إعلان

طفولة شعب.. قصة قصيرة جدا..!

محمد أحمد فؤاد

طفولة شعب.. قصة قصيرة جدا..!

01:48 م الثلاثاء 29 أبريل 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم- محمد أحمد فؤاد:

الطفل: ماما.. أنا جعان، ممكن تعملي لي حاجة آكلها؟

الأم: حبيبي أنا باتكلم في التليفون مع طنط، وزي ما إنت شايف بأتفرج على الفيلم الجديد بتاع عمو السبكي.. روح إنت المطبخ إعمل ساندويتش! ولا اقولك بدل ما تبهدلي لي المطبخ.. خد إتنين جنيه وإنزل الشارع إشتري أي حاجة إنت عايزها.. (الأم تحدث نفسها: الواد المِنَيّل عايز يقطع عليا الفيلم اللي قالب الدنيا، وأقوم أعمل له أكل.. إنشا الله ما أكل ولا إتهبب..!) أيوه يا سوسو: قولي لي إيه اللي حصل في الحتة اللي فاتتني بسبب المقروص في حواجبه الصغير اللي عمّال يبص من خرم الباب عايز يعرف الفيلم عن أيه.. حتى العيال الصغيرة يا اختي كمان بقت زيي وزيك.. نبحلق وبس، ونقعد نتنقرز على كل حاجة، والأخر كله يطلع على فاشوش..!

الطفل في الشارع أمام محل البقال، وفي حيرة من أمره أمام مئات الأطنان من أكياس بطاطس ومقرمشات صناعية بألوان ونكهات مبهرة! لكن لا يستطيع الاختيار، فيستعين بالبقال عم/ حلال: بكام الكيس ده يا عم؟ البقال: معاك كام يا حبيبي؟ معايا إتنين جنيه! مش مشكلة، هاتهم وخد أي كيس! ربنا يقدرنا على فعل الخير..! الطفل يغادر البقال سعيداً دون ملاحظة أن سعر ثلاثة أكياس هو جنيه واحد! لكنه لم يهتم، فالبقال عم/ حلال قطعاً لا يأكل الحرام.. ويشرع في أكل محتويات الكيس المترهل الذي قضى عمره الافتراضي بالكامل على الرصيف معرض للأتربة والشمس والتلوث بمياه الصرف التي تلهو بها السيارات ذهاباً وإياباً... الطفل يصل للبيت وحذائه متسخ بأوحال الشارع بفعل مياه المجاري التي كونت بحيرة صناعية مزمنة أمام المساكن تزينها تلال القمامة المتعدة الألوان الزاهية..!

الأب يجلس وفي يده تليفونه النقال ماركة سامسونج إكس واي زد، ويبدو أنه يتواصل مع شخص ما بخصوص أمر هام لأنه في حالة تركيز شديدة تبدو من جحوظ عينيه! أو ربما أنه مرهق بعد عناء يوم طويل.. يرتبك الأب مع دخول الطفل بدون سبب، ثم يرسل نظرة سريعة لحذاء الطفل المتسخ، ويبدأ في تعنيفه بشدة على عدم نظافة الحذاء غالي الثمن، وعدم تركيز الطفل اثناء السير مما يتسبب في اتساخ الحذاء وبالتالي المنزل.. لا يكتفي بهذا، لكنه يقسم أنه لن يشترى للطفل حذاء جديد بسبب إهماله المتعمد، وبالطبع عدم المتابعة والتوجيه من أمه التي هي منصرفة تماماً لمشاهدة الفيلم إياه ولم تحرك ساكناً.. يحني الطفل رأسه في أسى ويسير لغرفته وهو لا يعلم سبباً لهذه الثورة الغريبة من أبوه الذي ربما يراه لدقائق معدودة يومياً لم تتسع إبداً إلا للتوبيخ والتأنيب.. الأب يعود لمتابعة تليفونه النقال وترتسم على وجهه ابتسامة راحة بعد أن نجح أخيراً في تحميل مقطع ساخن لهيفاء وهبي من فيلمها الأخير..!

الساعة الثانية بعد منتصف الليل.. الطفل يصرخ بسبب آلام شديدة بالمعدة وقيئ مستمر.. الأم: يا لهوي الواد سخن نار، قوم يا راجل شوف دكتور! الأب متكاسلا: وأنا هلاقي دكتور فين الساعة دي؟ حأخده وأروح بيه المستشفى، تلاقيكي أكلتيه حاجة بايظه..! الأب: تاكسي ... تاكسي! السائق: على فين يا افندي؟ الأب: المستشفى الحكومي لو سمحت.. السائق: خمسين جنيه مقدم يا بيه.. الأب: اتفضل، مش مهم، بس توصلني اعمل معروف لأن الولد تعبان قوي.. السائق: ماشي يا بيه، بس نقف في محطة البنزين نمون! الأب: ماشي يا سيدي بس إتحرك بقى اعمل معروف.. على محطة البنزين لافتة تقول: لا يوجد بنزين لانقطاع الكهرباء..! السائق: انزل يا افندي امشي الخطوتين دول على رجلك المستشفى في أخر الشارع علشان مافيش بنزين.. الأب يجري بأسرع ما يستطيع حتى وصل إلى المستشفى ليجد اثنان من الأطباء على سلم المستشفى يدخنان بشراهة تحت علامة ممنوع التدخين وأحدهما يحمل في يده لافتة كتب عليها ''اعتصام الأطباء حتى تنفيذ مطالبهم'' الأب للطبيب: من فضلك ممكن تقولي فين باب المشرحة.. ابني مات..!

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان