزيئات خفية.

5. يوجد واقعان متوازيان، الواقع الطبيعي الذي نعرفه، والواقع الكمي (عالم ما تحت الذرة) وكل منهما يتبع قوانينه الخاصة، إلا أن كلًا منهما يعتمد على الآخر لوجوده بحيث إنه لا يمكن لأحدهما الوجود دون الآخر.

6. ظاهرة التوأمةEntanglement أظهرت أن هناك تواصلًا أبديًّا لحظيًّا بين كل مكونات وأرجاء الكون، لذا فإن الإنسان في هذا الكون هو المخلوق الوحيد الذي حمل أمانة الاختيار؛ لأن السماوات والأرض أتيتا طائعين ووصفه الخالق عز وجل "إنه كان ظلوما جهولاً"، لذا فإن الكفر والإلحاد يجعل كل ذرة في أجسامنا في حالة تنافر مع الكون من حولنا.

ويبدو أن التوأمة الكمية التي حيرت أينشتاين، هي أساس بناء النسيج الكوني، واستغلالًا لقواعد التوأمة أو قرين الذرة يعكف العلماء حاليًا لنقل أشياء صغيرة من مكان إلى مكان آخر بما يسمى النقل اللحظي عن بعد Teleportation وهي نفس ما فسر به البعض علمياً كيف نقل الذي عنده علم من الكتاب في مجلس سليمان عرش بلقيس إليه فبل أن يرتد إليه طرفه، وقد حاول العلماء تطبيق ذلك من خلال أخذ مجموعة من الذرات التوائم لها نفس الخصائص ومن مصدر واحد، وإرسال الذرات التوأم إلى مكان بعيد عبر كابلات الفيبر، ثم يتم توأمة الذرات في المكان الأصلي بذرات الشيء المراد نقله، وبمجرد إجراء التوأمة هنا يظهر الشيء المراد نقله هناك لحظيًّا. وقد نجح العلماء في نقل معلومات جزيئات كمية من جزيرة لابالما، إحدى جزر الكناري في أفريقيا، إلى جزيرة تناريف.

وفى عام 2014 نجح فريق بقيادة رونالد هانسون في جامعة دلفت Delft بهولندا في نقل معلومات كمية بما فيها حالة الجزيء واتجاه اللف المغزلي بين جزءين من الألماس على مسافة 3 أمتار، بينما نجح فريق آخر أيضًا عام 2014 بقيادة نيكولاس جيسين في جامعة جنيف في نقل معلومات فوتون ضوئى إلى كريستالة على مسافة 25 كيلومترًا عبر الألياف الضوئية لتضيء.

ولعل في قصة المحدث أمير الأتقياء عبدالله بن المبارك، العالم الذي أطلق عليه سيد العلماء في زمانه، وكان مثالاً للعابد الزاهد الذي يروى عنه الكثير من الأخبار التي تدل على صلاحه وتقواه حتى امتلأت بها كتب الزهد والسلوك، ما يشرح ويوضح لنا عملية النقل اللحظي لمن يطلقون عليهم أصحاب الكرامات أو كما يقول العامة أهل الخطوة، فقد كان عبدالله بن المبارك يحج عامًا ويغزو في سبيل الله عامًا، وفي العام الذي أراد فيه الحج.. خرج ليلة ليودع أصحابه قبل سفره، فوجد امرأة في الظلام تنحني على كومة من القمامة تفتش فيها حتى وجدت دجاجة ميته فأخذتها وانطلقت لتطهوها وتطعمها صغارها، فتعجب ابن المبارك ونادى عليها وقال لها: ماذا تفعلين يا أمة الله؟ وذكرها بالآية " إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"، (البقرة:173).

فقالت له: يا عبد الله – اترك الخلق للخالق فلله تعالى في خلقه شؤون، فقال لها ابن المبارك: ناشدتك الله أن تخبريني بأمرك.. فقالت المرأة له: أما وقد أقسمت عليّ بالله.. فلأخبرنَّك: إن الله قد أحل لنا الميتة، وأنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات ولا يوجد من يكفلنا، وطرقت أبواب الناس فلم أجد للناس قلوبًا رحيمة، فخرجت ألتمس عشاء لبناتي اللاتي أحرق لهيب الجوع أكبادهن فرزقني الله هذه الميتة .. أفمجادلني أنت فيها؟، وهنا بكى عبدالله ابن المبارك، وقال لها: خذي هذه الأمانة وأعطاها المال كله الذي كان ينوي الحج به وعاد إلى بيته ولازمه طوال فترة الحج.

وخرج الحجاج من بلده فأدوا فريضة الحج، ثم عادوا، وذهبوا لزيارته في بيته ليشكروه على إعانته لهم طوال فترة الحج، فقالوا له: رحمك الله يا ابن المبارك ما جلسنا مجلسًا إلا أعطيتنا مما أعطاك الله من العلم، ولا رأينا خيرًا منك في تعبدك لربك في الحج هذا العام.

فتعجب ابن المبارك من قولهم، واحتار في أمره وأمرهم، فهو لم يفارق البلد، ولكنه لا يريد أن يفصح عن سره، ونام ليلته وهو يتعجب مما حدث، وفي المنام يرى رجلا يشرق النور من وجهه يقول له: السلام عليك يا عبدالله ألست تدري من أنا؟ أنا محمد رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- أنا حبيبك في الدنيا وشفيعك في الآخرة جزاك الله عن أمتي خيرًا.. يا عبد الله بن المبارك، لقد أكرمك الله كما أكرمت أم اليتامى.. وسترك كما سترت اليتامى، إن الله – سبحانه وتعالى – خلق ملكاً على صورتك.. كان ينتقل مع أهل بلدتك في مناسك الحج.. وإن الله تعالى كتب لكل حاج ثواب حجة وكتب لك أنت ثواب سبعين حجة.

وعلى الرغم من أن ما حدث مع الولي الصالح عبد الله بن المبارك كان معجزة من المعجزات، إلا أن المولي عز وجل يخرج لنا من علمه بعض العلم الذي يمكننا من الوصول إلى سر أو تفسير لهذه المعجزات، فالكفار لم يصدقوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في ليلة وهم يضربون أكباد الإبل إليها في شهور، والآن يمكن للطائرة الأسرع من الصوت السفر لهذه المسافة في سويعات قليلة، فلماذا لا نصدق أنه صلى الله عليه وسلم قد أعرج به ليقابل ربه سبحانه عند سدرة المنتهى؟

وبناءً على هذا لا نستبعد أن نرى في المستقبل القريب اليوم الذي نستطيع فيه السفر من القاهرة إلى نيويورك مثلًا في أقل من ثانية عن طريق النقل اللحظي Teleportation، وأعتقد أن هذا غير ممكن؛ لأنه يتطلب الآتي:

الأول: هل ستنتقل معلومات الروح مع معلومات الإنسان لنقل معلوماتها بالكامل لذرات التوأمة؟ والثاني: أننا وقتها لن نسافر بأجسامنا، ولكن معلومات ذرات أجسامنا هي التي ستنتقل لحظيًّا بينما أجسامنا ستتحلل إلى ذراتها هنا، فمن يجرؤ على هذا؟!.. الله أعلم، ولكني أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة: "حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"،( يونس: 24)، صدق الله العظيم.

إعلان