إعلان

في ذكري وفاة مخرج فيلمها..هل جسد "رابعة العدوية" قصة العابدة الحقيقية؟

04:26 م الأحد 20 أكتوبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - آمال سامي:

"إنما أنت أيام معدودة، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل، وأنت تعلم، فاعمل".. بقدر ما تحمل الكلمات من حقيقة بقدر ما تحمل من حدة كنصل السيف، إنها كلمات رابعة العدوية، الزاهدة العابدة، لسفيان الثوري رحمه الله.. وفي مثل هذا اليوم 20 أكتوبر، تحل ذكرى وفاة المخرج نيازي مصطفى عام 1986، والذي جسد حياتها في فيلم سينمائي عام 1963م- يرصد مصراوي في التقرير التالي هل كانت رابعة فعلًا كما صورها الفيلم لاهية عابثة حتى تابت على يد "ثوبان"؟

تختلف الحقيقة عن الخيال السينمائي بكل حال، لكن في فيلم تاريخي يجب أن تواكبها، وهو ما لم يحدث في فيلم رابعة العدوية الذي اختلف كلية عن حقيقة تاريخ حياة بطلته، رابعة العدوية. يصور الفيلم رابعة ابنة أحد الصيادين الفقراء في البصرة، وبسبب الفقر والعوز باعها أبيها، فأجبرها سيدها على حياة اللهو والمجون، حتى تابت، وهو ما يخالف ما ورد عن رابعة العدوية في كتب الطبقات والسير الصحيحة..

ولدت رابعة بنت إسماعيل العدوي لأب عابد فقير، في مدينة البصرة في العام المائة الهجري وعام 717 ميلاديًا، توفى والدها وتبعته والدتها وهي صغيرة، فاضطرت للعمل على قاربه تنقل الناس بين ضفتي أحد أنهار البصرة، حتى جف النهر إثر جفاف ولد مجاعة في البصرة، فغادرتها هي واخوتها وتفرقوا حتى خطفت رابعة وبيعت لأحد التجار الذي كان يعاملها بقسوة شديدة، واختلف المؤرخون حول الطريقة التي تحررت بها رابعة بين أن سيدها قد حررها قبل وفاته لما لمسه فيها من تعلق بالله، وعبادة وزهد وصلاح، وبين أن ابناءه هم من حرروها بعدها إذ رأوا فيها التقوى والصلاح، المهم أن رابعة قد أقامت فترة بعد تحررها في الصحراء ثم استقرت بعد ذلك في البصرة وتجمع حولها المريدين، ومن هؤلاء كان ممن أثنوا عليها، الإمام سفيان الثوري، وذكرها ابن الجوزي في كتابه صفوة الصفوة في العابدات الزاهدات، فروى أن رجلًا جاءها وطلب منها أن تدعو له فالتصقت بالحائط وقالت: من أنا يرحمك الله؟ أطع ربك وادعه فإنه يجيب المضطرين.

ويروي ابن الجوزي عن خادمتها عبدة بنت أبي شوال قولها أن رابعة كانت تصلي الليل كله فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر، فكنت أسمعها تقول إذا وثبت من مرقدها ذلك وهي فزعة: يا نفس كم تنامين؟ وإلى كم تقومين؟ يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور. قالت عبدة: فكان هذا دأبها دهرها حتى ماتت.

وكانت رابعة العدوية تفر من الدنيا زهدًا وحبًا في الله، ورغبة في النجاة في الآخرة، فيروي الذهبي في سير أعلام النبلاء أن بعضًا من الناس استأذنوا عليها وكان معهم سفيان الثوري، فتذاكروا عندها ساعة، وذكروا شيئًا من الدنيا، فلما قاموا قالت لخادمتها: إذا جاء هذا الشيخ وأصحابه فلا تأذني لهم، فإني رأيتهم يحبون الدنيا. ومما ذكر الذهبي أيضًا في فرارها من ذكر الدنيا وكراهيتها ما قاله خالد بن خداش عنها، حيث قال: سمعت رابعة صالحا المري يذكر الدنيا في قصصه، فنادته : يا صالح ، من أحب شيئا أكثر من ذكره .

وأتهم البعض رابعة العدوية بالشطط في عبادتها لله، وأنها غالت في التصوف وقالت بالحلول وبالإباحة، ويرد على ذلك الذهبي في كتابه قائلًا أما رابعة ، فقد حمل الناس عنها حكمة كثيرة ، وحكى عنها سفيان وشعبة وغيرهما ما يدل على بطلان ما قيل عنها ، وقد تمثلته بهذا :

ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي... وأبحت جسمي من أراد جلوسي

فنسبها بعضهم إلى الحلول بنصف البيت ، وإلى الإباحة بتمامه ، قلت : فهذا غلو وجهل ، ولعل من نسبها إلى ذلك مباحي حلولي ليحتج بها على كفره كاحتجاجهم بخبر : كنت سمعه الذي يسمع به.

وقيل لرابعة: هل عملت عملا ترين أنه يقبل منك؟ قالت: إن كان فمخافتي أن يرد علي. ولما حضرتها الوفاة دعت خادمتها عبدة بنت أبي شوال وقالت لها: لا تؤذني بموتي أحدًا وكفنيني في جبتي هذه، تقول عبدة: فكفناها في تلك الجبة وخمار صوف كانت تلبسه. وقد توفيت رابعة العدوية عام 180 هـ حسب ما ذكر الذهبي، وقالت بعض المراجع أنها توفيت عام 185 هـ

وقد رأتها خادمتها عبدة بنت أبي شوال بعد ذلك في رؤيا لها عليها حلة استبرق وخمار من سندس أخضر تقول عبده: لم أرى شيئًا قط أحسن منه، فقلت: يا رابعة ما فعلت الجبة التي كفناك فيها والخمار الصوف؟ قالت: إنه والله نزع عني وأبدلت به هذا الذي ترينه علي، وطويت أكفاني وختم عليها ورفعت في عليين ليكمل لي بها ثوابها يوم القيامة.

فيديو قد يعجبك: