إعلان

أمن مصر القومي في عصر التحديات

د. أحمد عمر

أمن مصر القومي في عصر التحديات

د. أحمد عبدالعال عمر
09:01 م الأحد 05 يناير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"لقد ظلت جماهير هذا الشعب هي دائمًا أمضى أسلحة الكفاح وأعظمها فاعلية، وأكثرها حسمًا لنتائج الصراع. ولهذا فقد ارتبط نجاح شعبنا على جبهته الخارجية بقدر ما توفرت له من قوة واستقرار على جبهته الداخلية السياسية والاقتصادية والعسكرية، فالعمل الخارجي لا يُمكن أن يُحقق الكثير ما لم يستند إلى قاعدة داخلية وطيدة وآمنة".

بهذه الكلمات التي توضح عظمة الشعب المصري ودوره التاريخي في الوقوف خلف قيادته الوطنية في مراحل الصراع والأزمات الكبرى، اختتم السيد محمد حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي في سنوات حكم الرئيس السادات مقدمة كتابة المهم "أمن مصر القومي في عصر التحديات" الذي نُشر للمرة الأولى عام 1987.

ومحمد حافظ إسماعيل (28 أكتوبر 1919 - 1 يناير 1997) رجل دولة مصري من الطراز الأول، تقلد مناصب عسكرية ودبلوماسية واستخباراتية كثيرة خلال أربعة عقود، وقد اقترب ورأى، وعمل واطلع على أهم الملفات العسكرية والسياسية والاستخباراتية في تلك العقود، وبما أهله لكي يكون أحد أبرز الرجال الوطنيين المؤثرين في تاريخ مصر المعاصر.

وقد قدم في الكتاب رؤية موضوعية عميقة عن أمن مصر القومي على مدى نصف القرن، كما قدم عرضًا وتحليلاً لأهم الأحداث العسكرية والسياسية التي شهدتها مصر والمنطقة منذ العهد الملكي، مرورًا بقيام ثورة يوليو 1952 وسنوات حكم الرئيس جمال عبدالناصر، وانتهاءً بحرب أكتوبر واتفاقيات السلام، ومُستجدات ومتغيرات الوضع الإقليمي العربي حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

وأبرز ما يُمكن رصده في هذا الكتاب، هو وطنية وإخلاص مؤلفه، وعقلانيته وموضوعيته، وتأكيده على أهمية وحدة الجبهة الداخلية، وتقديره لأبناء جيله الشرفاء الذين خاضوا معارك حرية واستقلال مصر، ودافعوا عن أمنها وسلامتها.

ولهذا كتب يقول عن هذا الجيل: "كان هدفنا هو أمن مصر وسلامتها، استقلالها الوطني ووحدة أراضيها، سيطرتها على مواردها الطبيعة وثرواتها، ثم حقها في أن تختار طرق تطورها وتقدمها الاقتصادي والاجتماعي. ولقد كان نصيبنا الهزيمة حينا والنصر حينا آخر. وكان علينا أن نتصدى للهزيمة كما نرحب بالانتصار؛ فالشعوب تُهزم وتنتصر ولكنها لا تتوقف بل تتحرك دائمًا في انطلاقها، تعرف لماذا هُزمت، ولماذا انتصرت، لكي تتسلح لخوض معركة أخرى جديدة، حتى يتصاعد في النهاية خط استقلالها، وتنميتها، وتطور مجتمعها".

ولهذا فإن الكتاب جدير بالقراءة في هذه المرحلة المهمة والمضطربة من تاريخ مصر والمنطقة، وفي ظل ما استجد مؤخرًا من أحداث ومُخططات يمكن أن تستهدف الأمن القومي المصري، وتُؤثر عليه بالسلب.

ولعل أبرز تلك الأحداث موافقة البرلمان التركي على إرسال قواتٍ إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، وتمادي الرئيس التركي في أوهامه المتعلقة بلعب دور إقليمي والسيطرة على مُقدرات المنطقة، ورغبته في استعادة نفوذ أجداده العثمانيين بدعم اللاوطنيين العرب أتباع جماعة الإخوان المسلمين.

وكذلك مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني بالعراق منذ عدة أيامٍ بصاروخ أمريكي. وهو العمل المفاجئ الذي تجاوز محاذير استراتيجية كثيرة، ووضع العراق ولبنان واليمن - لما فيها من نفوذ إيراني كبير - على فوهة بركان مهدد بالانفجار في أي لحظة.

ومثل تلك الأحداث تُظهر أن مصر أصبحت تواجه تحدياتٍ وتهديداتٍ ومخاطر كبيرة على حدودها الغربية مع ليبيا، وكذلك الأمر في مجالها الحيوي في المنطقة؛ ولهذا فإن خيارنا الوطني اليوم، يجب أن يكون هو ذاته خيار الأجداد والآباء من رجال مصر الشرفاء الذين تحدث عنهم السيد حافظ إسماعيل في كتابه: "أمن مصر في عصر التحديات"، وهو توحيد جبهتنا الداخلية، وخلق قاعدة وطنية آمنة، والبعد عن كل مظاهر الفرقة والانقسام الداخلي، ووضع ثقتنا الكاملة في مؤسسة الرئاسة وأجهزة المعلومات المصرية وقواتنا المسلحة، ودعمهم بكل السبل، والدعاء لهم بالتوفيق والسداد في قيادة سفينة الوطن، واتخاذ القرارات والمسارات التي تجنب مصر تبعات الوضع المضطرب المُهدد بالاشتعال على حدودنا وفي المنطقة العربية.

إعلان