إعلان

في ذكرى وفاته.. قصة تولي السلطان "قلاوون" حكم مصر وسر رسوم "البط" في تحفه وآثاره

08:22 م الأربعاء 10 نوفمبر 2021

مسجد الناصر قلاوون

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

في شارع المعز لدين الله الفاطمي، تقع مجموعة السلطان المنصور قلاوون المعمارية الأثرية الفخمة، وتضم مسجدًا ومدرسة وقبة وبيمارستان كذلك، وهي مبنية على الطراز المملوكي الإسلامي، وقلاوون هو مؤسس الدولة المملوكية الثانية، واليوم تحل ذكرى وفاة السلطان قلاوون التي استقرت المصادر التاريخية على كونها في نوفمبر واختلفت على اليوم.

يذكر الدكتور محمد حمزة إسماعيل في كتابه "السلطان المنصور قلاوون" أن تاريخ ميلاد ونشأة قلاوون لم يذكر في المصادر التاريخية، وكل ما نعرفه عن مراحل حياته الأولى أنه جلب لمصر صغيرًا بعد استيلاء المغول على بلاده عام 1242م، وفي قول آخر أنه جاء لمصر كبيرًا ولذا كان "معجم اللسان لا يكاد يفصح بالعربية"، حسبما وصفه ابن تغري بردي، ويقال إن قلاوون هي كلمة تركية تعني "البط" ولذا شاعت رسوم البط في زخارف التحف التي صنعت في عصر دولته، خاصة التحف المعدنية، وكعادة أطفال المماليك، كان ابن قلاوون مجهول الأب، إذ كان مسترقًا، فكان يقال للرقيق وقتها يا ابن عبد الله، باعتباره أيا كان ابيه لابد وأن يكون عبدًا لله.

وفي عهد بيبرس علت منزلة قلاوون، فارتقى في دولته وارتفعت درجته وعظم لديه منزلته، وحين شعر بيبرس بزيادة نفوذه لجأ إلى حيلة قوية ليضمن أن يكون عرشه من بعده لأبناءه، إذ زوج ابنه الملك السعيد بركة من غاذية خاتون ابنة قلاوون عام 1275 فظن بيبرس أن قلاوون لن يسعى لينزع الملك من زوج ابنته، وبالفعل بعد وفاته بايع ابنه الأمراء، إلا أنه بعد أن تولى الحكم قرب إلى نفسه جماعة من المماليك الأحداث، وزادت نفوذهم واصبحوا يتدخلون في تعيين نوابه وعزلهم، وأيضًا في توزيع الإقطاعات، فقام نزاع بين الملك السعيد ونائب السلطنة سيف الدين كوندك، واستاء منه كذلك الأمراء الصالحية خاصة قلاوون والأمير سنقر الأشقر وسنجر الحلبي، وبعد تدهور الأمور بين السلطان والأمراء، حاصوره في القلعة وقطعوا عنه الماء، وأصروا أن يترك السلطة، فقبل ذلك مقابل أن يعطوه الكرك، وهكذا تخلى ابن الظاهر بيبرس عن الحكم رغمًا عنه، وترك مصر ليرحل إلى الكرك.

وحين ترك الملك السعيد مصر عرض كبار الأمراء والمماليك على الأمير سيف الدين قلاوون السلطة، وقالوا له: "انت أولى بتدبيرها وأحق بتقليد أمورها"، ولكنه رفض مؤكدًا أنه لم يخلع الملك السعيد طمعًا في السلطة، ويعلق محمد اسماعيل حداد على ذلك قائلًا أنه كان تصرفًا ذكيًا من قلاوون لأن أغلبية الجيش كانت من أنصار بيبرس فخشى أن يثوروا ضده، فاتفقوا على تولية الأمير بدر الدين سلامش بن الظاهر بيبرس السلطنة، كان عمره سبع سنين ولقبوه بالملك العادل، واختير قلاوون أتابكًا له، وهكذا بدأ يقوي قلاوون نفوذه في مصر.

وهكذا وتدريجيا استقر الرأي على خلع السلطان الصغير ونفيه إلى الكرك مع أخيه، وتولى قلاوون عرش السلطنة، فلم يبق سلامش في السلطة أكثر من ثلاثة شهور، وكعادة حكم المماليك، تعرض قلاوون للخروج عليه من بعض أمراء المماليك، مثل الأمير شمس الدين سنقر نائب الشام، وكذلك سنقر الأشقر الذي كتب إلى ابن هولاكو يحثه على غزو الشام، ولكنه استطاع أن يخضع الجميع في النهاية.

كانت فترة حكم قلاوون فترة خصبة تزخر بالإصلاحات وتحسين الدولة المصرية، إذ أكدت كافة المصادر أن قلاوون كان يتصف بأفضل الصفات وأروخ الخصال، فقالوا: "كانوا وسيمًا جسيمًا حسنًا تاملًا، نبيلًا بهيًا من أحسن الأتراك صورة وأكرمهم هيبة، فصيحًا بلغة الترك والقبجاق قليل المعرفة بالعربية"، وكان شجاعًا حليمًا يكره الأذى ولم يكن سفاكًا للدماء مثل غيره.

كان قلاوون يعزم على الخروج لفتح عكا، إلا أنه توفى قبل الخروج في مخيمه في السادس من ذي القعدة عام 689 هـ / 1290 م، بعد أن حكم مصر أحد عشر عامًا وعدة اشهر، كفن السلطان قلاوون في قلعة الجبل ثم حمل إلى تربته الواقعة في منطقة بين القصرين بشارع المعز، ودفن فيها.

اقرأ أيضا:

مآذن لها تاريخ.. قصة ‏مجموعة السلطان قلاوون 1

سبيل الناصر محمد بن قلاوون بالقاهرة.. أقدم أسبلة العالم الإسلامي

فيديو قد يعجبك: