إعلان

لا حقوق ولا حريات ولا فصل بين السلطات.. دراسة لـ"الاستعلامات" تفنِّد مساوئ الدستور القطري واستبداد النظام

04:57 م الثلاثاء 13 أكتوبر 2020

الشعب القطري

كتب- مصراوي:

قالت الهيئة العامة للاستعلامات إنه من خلال الأبواق الإعلامية التي استأجرت العاملين فيها من كل حدب وصوب، تتقمص الشلة الحاكمة في "قطر"، دور المدافع عن الديمقراطية وحقوق الشعوب، وتوجه النصائح والانتقادات إلى غيرها من شعوب الأرض؛ باستثناء الشعب القطري المغلوب على أمره، والمحكوم بأحد أسوأ النظم السياسية على الإطلاق، نظام تم تصميمه أصلًا ليخدم "دولة المزرعة" أو "العزبة" التي يتحكم فيها وثرواتها ويستعبد شعبها "الأمير" وزبانيته وأعوانه من المنافقين والمستأجرين وشذاذ الأفاق ممن لديهم استعداد لبيع أنفسهم لهذا النظام الذي أنكر حقوق شعبه.. بل أنكر وجود شعب من الأصل في قطر، وتفرغ للإساءة إلى الشعوب الأخرى وإلقاء دروس في حقوق الشعوب ومتطلبات الديمقراطية والحريات المحروم منها شعب قطر، باستثناء الطغمة المتحكمة فيه وفي ثرواته.

وأكدت الهيئة، في تقرير لها، أن النظام في قطر لم يعرف أي دستور للبلاد على مدى نحو 30 عاماً منذ الاستقلال عام 1970 إلى أن صدرت وثيقة عام 2004 أطلق عليها "الدستور الدائم لدولة قطر"؛ وهي وثيقة لم تفعل سوى تقنين نفس أسلوب السيطرة والاستعباد الذي مارسه حمد بن خليفة آل ثاني، ونجله تميم، ضد شعبه قبل وبعد صدور هذه الوثيقة.

ووفقًا لهذه القراءة المتخصصة التي أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات، فقد جاءت هذه الوثيقة المسماة "الدستور الدائم لقطر" خالية من الحد الأدنى للضمانات المتعلقة بحقوق وحريات أفراد الشعب، وحافلة في الوقت نفسه بكل ما يكرس السلطات المطلقة "للأمير"، وبما يكبل ويقيد ويهدر الحقوق الأساسية للمواطنين، وكل ما ما ورد به عن "مؤسسات" هي كيانات شكلية سرعان ما نزع الدستور نفسه صلاحياتها ومنحها للأمير، سواء من خلال "تعيين" أعضائها أو التحكم في قراراتها.

فكيف لفاقد الشيء أن يعطي دروساً فيه؟ هذا هو حال نظام "عزبة" حمد آل ثاني وابنه.

وأشارت الهيئة إلى أن قراءة في نصوص دستور قطر الذي جاء في (150) مادة توضح الأسلوب الذي يُحكم به شعب قطر.. أسلوب لا مثيل له في أي من النظم لا في القرن الحالي أو الذي سبقه؛ فقد حمل دستور قطر (2004) اسم "الدستور الدائم لدولة قطر"، وهو اسم يحمل من البداية دلالات الخديعة والإحساس بعقدة "المزرعة".

وتابعت الدراسة: "فالأمير في إصداره للدستور وصفه بالدستور (الدائم) رغم أنه لا يوجد على وجه الأرض دستور دائم، فكل دستور قابل للتغيير والتعديل، بل إن الدستور القطري نفسه أباح تعديله بعد مرور عشر سنوات على إصداره (مادة 148)، ولا شك أن الهدف من استخدام هذا المصطلح هو بث اليأس في نفوس الشعب القطري من مجرد التفكير في المساس بالصلاحيات المطلقة للأمير رغم أن الدستور نفسه أحاط هذه الصلاحيات الاستبدادية بأكثر من سياج يضمن استمرارها وعدم تعديلها".

واصلت الدراسة: "الملاحظة الثانية على اسم الدستور هو أنه لم يتحدث عن (دستور قطر) أو دستور (إمارة قطر)، وإنما تحدث (دولة قطر)، ولو كان قادة قطر على ثقة بأنها (دولة) وليست مجرد مزرعة لحمد بن ثاني وأبنائه.. لما احتاجوا إلى استخدام هذا المصطلح الذي ينم عن الإحساس بأن ما يرسخونه ليس دولة بالمعنى الذي تعرفه النظم السياسية الحديثة".

وتابعت الدراسة: "الملاحظة الثالثة هي ديباجة الدستور التي جاءت في نص (إصدار الدستور) من جانب حمد بن خليفة آل ثان؛ حيث جاءت صياغة المقدمة لتقدم الدستور كمنحة من الحاكم، حيث يقول نحن حمد بن خليفة آل ثان... تحقيقاً لأهدافنا... أصدرنا هذا الدستور، وينشر في الجريدة الرسمية بعد سنة من تاريخ صدوره. في الوقت نفسه، قال حمد بن خليفة في هذا الإصدار إن (هدفه استكمال أسباب الحكم الديمقراطي)... وإقرار دستور دائم يرسي الدعائم الأساسية للمجتمع، ويجسد المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ويضمن الحقوق والريادة لأبناء هذا الوطن المعطاء. وفي مقابل هذه الوعود (بالديمقراطية) و(الحقوق) و(الحريات)، جاءت نصوص الدستور حافة بكل ما هو عكس ذلك".

وأشارت الدراسة إلى أن المشرع خصص الباب الثالث من هذه الوثيقة المسماة "الدستور الدائم لدولة قطر" للحقوق والواجبات العامة، ولكن في حقيقة الأمر فشلت هذه الوثيقة في أن تشمل حتى حقوق الإنسان الأساسية، فتغاضت عن كثير من الحقوق، وحتى الحقوق التي تضمنتها الوثيقة، في ظاهرها نصت على الحفاظ على حق المواطن في الحرية الشخصية وحمايته من الحبس التعسفي، وعلى احترام حريته في التنقل، إلا أنها في واقع الأمر تُجهض هذه الحقوق عبر إضافة عبارة "إلا وفقًا لأحكام القانون" في نهاية عدد من المواد المهمة؛ مما فتح الباب على مصراعيه للسلطة الحاكمة لإهدار هذه الحقوق، وتقييدها لدرجة تصل إلى تعطيلها بشكل تام، كحق تكوين الجمعيات والتجمعات وحرية الصحافة والرأي والتعبير.

هذه بعض الحقوق التي تم النص عليها صراحةً؛ ولكن الدستور انتقص من مضمونها بشكل يؤدي إلى تقييدها وتجميدها، وبعض الحقوق الأخرى التي أغفل "الدستور" النص عليها صراحةً.

الحقوق التي لم ينص عليها الدستور نهائيًّا

لم ينص الدستور القطري على حق الإضراب السلمي.

لم ينص الدستور القطري على حرية التنقل والإقامة والهجرة، ولم يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين.

لم ينص الدستور القطري على حق إنشاء النقابات المهنية أو العمالية.

لم ينص الدستور القطري على حق تكوين الأحزاب السياسية.

لم يحظر الدستور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسري للإنسان.

لم يجرم الدستور الاعتداء على الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون.

حقوق.. ولكن

حظر الدستور القطري في المادة (35) التمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. وأغفلت المادة النص على عدم التمييز على أساس العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر.

منع الدستور في المادة (36) إلقاء القبض على أي شخص إلا وَفق أحكام القانون. وكان من باب أولى أن ينص الدستور على عدم جواز احتجاز أي إنسان إلا بأمر قضائي مسبب "بدلًا من عبارة: إلا وَفق أحكام القانون"؛ لأن هذا النص يفتح الباب أمام شرعنة الاعتقال الإداري دون العرض على جهات التحقيق، كما أن المادة لم تحدد مدة محددة تلزم الجهة التي تقبض أو تحتجز الأشخاص بضرورة عرضه أمام جهات التحقيق خلال مدة محددة.

وهذا ما حدث بالفعل؛ حيث نصت المادة (7) من القانون رقم (5) لسنة 2003 الخاص بإنشاء جهاز أمن الدولة، على أن "استثناء من أحكام قانون الإجراءات الجنائية، تكون مدة احتجاز من يسند إليه ارتكاب فعل من الأفعال المتعلقة بالجرائم التي تدخل في اختصاصات الجهاز (30) يوماً على الأكثر قبل عرضه على النيابة العامة، ولرئيس الجهاز إذا اقتضت الضرورة ذلك، أن يأمر بمنعه من مغادرة البلاد مدة لا تزيد على (30) يوماً، يجوز تمديدها بناءً على أمر من النائب العام لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة".

أي نص القانون على إمكانية احتجاز شخص قبل عرضه على النيابة لمدة (30) يومًا كاملة.

نصت المادة (41) من الدستور على أن الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون، دون أن تنص المادة على مَن له الحق في اكتساب الجنسية. ولم يمنح القانون الجنسية لمَن يولد من أم قطرية إلا بذات الشروط التي يمكن أن تمنح الجنسية لكل مقيم على أرض قطر من غير القطريين دون أية ميزة لولادته من أم قطرية، وفي ذلك إخلال كبير بمبدأ المساواة بين الجنسَين.

نصت المادة (44) من الدستور على أن حق المواطنين في التجمع مكفول وفقًا لأحكام القانون، بدلًا من أن يتم النص على أن هذا الحق يتم بالإخطار، دون إحالة الأمر برمته إلى القانون، الذي صدر بعد ذلك بأحكام تعسفية تمنع من التجمع.

نصت المادة (45) من الدستور على أن حرية تكوين الجمعيات مكفولة وفقًا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، الذي صدر بعد ذلك بأحكام تعسفية تمنع من تكوين الجمعيات.

نصت المادة (48) من الدستور على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقًا للقانون. ولا يختلف الوضع كثيرًا في هذه المادة عن المادتين السابقتين؛ حيث إن الدستور جاء بعبارة واحدة لحرية الصحافة، ولكن تاريخيًّا، أصدرت السلطات القطرية قانونًا في عام 1979 يقيد هذا الحق، ويبيح هذا القانون حبس الصحفيين، وإغلاق المؤسسات.

المادة (57) من الدستور فرضت على المواطن والزائر احترام الآداب العامة، ومراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة، دون تقديم أي تعريف واضح لهذه المصطلحات الفضفاضة، التي قد تحمل أكثر من ألف معنى، وبالتالي تسمح هذه المادة المعيبة للمشرع أن يسن قوانين وعقوبات وفقًا لأهوائه في الإطار الذي توفره هذه المادة.

المادة (58) من الدستور القطري الخاصة باللجوء، لا تعطي أي ضمانات لطالبي اللجوء ولا توفر إليهم الحماية في مخالفة صريحة لاتفاقية 1951 الخاصة بحقوق اللاجئين وللأعراف الدولية المتفق عليها في هذا الصدد. وعدم توقيع قطر على اتفاقية 1951 لا يبرر عدم التزامها بالعرف الدولي الذي يشكل في حد ذاته أحد المصادر الأساسية للقانون الدولي. وبالتالي النص الدستوري الخاص باللجوء في الدستور القطري لا يلزم السلطة الحاكمة بتوفير الضمانات اللازمة لحماية طالبي اللجوء.

وأكدت الدراسة أن الباب الرابع من الدستور القطري لا يتعدى كونه مجموعة من النصوص التي تسمح للأمير والأسرة الحاكمة بالحكم المطلق، وهذه بعض ملامحه.

عدم الفصل بين السلطات

في الدول الحديثة الديمقراطية، يوجد فصل بين السلطات الثلاث "التنفيذية والتشريعية والقضائية"، وهذا ما نصت عليه المادة (60) من الدستور، إلا أنه في الواقع كل السلطات تخضع للأمير، ولم تعرف المادة (60) الفصل بين السلطات، فالأمير وهو رأس الدولة وعلى رأس كل السلطات، التنفيذية والقضائية والتشريعية، فهو الذي يعين مجلس الوزراء، ويعين جميع أعضاء المجلس التشريعي حتى الآن بالمخالفة للدستور القطري، الذي اشترط انتخاب الثلثين، إلا أن الدولة لم تشهد أي انتخابات حتى الآن. أما بالنسبة للقضاء في قطر فالأمير هو من يتحكم فيه أيضاً، حيث إنه يملك سلطة تعيين رئيس محكمة التمييز، الذي يتولى أيضاً رئيس مجلس القضاء الأعلى، دون النص على ضوابط محددة لتعيينه، ودون توصية من مجلس القضاء.

بعد العرض السابق لطريقة تعيين أعضاء الحكومة ومجلس الشورى والقضاء، يتضح أن الأمير يتمتع بسيطرة مطلقة على السلطات الثلاث، بما يخل بمبدأ الفصل بين السلطات المتعارف عليه في جميع أنحاء العالم.

سلطات مطلقة للأمير تمثلت في:

إبرام الاتفاقيات.

فرض الأحكام العرفية.

إعلان حالة الحرب.

سلطة مطلقة في تعيين الوزراء.

تعيين ثلث مجلس الشورى.

حل مجلس الشورى.

فيديو قد يعجبك: