إعلان

وجهة نظر: أحمد رمضان.. وأزمات الصحافة في مصر

الكاتب سامي مجدي

وجهة نظر: أحمد رمضان.. وأزمات الصحافة في مصر

07:30 م الثلاثاء 18 أغسطس 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - سامي مجدي:

انشغل الوسط الصحفي بقضية الزميل أحمد رمضان، المصور الصحفي بجريدة التحرير، الذي اعتقلته قوات الأمن وهو يقوم بعمله بتغطية وقائع جلسة من جلسات محاكمة الرئيس الأسبق وكبار قادة الإخوان المسلمين في القضية المعروفة باسم "التخابر مع قطر" والتي تُعقد جلساتها في أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، بعد أن وشت إحدى مصورات الفيديو بصحفية اليوم السابع لضابط شرطة غير مسؤول، بأنه ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين المُصنفة جماعة إرهابية، حسبما أفاد مصورون صحفيون كانوا في الجلسة.

قضى رمضان أكثر من 24 ساعة قيد الاحتجاز - منها سبع ساعات لم يُعرف مكان احتجازه!!- حتى تم إطلاق سراحه مساء الاثنين بكفالة قيمتها 5 آلاف جنيه، وجاء بصحبة زملاء آخرين إلى نقابة الصحفيين حيث كان عشرات الزميلات والزملاء في وقفة احتجاجية للتنديد بتصرف المصورة والتضامن مع رمضان والمطالبة بالإفراج عنه وعن جميع الصحفيين الذين يقبعون خلف القضبان في قضايا متعلقة بالنشر. ورغم فرحة الإفراج عنه إلا أن هناك في سجله قضية يحاكم فيها دون أدنى ذنب أو جرم.

أزمة "رمضان" متشعبة أحاول أن أوجز أوجهها في السطور التالية، حيث أنها من وجهة نظري "أزمة جيل" من الصحفيين يعاني أشد المعاناة بعد أن انهارت المهنة ووصلت إلى الحضيض، وبات الصحفي مُهددًا ليس في "لقمة عيشه" فقط وإنما في حريته وفي أحيان كثيرة في حياته نفسها.

قبل أي شيء، لابد ألا تجرفنا مشاعر التعاطف والتضامن مع الزميل أحمد رمضان، لنخالف ما نؤمن به حرية وديمقراطية وسيادة القانون، ونمنع مصورة اليوم السابع من حقها في الدفاع عن نفسها في تحقيق تُجريه معها الجريدة بحضور ممثلين عن مجلس النقابة حتى يكون القرار الذي يتخذه المجلس شفافًا لا غُبار عليه ولا شبهة فيه. وكنت أرى ألا يتم إصدار قرار منعها من دخول النقابة حتى ينتهي التحقيق الذي أعلنت الجريدة عنه.

بداية، هناك أزمة أخلاقية شديدة فضحتها أزمة "رمضان".. فمسألة وجود "أمنجية" يكتبون تقاريرا ويبلغون الأمن وجهات أخرى عن زملاءهم ويتقاضون أموالا وأشياء أخرى مقابل ذلك، ليست بالجديدة، لكنها المرة الأولى التي يكون فيها الأمر علنيًا بهذا الشكل الفجّ. ورأيي أن هذا نابع في جزء كبير منه من المناخ الذي تعيشه الصحافة المصرية والعربية وصحافة دول العالم ذات الأنظمة السلطوية غير الديمقراطية التي لا تعترف بشيء اسمه "حرية الصحافة" و"حرية تداول المعلومات"، الأمر الذي يُجبر بعض الصحفيين ضِعاف النفوس والإرادة على أن يخضعوا لتلك الجهات والعمل "مخبرين" على زملائهم، وهم قبل ذلك يخونون أنفسهم والمهنة التي ينتسبون إليها زورا وبهتانا بغض البصر عن مهمة الصحافة الأساسية والسامية.

هناك أيضا الأزمة التي يعاني منهم كثير من شباب الصحفيين من هم ليسوا تحت مظلة نقابة الصحفيين، فزميلنا "رمضان" واجه اتهامًا بأنه انتحل صفة صحفي رغم أنه يعمل في المهنة منذ سنوات.. وأكثر من 70 في المئة ممن يمارسون الصحافة في مصر غير مُقيدين في جداول النقابة، الأمر الذي يضعهم تحت مِقصلة القانون. لا أدري سبب عدم تعديل القانون الذي عفا عليه الزمن، وبات كثير من الصحفيين خاصة الخريجين الجُدد يقبلون العمل في ظروف قاسية بشروط مُجحفة بمقابل زهيد على أمل أن ينضموا للنقابة ويحصلون على "الكارنيه".... و"البدل".

أزمة أخرى، وهي "قبضة السلطة" التي تتزايد وطأتها يوما بعد يوم على الصحافة والصحفيين الذي تضيق المساحة أمامهم حتى لم يبقى أمام البعض سوى أن يغادر البلد بأكملها ويبحث عن "عيش كريم" في بلد اخر. في طريق العودة من الوقفة الاحتجاجية اسر لي صديق هو من أمهر الموجودين في وسطنا الصحفي بأنه يفكر جديا في ترك البلد. وهناك أمثلة كثيرة لزملاء وكلهم من المشهود له بالكفاءة والنزاهة والموضوعية في أعمالهم تركوا البلد بعد أن ضاقت بهم ذرعا وهم من يعشقون ترابها والسير في حواريها والسهر في لياليها وما كان يخطر ببال أحدهم أن يتركها مكرها.

وما زاد الأمر سوءا، قانون الإرهاب الجديد الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل يومين وهو يضيق الخناق أكثر وأكثر على الصحفيين، ولذلك حديث آخر.

إعلان

إعلان

إعلان