إعلان

حركة حسم وهجوم المريوطية الإرهابي

محمد جمعة

حركة حسم وهجوم المريوطية الإرهابي

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 02 يناير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يذكرنا الهجوم الإرهابي الذي استهدف إحدى الحافلات السياحية بمنطقة المريوطية، مساء الجمعة الماضي، 28 ديسمبر 2018، بالهجوم الذى نفذته حركة حسم الإخوانية، في 9 ديسمبر 2016، ضد أحد المرتكزات الأمنية للشرطة بجوار مسجد السلام في منطقة مدكور بشارع الهرم، وذلك من حيث التكتيك المستخدم، والتوقيت أيضا؛ حيث استخدمت في هجوم ديسمبر 2016 عبوة ناسفة تماثل تقريبًا تلك التي استخدمت في الهجوم الأخير، فضلا عن أنه قد وقع بعد الحادث بيومين فقط هجوم انتحاري نفذته "داعش" داخل الكنيسة البطرسية، في 11 ديسمبر 2016، وبالتزامن مع الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف.. في حين جاء هجوم المريوطية قبل ثلاثة أيام فقط من احتفالات رأس السنة، وبالتزامن تقريبًا مع احتفالات عيد الميلاد الجديد.

ولا شك أن مرور كل هذا الوقت دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم يعزز من فرضية أن حركة "حسم" الإرهابية هي من تقف وراءه، لأنها ستحجم بالتأكيد عن الإعلان في حال تورطها بالهجوم. وذلك بالنظر إلى طبيعة الهدف الذى جرى استهدافه هذه المرة (مجموعة من السائحين الأجانب) والذى يتناقض تمامًا مع الصورة التي حرصت "حسم" على أن ترسمها لنفسها؛ حيث قدمت نفسها للأجانب في مصر، بعد تحذير أصدرته السفارة الأمريكية في القاهرة، في ٢٤ مايو ٢٠١٧، يتعلق بهجوم محتمل لـ"حسم" جاء فيه: "إننا حركة مقاومة، ولسنا إرهابيين.. ولا حاجة للقلق. إننا مسلمون، ولسنا قتلة...".

أيضا، منذ تنفيذها لأولى عملياتها الإرهابية (في يوليو 2016 بالفيوم)، حاولت "حسم" أن تقدم نفسها بوصفها "حركة ثورية" تتجنب استهداف المدنيين، وتركز فقط على هدف وحيد هو الإطاحة بالمسار السياسي الذي تبلور بعد ثورة 30 يونيو.

ولهذا كله لن تعترف بأنها من تقف وراء جريمة يوم الجمعة الماضي بالمريوطية!

ولكي نفهم أكثر علاقة حركة "حسم" بالهجوم الأخير علينا أولا أن نستوعب جيدا معطيات المرحلة الراهنة من النشاط الإرهابي في مصر، والتي تتشابة إلى حد ما مع تلك المرحلة التي شهدتها البلاد، خلال الفترة الممتدة، منذ شهر مايو 2015 وحتى النصف الثاني من عام 2016، وذلك من زاوية العلاقات البينية بين التنظيمات، وليس من زاوية معدل النشاط أو كثافة الهجمات الإرهابية ذاتها.

ومن تجليات تلك المرحلة ذلك التحول الذى شهدناه على أداء "اللجان النوعية" للإخوان المسلمين فى تلك الفترة، سواء لجهة استهداف المدنيين، أو لجهة محاولة إستلهام أسلوب ودعاية داعش فى سيناء. على سبيل المثال؛ نشرت "حركة العقاب الثوري" في 25 يونيو 2015، فيديو بعنوان "غضبة العقاب"، حاكى بدرجة كبيرة جدا أسلوب شرائط "ولاية سيناء"، التي تبدأ بآيات قرانية وبنشيد، وصور تدريبات عسكرية، وتحذير المدنيين من مساعدة قوات الأمن، وينتهي بتنفيذ إعدام شخص أو أكثر.

*الآن تتوافر أيضا مؤشرات على تقارب وتنسيق بين مختلف الخلايا والتنظيمات، كتكتيك للبقاء فى مواجهة ضراوة حملات مكافحة الإرهاب التى تباشرها مصر فى هذه الآونة. ومن تجليات ذلك :

-إنزواء كل مظاهر الإستقطاب الحاد بين خلايا القاعدة وداعش العاملة فى مصر، والتى ظهرت على نحو حاد خلال الثلث الأخير من العام 2017، عقب ظهور تنظيم " أنصار الإسلام " الذى أعلن مسئوليته عن هجوم الواحات البحرية فى 20 أكتوبر2017.
- أيضا مثلما بثت – من قبل - مجموعات "العقاب الثورى" فيديو "غضبة العقاب" فى 25 مايو 2015 على النحو الذى سبقت الإشارة إليه، بثت أيضا حركة " حسم " الإخوانية، فى الأول من نوفمبر2018، إصدارا جديدا تحت عنوان " الكمين القاتل" راحت فيه تمجد وتشيد بهجوم الواحات البحرية الإرهابى الذى نفذته مجموعة " أنصار الإسلام " المحسوبة على شبكة القاعدة، فى العشرين من أكتوبر2017.

الفيديو، الذى يمتد لنحو 23 دقيقة، تم بثه من خلال صفحة " إعلام المقاومة " qawem media على توتير، وهى ذات الصفحة التى اعتادت مجموعات الإخوان بث عملياتها الإرهابية من خلالها، منذ أغسطس 2016. الأمر الذى يعكس، فى التحليل الأخير، تحول "حسم" في اتجاه مزيد من التقارب الفكري والعملياتي مع تنظيمات سلفية جهادية، على غرار ما فعلته حركات إخوانية أخرى نشطت في السنوات الأخيرة، مثل "حركة المقاومة الشعبية" و"العقاب الثوري"، اللتان نفذتا عمليات مشتركة بالفعل مع خلايا تابعة داعش، فى عام 2016.

يبقى أن ننوه إلى ضرورة أن نستوعب جيدا دروس الخبرة القريبة لعمليات مكافحة الإرهاب فى مصر، والتى تشير إلى أن تراجع عدد الهجمات الإرهابية لا يصلح وحده كدليل على تراجع درجة خطورة التنظيمات أو ضعفها، مثلما لا يعد أيضا دليلا على نجاعة عمليات وحملات مكافحة الإرهاب... فالتنظيمات الإرهابية تلجأ أحيانا إلى الكمون النسبى، أو الوقفات التعبوية بهدف إعادة تنظيم الصفوف ورسم الخطط الجديدة، وإعادة هيكلة القدرات المتاحة...

إعلان