إعلان

صعوبات التعلم عند الأطفال

صعوبات التعلم عند الأطفال

د. سامر يوسف
08:30 م الإثنين 19 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

من المشاكل الصعبة التي قد تواجه أي أسرة لديها أطفال في عمر المدرسة هو انخفاض المستوى الدراسي للأطفال، وعادة ما يذهب الظن إلى أن هناك تقصيراً ما من ناحية الوالدين أو المدرسة أو الطالب نفسه. ولكن أحياناً ما تكون المشكلة أعمق من ذلك، ويكون السبب أن هذا الطفل لديه إحدى مشكلات صعوبات التعلم، فلنتعرف أكثر سوياً على هذا الموضوع عن طريق الإجابة على بعض الأسئلة الهامة والمتعلقة به.

* ما هو تعريف صعوبات التعلم؟

صعوبات التعلم هو مصطلح عام يصف مجموعة محددة من المشاكل عند الأطفال في تعلم أو استخدام إحدى المهارات التعليمية، وأكثر المهارات التي تتأثر عادة هي: القراءة - الكتابة - الاستماع - التحدث - إجراء العمليات الحسابية.

وتختلف صعوبات التعلم من شخص لآخر، فقد يعاني طفل ما من إحدى هذه المشاكل، وقد يجمع آخر بين اثنتين منها، وربما هناك طفل ثالث لديه مشاكل معها جميعاً، لكنه لا توجد قاعدة ثابتة في هذا الإطار.

* هل صعوبات التعلم مرتبطة بالذكاء؟

أظهرت الدراسات العلمية أن الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم عادة ما يكون مستوى الذكاء لديهم إما في المستوى المتوسط أو أعلى قليلاً بالنسبة لأقرانهم، لكن المشكلة أن طريقة تعامل المخ مع المعلومات لديهم تختلف عن الأشخاص الآخرين.

* ما هي أسباب صعوبات التعلم؟

أظهرت الدراسات الحديثة وجود أسباب متعددة ومتداخلة لصعوبات التعلم، وسوف نوجزها فيما يلي:

١- عيوب في نمو المخ: خلال مراحل نمو الجنين، قد تحدث بعض العيوب في تكوين الخلايا العصبية واتصالها ببعضها البعض، ويعتقد العلماء أن هذه العيوب هي التي تؤدي إلى ظهور صعوبات التعلم عند الأطفال.

٢- العيوب الوراثية: يلاحظ في كثير من الأحيان انتشار صعوبات التعلم في أسر معينة، ويُعتقد أن هذا الأمر يعود لأساس وراثي، فعلى سبيل المثال فإن الأطفال الذين يفتقدون لبعض المهارات المطلوبة للقراءة مثل سماع الأصوات المميزة والمفصلة للكلمات من المحتمل أن يكون لديهم أحد الوالدين يعاني من مشكلة مماثلة.

٣- مشاكل أثناء الحمل أو الولادة: يمكن أن يرتبط ظهور صعوبات التعلم لدى الطفل بالمراحل التي تسبق ولادته، ففي بعض الحالات يتفاعل الجهاز المناعي للأم مع الجنين كما لو كان جسماً غريباً فيهاجمه، وهذا التفاعل يؤدي إلى اختلال فى نمو الجهاز العصبي للجنين. وفي حالات أخرى قد يحدث التواء للحبل السري على نفسه أو التفافه حول رقبة الجنين أثناء الولادة، مما يؤدي إلى نقص مفاجئ في كمية الأكسچين الذي يصل للجنين، مما قد يؤدي إلى تأثيرات ضارة على نمو خلايا المخ لديه، والتي قد تسبب صعوبات في التعلم في الكبر. كما يمكن أيضاً أن يسبب تدخين الأم أو تناولها للخمور أو لبعض الأدوية أثناء الحمل معاناة للطفل من صعوبات التعلم فيما بعد.

٤- مشاكل التلوث والبيئة: أثبتت الأبحاث أن التلوث البيئي من الممكن أن يؤدي إلى صعوبات التعلم بسبب تأثيره الضار على نمو الخلايا العصبية، وقد أظهرت الدراسات أن الرصاص وهو من المواد الملوثة للبيئة والناتج عن احتراق البنزين والموجود كذلك في مواسير مياه الشرب المعدنية القديمة، من الممكن أن يؤدي إلى كثير من صعوبات التعلم مع مرور الوقت.

* ما هي علامات صعوبات التعلم؟

لا توجد علامات محددة يمكن من خلالها اكتشاف صعوبات التعلم، ولكن الخبراء عادة ما يكتشفونها عن طريق قياس مستوى ما يحققه الطفل بالمقارنة مع المتوقع منه بحسب مستوى ذكائه وعمره وبالمقارنة مع أقرانه، لكن بصفة عامة هناك بعض المؤشرات التي يمكن أخذها في الاعتبار إذا ما لاحظناها على أحد الأطفال أو اشتكى منها مدرسوه، وقد يواجه الطفل أحد هذه المؤشرات والأعراض أو يجمع بين أكثر من واحدة منها:

وجود تفاوت شديد بين القدرات العقلية للطفل وبين أدائه الدراسي، أي أن يعاني الطفل من مشاكل دراسية رغم ذكائه الملحوظ.

مشاكل في تعلم الأبجدية، والهجاء، ونظم الكلمات، أو الربط بين الحرف وطريقة نطقه (Phonetics)، أو أن يواجه مشكلة في تذكر نطق الحروف المختلفة.

تكرار الأخطاء عند القراءة بصوت، أو اللجلجة كثيراً في الكلمات.

عدم استطاعته فهم ما يقرأ أحياناً، أو أن يواجه مشكلة في التعبير عن الأفكار بالكتابة.

سوء الخط بشكل كبير، أو الإمساك بالقلم بشكل غريب.

التأخر في تعلم اللغة (النطق)، مع القدرة على معرفة عدد محدود فقط من المفردات اللغوية.

أن يواجه مشكلة في تحديد اتجاهات كتابة الحروف المختلفة فيكتبها معكوسة.

قد ينطق الكلمات بشكل خاطئ، أو يخلط بين الكلمات المتشابهه.

أن يواجه مشكلة في تكوين جمل للتعبير عما يريده أو إيجاد الكلمات المناسبة للمواقف المختلفة.

الخلط بين الرموز الحسابية المختلفة، أو أن يخطئ في قراءة الأرقام.

أن يواجه مشكلة في سرد حكاية ما بالترتيب، فنجده قد يبدأ بالنهاية أو من المنتصف.

* ما هي صعوبات التعلم الأكثر شيوعاً ؟

صعوبات القراءة: وتشمل مشاكل (القراءة - الكتابة - النطق - التحدث).

صعوبات الكتابة: وتشمل مشاكل (الخط - الهجاء - تنظيم الأفكار).

خلل في الكلام: ويشمل مشاكل (فهم اللغة - ضعف قدرات القراءة).

اضطراب السمع: وهي صعوبات في السمع لا تسمح للطفل بتمييز الفرق بين أصوات الحروف، وتشمل مشاكل (القراءة - كتابة الجمل - تعلم اللغات).

صعوبات الحساب: وتشمل مشاكل (إجراء العمليات الحسابية - فهم الوقت - استخدام النقود).

اضطراب المعلومات المرئية: وهي مشاكل في ترجمة المخ للمعلومات المرئية التي تصله، ويشمل مشاكل في (القراءة - المسائل الرياضية - قراءة الخرائط - تمييز الصور والرموز).

اضطراب في التوافق العضلي العصبي: ويشمل مشاكل (الاتزان - التوافق بين أداء اليد والنظر).

بعض الاضطرابات النفسية الأخري والتي ينتج عنها صعوبات تعلم مثل التوحد (Autism)، واضطراب التركيز مع أو بدون الحركة المفرطة (ADD / ADHD).

* ما هو علاج صعوبات التعلم؟

رأينا فيما سبق أن لصعوبات التعلم أسباباً متعددة، ومن الطبيعي أن يكون العلاج متناسباً مع طبيعة الصعوبة التي يعاني منها الطفل ودرجة خطورتها. ومن الطبيعي أيضاً تضافر الجهود بين مختلف المتداخلين في تربية الطفل من آباء ومعلمين وأطباء نفسيين. وعموماً فإنه يمكن التخفيف من الآثار المحتملة لصعوبات التعلم من خلال تنفيذ التوجيهات التالية:

١- تفهم الوالدين للمشكلة:

يجب على الآباء أن يتفهموا طبيعة مشاكل أبنائهم، وأن يساعدوا المدرسة في بناء برنامج علاجي لهؤلاء الأبناء بعيداً عن الضغوط والتوترات النفسية.

٢- تطبيق برنامج تعليمي خاص لكل حالة:

يجب تخطيط برنامج تعليمي خاص مناسب لكل طفل حسب نوع الصعوبة التعليمية التي يعاني منها، ويكون ذلك بالتعاون بين الأخصائي النفسي والمدرس والأسرة. ويجب وجود مدرسين أكفاء علمياً ويتعاملون مع الأطفال بصورة مناسبة، مع التجنب التام للعنف البدني واللفظي والنقد المبالغ فيه لأن هذا من شأنه تقليل ثقة الطفل في نفسه.

٣- التشخيص والتدخل المبكر:

إن تشخيص حالة الطفل المصاب ينبغي أن يتم تحت إشراف الأخصائيين النفسيين، وكلما كان التشخيص مبكراً كلما تمكنا من التعامل بشكل أفضل مع الطفل وتجنب الكثير من المضاعفات العقلية أو النفسية للطفل.

٤- التعاون بين المدرسة والعائلة:

تؤثر صعوبات التعلم على الحياة ككل، ولذا فيجب أن يكون البرنامج العلاجي شاملاً لكل نواحي التعلم، وبتنسيق تام بين الأسرة والمدرسة.

وأخيراً فإذا ما كان طفلك يواجه مشكلة تشبه ولو قليلاً ما سبق ذكره من مشاكل، فلا بد من سرعة التوجه به لأحد المراكز المتخصصة في علاج هذه الحالات من أجل إجراء الفحوصات اللازمة، فقد يكون الأمر لا يرقى لمستوى صعوبات التعلم. ولكن في حالة وجودها فالاكتشاف المبكر لها يسمح لطفلك بفرصة أفضل للتحسن وتلقي التعليم بطريقة أكثر سهولة وكفاءة.

إعلان