إعلان

الاستقواء على الخلق!

محمد حسن الألفي

الاستقواء على الخلق!

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 13 أغسطس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

حين نقول إن شوارعنا ليست آمنة، فنحن لا نقلل بحال من الجهد الأمنى الهائل المبذول لحماية حياتنا وأرواحنا من الإرهابيين ومتفجراتهم، وخططهم الدنيئة، بل ننبه فحسب إلى قدر كبير من الاحتقان بالصدور ، لا نريده أن يصير سخطا، أو تخوفا من ممارسة أوجه الحياة المختلفة من عمل ومن رياضة ومن نزهة... وغيرها.

عدم الأمان فى الداخل ليس مبعثه السرقات أو القتل المباشر أو غير المباشر ، ولا اعمال السلب ولا النهب فقط، إنما هو شعور عام الآن بأن البلطجة سلوك اجتماعى جمعى، يمارسه كل من استعفى على الناس، واستقوى بمنصب أو مال أو شهرة أو عافية يصرفها على إهانة الغير والتضييق عليهم فى حياتهم وتحويل وجودهم في الشوارع لاقتضاء حاجاتهم_ إلى رحلة محفوفة بالمخاطر !

العدوانية والشراسة والتنمر والتحرش اربعة مظاهر صارخة يزخر بها الشارع، وكلنا نتحرك على الطرق الطويلة حول القاهرة، وعلى طرق بين المحافظات.

انظر ماذا يمكن أن يحدث لك ولأسرتك على الدائرى! ستمرق من جانب كتفك وأنت داخل السيارة سيارة مجنونة مندفعة كصاروخ، تتبعها سيارة، وتطاردهما ثالثة، وتنخرط السيارات في غرز داخل المسارات وخارجها، وسيذهلك أن سيارات كثيرة في شوارعنا محمية بالزجاج المعتم، أي مفيمة، يعنى لا تعرف من داخلها ، وأيضا بلا أرقام، وكنت صورت بنفسي صورة لإحدى السيارات على أول طريقي القاهرة الإسماعيلية، وأنا متجه لجامعة مصر الدولية حيث أقوم بالتدريس لأبنائي الطلبة.

المفارقة أن السيارة غير المرقمة كانت تركض آمنة مطمئنة في ثاني يوم من تفجيرات معهد الأورام بكورنيش النيل!

وليت الأمر عند ذلك فحسب، بل إن هناك من يزور اللوحات الرقمية، فيعبث بالحروف، الثلاثة بحذف أحدها، أو يعبث بالأرقام فيحذف ضلع الرقم ٨ أو ٦ أو أي رقم؛ ليرمي بالمصيبة، أو أي مخالفات إنسانا بريئا جالسا في بيته، وقتها، وسيارته مركونة!

مزور أرقام السيارة يزين زجاج سيارته الخلفى بلوحة ممتدة تعلن أن لا إله إلا الله محمد رسول الله!

وعجبى!

ناهيك من مصيبة السير عكس الاتجاه، وآخرته موت بالتصادم أو معركة بالسيوف والسكاكين أو بحديدة تحت قدمي السائق... أو تفجيرات!

وفي المصايف الفاخرة وفى التجمعات الثرية، لا تتوقع أن أخلاق أناس فيها عالية علو ثرواتهم!

بالعكس؛ فالامتلاء بالمال الفاحش طرأ على طبقات لم تتلق تربية صحيحة، ولا تعرف ربها حق المعرفة، بل تجرأت واستقوت على مخلوقاته بالضرب والإهانة!

انظر كيف تتحول ركنة سيارة لموقعة ضرب وتهديد ووعيد وسباب.

هذا التردي المجتمعي يحتاج إلى تفعيل قوانين الانضباط، وإلى معاقبة المتنمر والمتحرش والبلطجى، كما يعاقب الإرهابي.

ويجب أن يحاسب حسابا يحقره في المجتمع، وتسحب منه الرخصة.

لا بد من تنشيط الدوريات الأمنية على الطرق.

لا بد أن يجد المواطن المسالم من يسعفه من الضرب ومن التنمر حين يستنجد بقوة من المرور.

لن أتمنى أن نكون كالمرور الأمريكي، لكن أتطلع إلى فرض النظام وطاعة القانون على الجميع.

البلطجة أسلوب حياة طارئ ومقيم. السكوت عنه سيخلق جماعات ضغط وفئات مضادة، تأخذ القانون بذراعها. عندئذ تعم الفوض.. وليس هذا هو المنشود.

إعلان