إعلان

باحث سياسي: هل ستؤدي طموحات تركيا في أفغانستان إلى نتائج عكسية؟

01:55 م الخميس 07 أكتوبر 2021

الرئيس التركي رجب طيب اردوجان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن- (د ب أ):

يبدو أن تركيا تعلق آمالا عريضة على استغلال تطورات الأوضاع في أفغانستان لصالحها، إلا أن هذه الآمال والطموحات قد لا تتحقق بالشكل الذي تسعى إليه أنقرة في ظل تعقد المشهد السياسي والأمني في أفغانستان والناجم عن الانسحاب الغربي الفوضوي.

وقال غالب دالاي الباحث والمفكر المتخصص في السياسة التركية وشؤون الشرق الأوسط في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) إنه في الوقت الذي تغادر فيه العديد من الدول أفغانستان، كانت تركيا تبحث عن سبل للبقاء هناك. ومن خلال المساعدة في إدارة مطار كابول، تعتقد أنقرة إنها يمكن أن تكسب موطئ قدم في أفغانستان، التي ستساعدها بدورها في تحقيق أهدافها الأوسع نطاقا. ومع ذلك، أصبحت الأزمة الأفغانية إقليمية بشكل متزايد ومن المرجح أن تلعب الدول المجاورة لأفغانستان دورا أكثر أهمية، في حين أن تركيا – التي ليس لديها أي دور أمني- ستكون في أفضل الأحوال لاعبا ثانويا.

ولكي تتمكن أنقرة من استغلال أفغانستان لأغراض أخرى، فهي تحتاج أولا إلى ضمان أن يكون لأي دور تقوم به في مطار كابول بعدا أمنيا وألا يكون مجرد دور فني أو مدني، ويرجع ذلك جزئيا إلى حقيقة أن أنقرة تفتقر إلى مصادر تأثير أخرى في البلاد.

فعلى سبيل المثال، تقوم قطر بدور مهم في المجال الدبلوماسي كوسيط، حيث تتعامل العديد من الدول مع حركة طالبان في الدوحة، ولكن يمكنها أيضا تزويد أفغانستان بالمساعدة المدنية والفنية. ولا تشترك تركيا في حدود برية أو بحرية مع أفغانستان، ولذلك فلا يمكن مقارنة نفوذها المحتمل مع نفوذها في أماكن أخرى مثل سوريا أو ليبيا أو إقليم ناجورنو كاراباخ، حيث تقوم تركيا بدور بارز.

ويبدو أن حركة طالبان توافق على قيام تركيا بدور في إدارة المطار- مع قطر- ويرجع ذلك جزئيا إلى رغبتها في الحفاظ على العلاقات مع الجهات الدولية الفاعلة وتجنب العزلة الدولية، لكنهم يشعرون بالقلق من إضافة أي بعد أمني مهم للدور التركي. ولتجاوز مقاومة طالبان، تبدو تركيا مرنة في موقفها، وبدلا من استخدام جيشها، يمكنها التفكير في شركة أمنية خاصة مدعومة بعدد محدود من القوات الخاصة في المطار.

وعلى الصعيد السياسي، أرادت تركيا أن تضم حركة طالبان شخصيات تركية من الأقلية الأوزبكية أو التركمانية إلى الحكومة الأفغانية الجديدة، معتبرة أن هذا سيساعد الحكومة التركية على الصيعد الداخلي. ومع ذلك، فإن طالبان لم تستجب للمطالب التركية سواء على الصعيدين السياسي أو الأمني، وحتى إذا وافقت طالبان على دور أمني محدود لتركيا، فمن غير المرجح أن يساعد هذا أنقرة في تحقيق طموحاتها.

وفيما يتعلق بما تأمل تركيا في تحقيقه، اعتبر الباحث غالب دالاي أن أنقرة تريد استغلال أفغانستان كورقة لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، واكتساب مصدر نفوذ في مواجهة أوروبا- خاصة فيما يتعلق بالهجرة- والقيام بدور في إعادة إعمار أفغانستان في نهاية المطاف، والحصول على موطئ قدم متواضع في الجغرافيا السياسية لمنطقة وسط وجنوب آسيا.

وهكذا، يبدو أن أهداف تركيا ليست في محلها. فقد كان الدافع الرئيسي لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو استغلال أفغانستان لإصلاح العلاقات مع إدارة بايدن. فقد كانت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة بشكل خاص والغرب بشكل عام في أزمة عميقة في الأعوام الأخيرة. ويبدو أن حكومة أردوغان راهنت على حدوث أزمة جيوسياسية لتذكير الولايات المتحدة بقيمتها واعتقدت أن أفغانستان هي الأزمة التي يمكن أن تساعد في إصلاح العلاقات مع إدارة بايدن.

وقد تسبب الوضع في أفغانستان بالتأكيد في تغيير اللغة المستخدمة في العلاقات الأمريكية التركية، حيث يشير المسؤولون الأمريكيون بشكل متزايد إلى تركيا بوصفها حليفا استراتيجيا وشريكا لا مثيل له - وهو أمر تجنبته إدارة بايدن حتى الآن. ولكن هذا على الأرجح بشكل مؤقت. هناك شكوك بشأن مدى أهمية أفغانستان بالنسبة للولايات المتحدة بعد عام أو عامين من الآن، نظرا لأن الولايات المتحدة تتوق إلى تجاوز ملف أفغانستان، بينما تطمح أنقرة إلى استخدامه لأغراض غير متعلقة بأفغانستان في الأعوام القادمة. وبالتالي، هناك اختلال ملحوظ في نهجهما تجاه أفغانستان. وحقيقة أن أردوغان عاد مؤخرا من رحلة للولايات المتحدة لحضور افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة دون لقاء بايدن توضح قدر الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لتطلعات تركيا في أفغانستان.

وأشار غالب دالاي إلى أن الحكومات الأوروبية تشعر بالقلق إزاء احتمالات توجه موجات جديدة من اللاجئين الأفغان إلى القارة وستكون حريصة على العمل مع تركيا- وهي دولة لعبور المهاجرين- لوقف مثل هذا المد. وكان التعاون بشأن الهجرة واللاجئين أحد أكثر مجالات المشاركة الواضحة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في الأعوام الأخيرة. ومع ذلك، فإن إمكانية وعمق مثل هذا التعاون سيعتمدان إلى حد كبير على حجم تدفقات اللاجئين. وبالإضافة إلى ذلك، تستضيف تركيا بالفعل أكبر عدد من اللاجئين في العالم وستتسبب استضافة المزيد من اللاجئين إلى تقويض شعبية الحكومة داخل تركيا.

وبالنسبة للقيام بدور في إعادة إعمار أفغانستان، فإن أي دور يمكن أن تقوم به تركيا هنا سوف يتضاءل مقارنة بدور الصين.

ومع تضاؤل الأضواء الدولية المسلطة على أفغانستان، من المرجح أن تطبق حركة طالبان تفسيرا صارما للشريعة الإسلامية، مما يجعل أي ارتباط أو تعاون مع طالبان مكلفا للغاية بالنسبة لتركيا. ومن المرجح الآن أن يتحول الجدل الدائر حول التطرف والجهاد الذي ركز على التطورات في الشرق الأوسط نحو أفغانستان وهناك خطر من أن تؤدي ممارسات طالبان إلى عزل أفغانستان عن المجتمع الدولي.

واختتم غالب دالاي تقريره بالقول إنه من المرجح ففي هذا السياق، أن تكون سياسة تركيا الخاطئة بشأن أفغانستان، ناهيك عن الارتباط مع طالبان- وحتى الاعتراف المحتمل بحكومة طالبان- أمرا مكلفا للغاية بالنسبة لتركيا سيفوق أي فوائد تأمل في الحصول عليها من خلال استغلال أي دور أمني يمكن أن تقوم به في مطار كابول.

فيديو قد يعجبك: