إعلان

التهنئة بالعيد ثقة

أمينة خيري

التهنئة بالعيد ثقة

أمينة خيري
09:00 م الإثنين 29 أبريل 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يعرف القاموس "الثقة في النفس" بأنها شعور بالثقة في قدرات وصفات ومواصفات وقدرة الشخص في الحكم على الأشياء. ويعرف عدم الثقة في النفس بأنها العكس حيث يفتقد الشخص الثقة في قدراته من ألفها إلى يائها. وأعراض انعدام الثقة في النفس كثيرة، لكن أبرزها: العدوانية، إلقاء الاتهامات على الآخرين، الهرولة إلى الأعذار والحجج للتبرير، الخوف من التغيير، التركيز على سلبيات الحياة وتجاهل إيجابياتها، التركيز على القبح ومعاداة مظاهر الجمال، الشعور الدائم بالتقصير واعتبار النفس مقصرة ومذنبة طيلة الوقت.

والوقت الذي بدأ فيه مشايخ تحت بئر السلم والزوايا والبعض الآخر من المنتمين لمؤسسات دينية لكن تغلبت عليهم تيارات التشدد والتطرف يحرمون فيه على المصريين المسلمين تهنئة المصريين المسيحيين بأعيادهم، واعتبار الأعياد المصرية الأصيلة وعلى رأسها شم النسيم كفرًا وذنبًا وعارًا هو الوقت الذي ظهرت فيه معالم وملامح عدم ثقة البعض من هؤلاء المسلمين في دينهم، أو بشكل أدق عدم ثقتهم في النسخة الجديدة من دينهم التي شوهها وقبحها مشايخ عابرون للحدود.

حد فاصل يميز بين أولئك الذين يثقون في انتماءاتهم وهوياتهم وأولئك من فاقدي الثقة. ومن يعتقد أن إيمانه قد نقص، أو تدينه قد فتر، أو دينه قد أضير لأنه وجه تحية لآخرين لا ينتمون إلى الدين نفسه في مناسبة خاصة بهم فإنه حتمًا عليه أن يبحث عن علاج يداوي به عواره الفكري ويضمد به جراحه النفسية. ومن يرى أن خروج أحدهم من دين ليعتنق دينًا آخر هو خسارة للدين الأول ومكسبًا للدين الآخر إنما يحقر من شأن الدينين، ويسفه من مكانتهما وأهميتهما. ومن يرى أن الله قد سن ثلاثة أديان سماوية بغرض أن يجتهد أتباع كل دين منها لتسفيه وتقبيح الدينين الآخرين فهو حتمًا مسكين يستحق الشفقة أو مريض عليه أن يسعى للعلاج.

ويبدو أن علاج ما ضرب المجتمع المصري من قبح يرتدي جلبابًا دينيًا وخراب يلتحف بعباءة سوداء وعتمة كبست على أنفاسه الفكرية ترفع شعار "المجتمع متدين بالفطرة" لن يتم عبر القنوات التي ظننا قبل ما يزيد على ثلاث سنوات أنه سيتم من خلالها. فهذه القنوات إما لا تتوافر لديها الرغبة أو المعرفة أو كلتيهما للقيام بالمهمة. والمهمة ليست يسيرة، لأنها لا معالم محددة لها أو ملامح يمكن وصفها بها. فتجديد الخطاب الديني الإسلامي، أو بالأحرى تنقيته مما لحق به من شوائب وملوثات نمت وتمددت حتى هيمنت على الدين وأصبح لها فيه اليد العليا، لن يحدث بقرار أو إجراء. ثم إنه لن يحدث من قبل من آمنوا بهذه الشوائب أو ساعدوا على نشر هذه الملوثات أو على أقل تقدير وقفوا مكتوفي الأيدي بينما الخطاب يتلوث والدين يضار.

وقبل نحو أربع سنوات خسرت صديقة عزيزة من صديقات المدرسة. صديقتي المحجبة "الملتزمة" قررت أن توجه رسالة إلى صديقات المدرسة من المسيحيات في عيد القيامة قوامها دعوة إليهن بدافع حبها لهن وحرصها على مصلحتهن وخوفًا على مصيرهن أن يراجعن أنفسهن وينقحن عقيدتهن المرتبطة بمفهوم القيامة. وذيلت دعوتها لهن بقلوب وورد وقبلات قبل أن تترك دعوتها تضرم نارًا وتلهب المشاعر. ما كتبته الصديقة لا يعني لي إلا أنها تفتقد الثقة في نفسها وفي دينها. وتصرفها الأحمق لا يعني إلا إنها واحدة من ملايين الضحايا الذين سقطوا فريسة لفكر مريض يتخلص منه أصحابه اليوم بقرارات فوقية. وشعورها بأن إنجازها الأكبر في الحياة هو أن تدفع صديقات إلى نبذ دينهن واعتناق دينها يعني أن مفهومها عن قوة الدين ونصرته منقوص.

الثقة في النفس والقدرات والمعتقد أولى خطوات تصحيح الخطاب وتقويم المسار.

إعلان