إعلان

الإنفلونزا هذا العام 2020

د. عبدالهادي مصباح

الإنفلونزا هذا العام 2020

د. عبدالهادي مصباح
09:01 م السبت 28 ديسمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لعن الله سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يطلق عليها "السوشيال ميديا"، والتي تنطلق من خلالها الشائعات والأخبار المغلوطة بأسرع من سرعة الصوت!

فما يصلني كل يوم من رسائل خاصة بالمعلومات والنصائح الطبية يجعلني في بعض الأحيان أتعجب، وأضرب كفاً بكف من جرأة هؤلاء الناس على العلم والطب والتخصص، بعضهم عن حسن نية، وبعضهم عن جهل، ومعظمهم في محاولة لادعاء العلم.

والغريب أن هناك من البسطاء والمتعلمين على حد سواء مَن يعتقدون أن ما يصل إليهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إنما هو حقائق علمية مصدقة لا تقبل النقاش أو الشك .

ولنأخذ مثالا على ذلك.. ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية حول انتشار ما أطلقوا عليه "إنفلونزا الخنازير" وأن بعض المدارس قد أغلقت أبوابها خوفا من انتشار العدوى وحدوث وباء (هكذا كتب الخبر).

انتشر الخبر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، وبالطبع لم ينقطع رنين التليفون بالسؤال من الأصدقاء والمرضى والإعلاميين عن موقف مصر من عدوى "إنفلونزا الخنازير"، وهل هناك وباء يستدعي غلق المدارس أم لا.

وكانت إجاباتي تبدأ: لا يوجد الآن ما يسمى بإنفلونزا الخنازير.. وقبل أن أكمل الشرح يبدأ الجدل، وكأنني اصطدمت بحقيقة علمية غير قابلة للمناقشة؛ لذا قررت أن أكتب الحقائق العلمية دون مناقشة، ومن يُرد أن يستفيد منها فأهلا به، ومن لم يرد فليبقَ مع السوشيال ميديا، وهنيئاً له.

نعم، بالفعل ليس هناك ما يسمى بإنفلونزا الخنازير Swine Flu، لأنه تم تغيير اسمها لأنها ظهرت عام 2009 ومنذ حدوث الوباء العالمي في عام 2011 أطلق عليه "h1n1 pdm09"، ومنذ ذلك الحين لم تصبح هذه السلالة خاصة بالخنازير، بل أصبحت سلالة تنقل العدوى من إنسان لإنسان، وأصبحت تلك السلالة التي كانت تسمى بإنفلونزا الخنازير تدخل في تكوين التطعيم أو اللقاح الذى من المفترض أخذه كل موسم.

وهذا العام هناك 3 أنواع من السلالات موجودة بالفعل في التطعيم الموجود بالأسواق حاليا فيما يتعلق بالإنفلونزا، وهي A(h1n1)pdm09 , A(h3n2) ,B (VICTORIA) وتختلف نسبة انتشار العدوى بسلالات الإنفلونزا بحسب موقع وجغرافيا المكان ونوعية المناخ ودرجة الحرارة.

فمثلاً في الولايات المتحدة أكثر السلالات المنتشرة هذا العام حتى الآن هي الـ"B" وتسمى "بي فيكتوريا"، وكذلك الحال في أمريكا الجنوبية .

أما عن نسب الإصابة بالعدوى بمصر- وفقاً لتقرير صدر من وزارة الصحة المصرية في 15 ديسمبر 2019- فالعينات التي تم فحصها حتى 24 نوفمبر هذا العام كانت 92833 عينة، ونسبة الإيجابي منها لفيروسات الإنفلونزا كانت 8.5% من العينات التي تم فحصها، وكانت السلالة الأكثر انتشارا آنذاك h3n2 ومن خلال فحص العينات حتى الأسبوعين الماضيين من ديسمبر كانت نسبة العينات الإيجابية لعدوى الإنفلونزا من إجمالي العينات 33%، وكان النوع السائد فيها هو سلالة "H1n1"، بنسبة 63% من العينات الإيجابية، وسلالة الـ"H3n2" تبلغ 29%، أما سلالة الـ"b" فيكتوريا فكانت بنسبة 7%.

إذن، نسبة العدوى التي زادت كانت من سلالة (A h1n1) pdm09 وهي تسبب أعراضاً تنفسية سيئة وحرارة مرتفعة، وتكسيرا في العظام، مع التهاب في الحلق، وسعال جاف ثم يتحول لبلغم، ولا بد أن تزيد حرارة الشخص على 38 حتى نقول إن هذه عدوى الإنفلونزا؛ لأن كثيرا من الفيروسات لها أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا مثل "الكورونا والراينو والأدينو".

ولذا ينبغي أن يلتزم المواطنون بالتطعيم الموسمي، وبخاصة الأطفال الأقل من 5 سنوات، وكبار السن فوق الـ65 عاماً، ومن هم مصابون بأمراض مناعية وأمراض مزمنة كالسكري والفشل الكُلوي والكبد وحساسية الصدر، ومن يتعاطون أدوية مثبطة للمناعة كالمصابين بمرض الروماتويد والذئبة الحمراء والحوامل.

وهذا ليس معناه أن الباقي لا يأخذ، لكنني أتكلم عن الفئات الأكثر إلحاحاً وتعرضاً للخطورة، فلا تزال هناك قمة المنحنى لموجة انتشار الفيروس والعدوى في يناير وحتى نصف فبراير.

وهذه موجة كبيرة لا بد أن يأخذ الناس احتياطهم منها، بالتطعيم الذي سيحميهم حتى ولو بشكل جزئي .

وينصح بأن يلتزم المريض بالراحة حال إصابته بالفيروس. ويفضل عدم خروجه من المنزل وممارسة العمل، وألا يقاوم المرض بل يستلقي على السرير للراحة والنوم، وأن يأخذ أدوية لتخفيض حرارته مثل "إيبوبروفين" أو "باراسيتامول".

أما الأطفال الأقل من 18 سنة، فيجب ألا يأخذوا أي نوع من "أسبرين" فهو ممنوع بالنسبة لهم، ويفضل شرب السوائل الدافئة، وإذا كان المريض مصابا بحساسية، فلا بد أن يلجأ للطبيب ليتعاطى الأدوية اللازمة له، مع ضرورة ملاحظة الأطفال أثناء دخولهم المدرسة ومن يكتشف إصابته بعدوى الإنفلونزا، أو ارتفاع في درجة الحرارة لا يدخل المدرسة ويعود إلى المنزل حتى يتم شفاؤه بدلاً من إغلاق المدرسة.

فليس هناك وباء، ولا داعيَ للخوف الشديد ولا لإغلاق المدارس أو منع الأطفال من ذهاب المدارس ما عدا المصاب، من أجل ألا ينشر العدوى لأحد ومن أجل سرعة شفائه، وربما كان تأخر نزول التطعيمات هذا العام وعدم توافرها من أحد الأسباب الذى أدى لارتفاع نسبة الإصابة بالعدوى.

كما يجب عدم الاستهانة بالإنفلونزا في نفس الوقت لأنه مرض قاتل خاصة عند الفئات الأكثر تعرضاً للخطورة، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال أصيب بعدوى الإنفلونزا خلال موسم عامي 2017- 2018- وبحسب مركز السيطرة على الأمراضCDC – 42.9 مليون شخص، ودخل منهم المستشفيات بسبب مضاعفاتها 647 ألف مريض، وتوفي منهم 61.200 شخص بسبب الإصابة بعدوى الإنفلونزا.

وهناك بعض السلوكيات الغذائية في الشتاء تجعل الناس تقلل من المياه، وهو ما يسبب مشكلة في المناعة وفى التقاط العدوى وحدوث لزوجة في الدم.

ومن الضروري شرب الكثير من السوائل الدافئة كـ"الزنجيل، القرفة، الينسون، العدس، الكركم"، مع الوضع في الاعتبار حالة المعدة ومدى قبولها هذه الأعشاب.

وينصح بشرب كوب ماء مع ملعقة عسل أبيض يومياً، وأكل السلطة الخضراء ويكون فيها الخضروات الملونة كالفلفل بألوانه.

وكذلك أكل القرنبيط والخضروات الورقية، والموالح والجوافة، وكذلك شوربة الفراخ التي وجد أن لها تأثيرا قويًا مضادًا لفيروس الإنفلونزا كما أنها تقوي المناعة.

كما يجب الحرص على اتباع السلوكيات والعادات الوقائية التي تحول دون انتشار العدوى بعدم التواجد في الأماكن المغلقة ومنع التقبيل والعطس بطريقة صحيحة، وضرورة أن يتم غسل اليدين كثيراً.

كما ينبغي الحذر من تناول المجموعات التي تباع في الصيدليات لعلاج الإنفلونزا؛ لأنها مكونة من مضادات حيوية غير مكتملة، وبها مسكنات ضارة بالكلى، ولا تأثير لها سوى التسكين، ويجب عدم أخذ المضادات الحيوية إلا في الحالات التي يحددها الطبيب.

ومن المهم للأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة إذا أصيبوا بالإنفلونزا- وأهم أعراضها ارتفاع درجة الحرارة والتهاب الحلق وتكسير في الجسم وسعال في البداية جاف ثم خروج بلغم- أن يتناولوا عقار تاميفلو في أول ٢٤-٤٨ ساعة من العدوى بعد استشارة الطبيب.

إعلان