إعلان

علم القراء محمد صديق المنشاوي.. صاحب الصوت الخاشع والقلب الضارع

02:02 م الأربعاء 20 يونيو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة- مصراوي:

الصوت الخاشع والقلب الضارع.. كروان قراءة القرآن الكريم.. الصوت الملائكي.. القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي (1919-1969) واحد من رواد التلاوة، تميّز بخشوع القراءة والتدبر، صاحب الصوت الشجي الطروب المتدفق من الفردوس يهز القلوب المتحجرة إذا أقبلت على تلاوته بنوافذ مفتوحة وروح طليقة، وكأنه مزمار من مزامير آل داود، وقد توفي- رحمه الله- في مثل هذا اليوم 20 يونيو 1969م.

ولد الشيخ محمد بقرية: البواريك، بمدينة المنشاة التابعة لـمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره؛ حيث نشأ في أسرة قرآنية عريقة، فأبوه الشيخ صديق المنشاوي هو الذي علمه فن قراءة القرآن الكريم، وقد وضع أبوه الشيخ الجليل صديق المنشاوي هذه المدرسة العتيقة الجميلة والمنفردة بذاتها، فأخذ منها الشيخ محمد أسلوبه وطوره بما يناسبه فصار علمًا من أعلام خدام القرآن. وقد استمد الشيخ محمد من تلك المدرسة الكثير الذي كان سببًا في نجاحه بعد صوته الخاشع، ولُقِّب الشيخ محمد صديق المنشاوي بـ"الصوت الباكي".

قال عنه إمام الدعاة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي: «إنه ورفاقه الأربعة مقرئون؛ الآخرون يركبون مركبًا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتي يرث الله -سبحانه وتعالى- الأرض ومن عليها».

ذاع صيته حتى اعتبر من أشهر القراء في العالم الإسلامي، ولقي قبولاً حسنًا لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لـمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.

ظل يقرأ في المساجد والمحافل حتى اشتهر أمره وصار قارئا معتمدا لدى الإذاعة المحلية، حاملا لقب "مقرئ الجمهورية المصرية المتحدة" كما قدمه المذيع من مسجد لالا مصطفى باشا بدمشق الذي قرأ فيه أوائل سورة يوسف، هو مقرئ الجمهورية المصرية المتحدة في زمنه، ومقرئ مصر والعالم في كل زمن قادم.

تزوج مرتين أنجب من زوجته الأولى أربعة أولاد وبنتين، ومن الثانية خمسة أولاد وأربع بنات، وقد توفيت زوجته الثانية وهي تؤدي مناسك الحج قبل وفاته بعام. وفي عام 1966 أصيب بمرض دوالي المريء، ورغم مرضه ظل يقرأ القرآن حتى رحل عن الدنيا في يوم الجمعة 5 ربيع الثاني 1389 هـ، الموافق 20 يونيو 1969م.

كان الشيخ المنشاوي يجل أقرانه من حفظة كتاب الله تعالى، وتعلق قلبه وأذنه بالاستماع عبر الراديو إلى المقرئين في عصره جميعا دون استثناء، وفي طليعتهم الشيخ محمد رفعت رحمه الله، فقد أحبه كثيرا وتأثر بصوته وتلاواته وحضر بنفسه حفل العزاء ليواسي أسرة الشيخ ومحبيه بما تيسر من كتاب الرحمن.

كان لين الجانب عطوفاً على المساكين متواضعا للناس لا يرفض دعوة يتلقاها لإسعاد المدعوين بالقراءة، بل يجدها فرصة لإبلاغهم كلمة ربه وهو راض سعيد. لبى دعوة رؤساء بعض الدول للقراءة في الخارج، كدعوة الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو، التي لباها برفقة نظيره الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، فبكى أثناء تلاوته لبكاء الجمهور المتواصل. وقد منحه سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا.

محاولة قتله بالسم

روى الشيخ لبعض المقربين منه عندما حاول بعض الحاقدين عليه قتله بالسم عندما دعاه للعشاء بعد إحدى سهراته (أي تلاوة ليلية) وأوصى الطباخ بأن يضع له السم في الطعام ولكن الطباخ أخبر الشيخ وطلب منه ألا يفشي سره وأنجى الله الشيخ من المكيدة.

وقد حكى بنفسه أنه كان مدعواً في إحدى السهرات عام 1963م وبعد الانتهاء من السهرة دعاه صاحبها لتناول الطعام مع أهل بيته على سبيل البركة ولكنه رفض فأرسل صاحب إليه بعضاً من أهله يلحون عليه فوافق وقبل أن يبدأ في تناول ما قدم إليه من طعام أقترب منه الطباخ وهو يرتجف من شدة الخوف وهمس في إذنه قائلاً: يا شيخ محمد سأطلعك على أمر خطير وأرجو ألا تفضح أمري فينقطع عيشي في هذا البيت فسأله عما به فقال: أوصاني أحد الأشخاص بأن أضع لك السم في طعامك فوضعته في طبق سيقدم إليك بعد قليل فلا تقترب من هذا الطبق أو تأكل منه، وقد استيقظ ضميري وجئت لأحذرك لأني لا أستطيع عدم تقديمه إليك فأصحاب السهرة أوصوني بتقديمه إليك خصيصاً تكريماً لك، وهم لا يعلمون ما فيه ولكن فلان - ولم يذكر الشيخ اسمه - أعطاني مبلغاً من المال لأدس لك السم في هذا الطبق دون علم أصحاب السهرة ففعلت فأرجوا ألا تبوح بذلك فينفضح أمري... ولما تم وضع الطبق المنقوع في السم عرفه الشيخ كما وصفه له الطباخ وادعى الشيخ بعض الإعياء امامهم ولكنهم أقسموا عليه فأخذ كسرة خبز كانت أمامه قائلاً: هذا يبر يمينكم ثم تركهم وانصرف.

رفضه القراءة أمام عبد الناصر

ومن مواقف الشيخ المنشاوي- رحمه الله- رفضه دعوة وجهها إليه أحد الوزراء قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفل يحضره الرئيس عبد الناصر ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: (ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي؟)، ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً:(لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله).

* مصادر:

- موقع الشيخ محمد صديق المنشاوي

- موسوعة ويكيبيديا

فيديو قد يعجبك: