إعلان

"عشق ممنوع وفساد ومطاردة ساحرات".. مسلسل انهيار الـ "FBI" (الحلقة الثانية)

07:11 م الجمعة 04 مايو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هشام عبد الخالق:

"يتعرض الـ FBI لأزمة.. والولايات المتحدة تدفع الثمن".. عنوان جذاب اختارته مجلة التايم الأمريكية لتقرير أعدته حول الأزمات التي يتعرض لها مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في الوقت الحالي، بعد أن كان محط إعجاب الجميع، وتتفاخر القنوات التلفزيونية به في أنحاء الولايات المتحدة وبالتحقيقات التي يجريها.

لقراءة الحلقة الأولى... اضغط هنا

تقول المجلة إن الأمر لم يقتصر على الجمهوريين فقط، ولكن شكك الديمقراطيون أيضًا في نزاهة مكتب التحقيقات الفيدرالي، حيث ادّعت هيلاري كلينتون ومساعدوها أن (جيمس) كومي (مدير الإف بي أي السابق) سلّم الانتخابات لترامب على طبق من ذهب، ولكن أكبر الاختلافات ما بين الأزمات الماضية والأزمة الحالية - طبقًا للمقابلات التي أجرتها المجلة - هو الرئيس، حيث ظل ترامب يشكك في نزاهة المؤسسة وقادتها، وشبّه رونالد هوسكو، الذي عمل لمدة 30 عامًا في المكتب، ما يحدث حاليًا بالنار المستعرة حيث قال: "ترامب إما الشرارة التي تخلق النيران، أو هو مجرد شخص يزيد من اشتعالها".

مدير المكتب الحالي، كريستوفر راي، أعلن مؤخرًا أن أولويته تتمثل في "محاولة استعادة الهدوء والاستقرار للمكتب مرة أخرى"، ولكن يواجه مكتب التحقيقات الفيدرالي حاليًا واحدًا من أكبر الاختبارات التي مرت عليه في تاريخه الذي يمتد لأكثر من 110 سنة، فخلال الأشهر القادمة يجب أن يتم حل العديد من المشاكل الداخلية، الدفاع عن المكتب ضد الهجمات الخارجية على استحقاقه للثقة، ومتابعة التحقيقات التي تمس رئيسًا حاليًا، في الوقت الذي يسأل فيه عدد كبير من الأمريكيين أنفسهم: هل بإمكاننا أن نثق بالمكتب حقًا؟

في سبتمبر الماضي، اكتشف هورويتز أن المحققين في المكتب سمحوا للموظفين الذين كانت نتائج اختبارات جهاز كشف الكذب الخاصة بهم مشكوك فيها، بالاحتفاظ بتصاريحهم الأمنية العُليا لعدة أشهر أو سنوات، مُحدثين بذلك "مخاطر محتملة على الأمن القومي الأمريكي"، وأحد أبرز الأمثلة على ذلك حالة أحد موظفي خدمة المعلومات بالمكتب الذي كان له تصريحًا أمنيًا عاليًا، فشل في تجاوز اختبار كشف الكذب أربع مرات، واعترف بإنشاء حسابًا مزيفًا على فيسبوك للتواصل مع دول أجنبية، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراءات تأديبية بشأنه.

أحد أبرز الأمثلة الواضحة على التقاعس والفساد بداخل مكتب التحقيقات الفيدرالي - حسبما تذكر المجلة - تمثّل في إحدى المكالمات الهاتفية التي تلقاها أحد مراكز المعلومات السرية الذي يعمل على مدار الساعة في "ويست فيرجينيا"، حيث أدلت المتصلة باسمها وقالت إنها قريبة من عائلة مراهق يبلغ من العمر 18 عامًا يُدعى نيكولاس كروز في مدينة باركلاند بولاية فلوريدا، وعلى مدار الثلاثة عشر دقيقة التالية أعطت تفاصيل أن كروز نشر صورًا لأسلحته وللحيوانات التي شوهها، وأنه أراد قتل البشر، وأبلغت المركز بأسماء حسابات الانستجرام الخاصة به، وأوصت أن يتفحصها مكتب التحقيقات بنفسه، معبرة عن قلقها من أن يدخل كروز إلى مدرسة ما ويطلق النار بها عشوائياً.

قبل الحادث بما يقرب من 3 أشهر، كتب كروز تعليقًا على قناته على يوتيوب، قال فيه: "سأكون قناصًا محترفًا في المدارس"، ولكن لم يتم إرسال هذه المعلومة أو المكالمة الهاتفية إلى المسؤولين في ميامي أو في باركلاند، ولم يمضِ وقت طويل حتى وقع حادث إطلاق النار بمدرسة مارجوري ستونمان داجلاس الثانوية، على يد نيكولاس كروز، الذي كان طالبًا في المدرسة وفُصل منها لأسباب تأديبية، وأوقع الحادث 17 قتيلًا و14 جريحًا من موظفي وطلاب المدرسة.

لم يكن حادث مدرسة فلوريدا هو الوحيد الذي أغفله مكتب التحقيقات الفيدرالي، فبعد أن قتل عمر متين 49 شخصًا في ملهى ليلي بمدينة أورلاندو في يونيو 2016، أعلن مكتب التحقيقات أنه تقصى أمر متين مرتين على خلفية احتمال قيامه بأعمال إرهابية، ولكنه أنهى التحقيق نظرًا لقلة الأدلة، وفي العام السابق - 2015 - وبعد أن قتل ديلان روف تسعة أمريكيين من أصل أفريقي في كنيسة بولاية ساوث كارولاينا، اعترف مكتب التحقيقات أن وجود هفوات في نظام الفحص الجنائي للحصول على سلاح، مكّن القاتل من الحصول على المسدس الذي استخدمه في الجريمة بشكل غير قانوني.

تقول المجلة: "أثارت شهادات مكتب التحقيقات الفيدرالي في الجرائم المتعلقة بالإرهاب مخاوف كبرى أدت لطرح سؤال مهم: هل أصبح الأمريكيون أقل ثقة فيما يعلن عنه المكتب هذه الأيام؟ ففي يناير أسقطت القاضية جلوريا نافارو التهم الجنائية ضد راعي البقر المرتد بولاية نيفادا، كليفن بوندي، ونجليه وأحد مؤيديه، والذين كانوا في مواجهة مسلحة حول رسوم الرعي غير المدفوعة، بل اتهمت القاضية الحكومة بأفعال فاضحة ومشينة، معلنة فشل المدعي العام ومكتب التحقيقات في ملء الوثائق المطلوبة البالغ عددها 1000 ورقة.

وقالت القاضية إنه "أخفى ذاكرة فلاش متنقلة، مما كشف وجود كاميرا مراقبة في مكان الهجوم المسلح".

وأثبتت البيانات التي حللتها التايم أن عدد الإدانات في التحقيقات التي قادها مكتب التحقيقات الفيدرالي انخفض للعام الخامس على التوالي، من 11461 في 2012، إلى 10232 العام الماضي، والأكثر أهمية من ذلك انخفاض نسبة نجاحات القضايا التي يرسلها مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى وزارة العدل، وفي نفس الفترة لم تربح الوزارة سوى نصف القضايا التي أرسلها إليها مكتب التحقيقات، ورفض عدد كبير من المدعين العموم القضايا التي أرسلها المكتب قبل حتى أن تصل إلى المحاكم.

يقول المتحدث باسم وزارة العدل إيان بريور، إن "هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الملاحقات القضائية والإدانات خلال السنوات الخمس الماضية، من ضمنها التقليل من أهمية بعض الجرائم التي اُرتكبت خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما، وتخفيض عدد المدعين العامين في السنوات الأخيرة"، مضيفًا أن الحكم على أداء مكتب التحقيقات الفيدرالي استنادًا على عينة صغيرة من الحالات المختارة، يتجاهل آلاف الإدانات السنوية التي يقوم بها المكتب.

تابعت المجلة: "ما يجب على مكتب التحقيقات فعله الآن لإصلاح نفسه، أن يتبع القواعد التي وضعها، فكومي -المدير السابق للمكتب -في تعامله مع قضية البريد الإلكتروني الخاص بهيلاري كلينتون قبل انتخابات 2016، تصرف دون إخبار وزارة العدل بما يخطط له، ومن المتوقع أن يواجه كومي بعض العدائية في الأيام القادمة في تقرير المفتش العام هورويتز، بعد الإخلال بقواعد ومعايير وزارة العدل، بعد أن تحدث بشكل علني عن قضية لم ينتج عنها اتهامات جنائية".

كما أفادت بعض المصادر التي على صلة بالمفتش العام للمجلة، ومن المتوقع أيضًا -بحسب المصادر -أن يُنتقد لتواجده بشكل قريب للغاية من الانتخابات بشكل قد يكون سببًا في التأثير على النتيجة.

وفي الوقت الذي يواجه فيه مدير المكتب كريستوفر راي هذه الأزمات داخل المكتب، أوصى مساعديه بأن يظلوا هادئين ويعالجوا المشكلات، وعند سؤال المتحدثة باسم المكتب جاكلين ماجوير إذا ما كانت الأفعال الأخيرة تقلق راي، قالت: "جميع موظفي مكتب التحقيقات البالغ عددهم حاليًا 36000 موظف ملتزمون بأقصى درجات المهنية والأخلاقية، ولكن كما الحال في أي مؤسسة كبيرة قد تكون هناك حالات فردية يشترك فيها موظف ما في أحد الأفعال السيئة، وهذه الأفعال يتم محاسبة المسؤولين عنها بشكل صارم، ويتم التحقيق فيها بعناية"، رافضة أن تذكر حالات بعينها.

هجوم ترامب على مكتب التحقيقات الفيدرالي كان غير دقيق، وألمح لأشياء غير حقيقية، فعلى سبيل المثال ما ذكره على تويتر من أن نائب مدير المكتب السابق أندرو مكابي، كان مسؤولًا عن التحقيق في قضية البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري كلينتون.

يقول ماثيو أكسيلرود، أحد مسؤولي وزارة العدل البارزين في إدارة أوباما: "ما يقلق البعض أن الهجوم الذي يشنه ترامب على مكتب التحقيقات الفيدرالي قد يستغرق الكثير من الوقت لإصلاحه فيما بعد، وأخشى من أن هجمات ترامب القاسية على المؤسسة سيكون لها تأثير كبير على ثقة الشعب الأمريكي في مكتب التحقيقات".

وتضيف المجلة: "قد يلعب مولر دورًا كبيرًا في إخراج وكالته السابقة التي عمل بها من أزمتها الحالية، فإذا وجد المحقق الخاص أن روسيا تواطأت مع أعضاء من حملة ترامب، وتم اتهام أي من الجناة وإثبات التهم عليهم في المحكمة، فإن هذا سيدحض ادّعاءات ترامب بأن هذا "مطاردة ساحرات"، أما إذا لم يجد مولر أي دليل على التعاون أو رفض مشاركته علنًا مع الشعب الأمريكي، فإن هذا سيفتح الباب أمام ترامب وحملته لوصف مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه "فرقة من الكتاب الهزليين من كلا الحزبين بسمعة سيئة".

وتابعت المجلة: "قد لا يكون هناك حلًا لإصلاح مكتب التحقيقات الفيدرالي في الوقت الحالي، ويأمل الكثيرون في أن الأحداث التي يمر بها المكتب ستكون كما وصفها كومي ذات مرة "فيضانًا يتكرر كل 500 عام" ولن تحدث مرة أخرى في أي وقت قريب".

لكن، يشكك آخرون في هذا، فأحد مسؤولي المكتب المتقاعدين جيفري دانيك، والذي يعمل الآن مع المخبرين ألقى باللوم فيما يحدث حاليًا على الافتقار الشديد للقيادة الحازمة والشفافة في مقار مكتب التحقيقات، وكذلك الاعتراف بالأخطاء الأخيرة، قائلًا: "إن هذه الأخطاء المدمرة دفعت منظمتنا العظيمة من على حافة الهاوية".

واختتمت المجلة تقريرها قائلة: "الآن، جميع المهتمين بمصداقية قوى تنفيذ القانون في الولايات المتحدة داخل البلاد وخارجها، يأملون في أن يكون مكتب التحقيقات الفيدرالي بدأ في العودة لمساره الصحيح مرة أخرى".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان