إعلان

ماذا تريد قطر؟(٤)

ماذا تريد قطر؟(٤)

07:19 م الإثنين 16 سبتمبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


بقلم - عبداللطيف المناوي:
المقدمة الحقيقية للسقوط الكبير للقناة، قطرية الانتماء ظاهريا، ''الجزيرة''، بدأ مع أحداث يناير، والانكشاف الكامل وضح أيام حكم الإخوان، وأثناء وبعد ثورة ثلاثين يونيو. وكما ذكرت من قبل تظل سياسة هذه القناة، التى خلعت عنها أى ملمح مهنى فى التناول، هى العنصر الحاسم فى أى تطور ممكن فى العلاقة المصرية القطرية.

وأعود لنستكمل بسرعة الصورة والموقف القطرى الذى تمثل فى موقف قناتها من الأحداث. كنت قد بدأت المقال الأخير فى وضع شهادتى حول أداء هذه القناة يوم الخامس والعشرين من يناير وما تلاه.

توازى الدور الذى تقوم به القناة العامة مع قيام قناة الجزيرة مباشر، القناة الأخرى للجزيرة، بفتح شاشتها لما قدمته باعتباره تعليقات المشاهدين، وهى تحمل أكبر قدر من التحريض والسب والتجاوز ضد النظام المصرى القائم وأركانه وقتئذ، والتأكيد من خلال هذه التعليقات على أن ما يحدث فى مصر هو انهيار كامل، رغم أن الأمور كانت فى بدايتها، ولم تكن تنبئ بذلك، ولا كان ذلك هو سبب نزول المصريين للتظاهر، ولم يقف الأمر أيضا عند هذا الحد، بل إن شاشة قناة الجزيرة مباشر، تحولت إلى وسيلة الاتصال البديلة بين الجماعات المنظمة والمشاركة فى المظاهرات، بعد بطء وقطع الاتصالات والإنترنت.

أقول: خلال هذين اليومين كانت ''الجزيرة مباشر'' هى وسيلة الاتصال البديلة، ولقد قامت القناة بدور وسيلة الاتفاق والإبلاغ عن أماكن التجمع والتظاهر والإجراءات، التى ينبغى اتخاذها فى حال مواجهة الشرطة، وأسلوب التظاهر، وكيفية التعامل مع القنابل المسيلة للدموع، والإجراءات التى ينبغى اتخاذها عند التعرض لمثل هذه المواقف، وأيضا كيفية الكر والفر من قوات الشرطة، وكيفية تنظيم التظاهر للضغط على قوات الشرطة، أى كل التعليمات التى كانت على فيس بوك، وتويتر والمدونات والإنترنت، فكانت البديل للمواقع الاجتماعية والاتصالات المقطوعة. ولم نكن نفهم فى ذلك الوقت تفسيرا لذلك، ولم تكن ملامح المؤامرة قد اتضحت كما حدث الآن.

كان المشهد برمته غريباً، وأبعد ما يكون عن الأعراف المهنية، بادرت بالاتصال بمدير القناة فى مصر فى ذلك الوقت، واسمه عبدالفتاح فايد، وتبرأ مدير المكتب مما يحدث فى ''الجزيرة مباشر''، وادعى أن ذلك يتم فى قطر، وأنه ليس لديه أى سيطرة عليه، وأنه أبلغ الإدارة فى الدوحة، العاصمة القطرية، لكنهم لم يستجيبوا، وطلبوا منه فقط أن يمدهم بما يطلبونه، وقد كان ذلك الموقف غريبا ومفاجئًا من قناة الجزيرة، حيث إن الرئيس مبارك كان قد زار قطر قبلها بأسابيع، ولقد كان أحد الموضوعات المهمة التى طرحت فى النقاش مع أمير قطر هو توقف قناة الجزيرة عن الهجوم على مصر، وقد علمت ذلك من الرئيس شخصيا، وأن موقف القناة سوف يكون أكثر موضوعية وحرفية، كما أكد له الأمير فى تلك الزيارة، التى كانت يبدو وقتها أنها محاولة لتهدئة العلاقات المتوترة بين البلدين فى كثير من المناحى السياسية المختلفة، غير أن الأيام بعدها كشفت أنها كانت عملية تخديرية للقيادة السياسية المصرية. وهكذا أعلنت قناة الجزيرة بشكل واضح أنها الطرف الجديد فى معادلة الأحداث المقبلة، وأصبح موقفها كموقف الإخوان المسلمين.

واليوم تؤكد هذه القناة مرة أخرى ذلك الموقف اللا مهنى، وذلك القرار بالاستمرار فى كونها طرفاً مباشراً فى الأحداث فى مصر، ولكنها هذه المرة لا تدرك أنها بموقفها هذا فقدت البقية الباقية من الاحترام والتقدير عند القطاع الأعظم من المصريين، وأظن أنه بات من الصعب تعويض تلك الخسارة الكبيرة المتمثلة فى المصداقية، وأيضا لا أظن أن من الوارد عودة العلاقات المصرية القطرية إلى المستوى المقبول بين بلدين، يفترض أنهما شقيقان، دون أن تعود تلك القناة ومسؤولوها إلى الطريق المهنى الموضوعى. وهذا التصحيح لموقف القناة هو من بين سلسلة من الإجراءات التى أراها حيوية إذا أراد المسؤولون القطريون إعادة المياه إلى مجاريها، ولكنه يظل إجراء محورياً وأساسياً من بين إجراءات أخرى اتخاذها هو السبيل لإنقاذ البقية الباقية من علاقة يبدو أن القطريين فى موقع المسؤولية لا يريدون لها ذلك.

إعلان