إعلان

هل الفائدة الجديدة على مقاس مصر؟

محمد جاد

هل الفائدة الجديدة على مقاس مصر؟

محمد جاد
09:25 م السبت 27 مايو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"قرار البنك المركزي المصري المفاجئ برفع سعر الفائدة بـ 200 نقطة أساس إلى 16.75% يبدو كنتيجة لضغوط صندوق النقد الدولي"، جاء ذلك في تقرير لمركز الدراسات كابيتال إيكونومكس ليعبر صراحة عما كان يتداوله المحللون بشأن قرار الفائدة الأخير.

في إبريل الماضي، نقلت وكالة رويترز عن جهاد أزور، مدير الصندوق للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، قوله إن في مصر "أدوات نقدية ومالية، تشمل أسعار الفائدة، يمكن أن تساعد على احتواء التضخم"، وهو ما كان بمثابة إشارة إلى أن الصندوق يشعر بالقلق من معدلات التضخم المرتفعة، ويرغب في اتباع الإجراء الكلاسيكي برفع فوائد البنوك لتشجيع المدخرين على وضع السيولة المتاحة لديهم في خزائن المصارف، مما يقلل من الطلب في السوق ويكبح التضخم.

لكن العديد من المحللين اعترضوا على هذه الرؤية، ودفعوا بأن القفزة الكبيرة التي شهدها معدل التضخم السنوي منذ نوفمبر الماضي كان السبب الرئيسي وراءها هو توصية الصندوق باتباع سعر صرف مرن، وهو ما دفع المركزي لإجراء التعويم الذي سرعان ما هوى بالجنيه لأكثر من نصف قيمته.

وبالتالي فإن زيادة الفائدة لن تُجدي في نظرهم، ولكن الأجدى هو أن يتعافى الجنيه أمام الدولار وترتفع قيمته مجددا، بل إنهم رأوا أن الزيادة الكبيرة التي أعلنها المركزي في الفائدة في شهر التعويم، 300 نقطة أساس، كانت لدعم العملة المحلية، حيث أن قيام المركزي برفع الفائدة يدفع وزارة المالية لزيادة العائد على الديون التي تبيعها في سوق أذون الخزانة، وكلما ارتفع العائد على الأذون كلما زادت الاستثمارات الأجنبية في هذه الديون، يعني دخول دولارات أكثر وإمكانية أكبر لتعافي الجنيه.

لكن المركزي كان صريحا للغاية في بيانه الأخير، وربط رفع الفائدة برغبته في تخفيض التضخم لما يتراوح بين 10- 16% في نهاية 2016.

ودخل اتحاد الصناعات على الخط في هذا الجدل المحتدم، لينتقد القرار بشكل صريح واصفا إياه في بيان رسمي بالـ"مفاجئ" و"جاء في توقيت غير مناسب".

واعتبر رئيس الاتحاد، محمد السويدي، أن القرار "سيكبد الصناعة المصرية معاناة جديدة"، في إشارة إلى الزيادة المنتظرة في الفائدة على القروض الموجهة للشركات، وقد كان بنك مصر من أوائل البنوك التي استجابت لقرار المركزي ورفع، بدءا من الشهر المقبل، الفائدة 2% على القروض المرتبطة بسعر الكوريدور.

وما يعنيه هذا الجدل ببساطة لغير المتخصصين في الشأن الاقتصادي أن صندوق النقد يميل للتضييق بعض الوقت على النشاط الاستثماري في مقابل أن يسيطر على وتيرة ارتفاع الأسعار، ويحتج المستثمرون على ذلك معبرين عن مخاوفهم من أن تقلل الفائدة المرتفعة من فرص الاستثمار، ويرى محللون أنها لن تكون مجدية بشكل كبير في تخفيض التضخم، مما يعرضنا للدخول فيما يطلق عليه الاقتصاديون بـ"الركود التضخمي".

ستبرهن الأيام المقبلة على صحة أي من وجهتي النظر المتصارعتين، لكن الحضور القوي لصندوق النقد في صناعة القرار الاقتصادي المصري يجب أن نتوقف أمامه قليلا، بعيدا عن رطانة الحكومة عن استقلالية القرار المصري، لم يقل أحد أننا تحت احتلال أجنبي ولكن الصندوق يستطيع ببساطة أن يمارس "ضغوط" على حد تعبير كابيتال إيكونومكس.

وخطورة هذه " الضغوط " أن روشتة الصندوق لا تؤدي بالضرورة إلى نتائج إيجابية، ويمكن أن نقتبس في هذا السياق تعليق مارك موبيوس، رئيس تمبلتون ايمرجين ماركت، لبلومبرج عن قرار الفائدة في مصر بقوله إن الصندوق يصدر توصيات "one size fits all"، "على مقاس واحد للجميع" بمعنى أنه لا يراعي الظروف المختلفة لكل بلد.

إعلان