- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
- أحمد سعيد
- محمد لطفي
- أ.د. عمرو حسن
- مصطفى صلاح
- اللواء - حاتم البيباني
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في عام 1934م، تخرّج نجيب محفوظ من الجامعة فعُيّن كاتبًا في إدارتها. هناك اتّخذ قرارًا بمواصلة دراساته العليا، فشرع في إعداد رسالة الماجستير في الفلسفة الإسلامية بعنوان «فلسفة الجمال في الإسلام» تحت إشراف الشيخ مصطفى عبد الرازق. وبعد عامين من العمل أعلن توقّفه عن إكمال الرسالة، إذ وجد نفسه ممزقًا بين جاذبية البحث الفلسفي وميوله الأدبية العميقة. ولم يأتِ هذا الصراع من فراغ، بل كان ثمرة قراءاته المكثّفة لأعمال العقّاد وطه حسين، التي وجّهت بوصلة اهتمامه نحو الأدب. وسرعان ما حسم محفوظ أمره لصالح الكتابة الروائية، فأهدى الأدب كل وقته وموهبته.
ومن الجامعة إلى الأزهر، ومن الأوراق الرسمية إلى دفاتر الرواية، كان انتقال نجيب محفوظ إلى وزارة الأوقاف محطة فارقة في حياته. فبعد أن عمل سكرتيرًا بالوزارة لمدة ثماني سنوات، تقدّم عام 1945م بطلب للانتقال إلى حي الجمالية، ليبدأ عمله في مكتبة ضريح الغوري بالأزهر. هناك وجد نفسه في قلب عالم جديد؛ وقتٌ أوسع للقراءة والتأمل، وبيئة شعبية نابضة بالحياة ستتحول فيما بعد إلى مسرح لشخصياته الروائية. ومع تدرجه في المناصب، من إدارة المشغولات إلى إدارة القرض الحسن، ازداد احتكاكه بالناس من مختلف الشرائح الاجتماعية، ليجد بينهم نماذج بشرية ألهمته في بناء عالمه الأدبي الخالد.
ومع مطلع الخمسينيات، وبعد قيام ثورة 1952م، بدأ نجيب محفوظ يتولى مجموعة من المناصب الثقافية، باعتباره كاتبًا ومثقفًا بارزًا. فقد عمل سكرتيرًا لوزير الإرشاد القومي (وزارة الإعلام حاليًا)، ثم مديرًا لمكتب الرقابة على المصنفات السينمائية، ومديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، قبل أن يُعيَّن مستشارًا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون، ليترقى بعدها إلى منصب رئيس مجلس إدارتها. وكان آخر موقع رسمي شغله هو مستشار وزير الثقافة.
في تلك المرحلة، وبعد ثورة يوليو تحديدًا، توقّف محفوظ عن الكتابة الأدبية لفترة أثارت تساؤلات واسعة. حتى أن البعض ظن أنه اعتزل الأدب نهائيًا، بل كُتِب عنه بالفعل أنه قرر الابتعاد عن عالم الرواية. غير أن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا؛ إذ انشغل محفوظ بتحويل عدد من رواياته إلى سيناريوهات سينمائية، من بينها «بداية ونهاية»، و«الثلاثية»، و«ثرثرة فوق النيل». وإلى جانب انشغاله بالوظيفة والعمل السينمائي، كان يفتّش في داخله عن فكرة جديدة تحمل بذرة رواية مختلفة.
في عام 1954م، عاش نجيب محفوظ ما يمكن أن يُسمّى "سنة الزواج السري". فقد تزوّج بعيدًا عن أعين الجميع، دون أن يعلم بالأمر صديق أو قريب، بل حتى والدته لم تكن على دراية بالزواج، الذي شهد عليه فقط شقيقه الأكبر. أما زوجته، فهي عطية الله إبراهيم، وظل خبر زواجه منها طيّ الكتمان قرابة ست سنوات، حيث عاشا في عوامة على النيل قبل أن ينتقلا إلى شقة في إحدى العمارات المطلة عليه.
وعندما سُئل محفوظ عن سرّ هذا التكتم، أوضح أن السبب كان تفادي الصدام مع والدته التي كان شديد التعلق بها، معتقدًا أنها سترفض خياره وخروجه من بيت العائلة. كما كان يرى أن حياته الخاصة ليست شأنًا عامًا، وأن شهرة الكاتب ينبغي أن تبقى أدبية بحتة، وليست اجتماعية أو شخصية. لذلك فضّل أن يظل زواجه بعيدًا عن الإعلام وأحاديث المقاهي.
لكن في عام 1960م، تسرّب الخبر لأول مرة عبر مجلة "الكواكب". وكان محفوظ نفسه يصف زواجه بأنه "عملي"، إذ لم تجمعه بزوجته قصة حب تقليدية، بل كان يبحث عن شريكة حياة تهيئ له ظروفًا مريحة تساعده على التفرغ للكتابة.
وبعد سنوات قليلة، وتحديدًا عام 1958م، عاد محفوظ إلى الساحة بروايته المثيرة للجدل «أولاد حارتنا». الرواية مُنعت بقرار من الأزهر الشريف، وكانت سببًا مباشرًا لاحقًا في محاولة اغتياله. وفي الحادي والعشرين من سبتمبر 1959م، عرض محمد حسنين هيكل على محفوظ أن ينشر الرواية مسلسلة في جريدة "الأهرام"، فوافق.
غير أن الأزهر، وبعد أسبوعين فقط من النشر، أصدر بيانًا رسميًا شديد اللهجة، اعتبر فيه الرواية "مسيئة للذات الإلهية والأنبياء"، وكان ذلك في أكتوبر من العام نفسه. الأمر وصل إلى الرئيس جمال عبد الناصر، الذي لم يُرِد أن يُغضب الأزهر ولا أن يوقف مشروع هيكل الصحفي، فصدر قرار وسط: أن تستمر "الأهرام" في نشر الرواية حتى الحلقة الأخيرة، لكن يُمنع طبعها في كتاب داخل مصر. وقد ثُبّت هذا الموقف رسميًا في نوفمبر 1959م.
وبسبب هذا الحظر المحلي، اضطر محفوظ إلى نشر الرواية خارج مصر، فصدرت عن دار الآداب في بيروت عام 1962م. ومع ذلك، ظل الجدل يلاحقها لسنوات طويلة، إذ كان الأزهر يرفض في كل مرة أي محاولة لإعادة نشرها داخل مصر. وقد صرّح محفوظ مرارًا قائلًا: "لن أُصرّ على نشرها هنا، طالما الأزهر يرى أنها مستفزة".
ومع حصوله على جائزة نوبل عام 1988م، عادت «أولاد حارتنا» لتتصدر النقاش الأدبي والديني عالميًا. وفي عام 1994، دفع محفوظ ثمن هذا الجدل حين تعرّض لمحاولة اغتيال، إذ أقدم شاب متشدد على طعنه في رقبته. أما داخل مصر، فلم يُسمح بطباعة الرواية في كتاب إلا بعد رحيله، حين أصدرتها دار الشروق عام 2006م.
وبينما تنطفئ شمعة العمر، يبقى نور الكلمة متوهجًا؛ هكذا ودّعت الثقافة العربية أديبًا خلّدها بأحلامه ورواياته، وجعل من خياله مرجعًا لا ينضب للأجيال القادمة. في فجر الأربعاء، 30 أغسطس 2006م، أسدل الستار على حياة نجيب محفوظ في مستشفى الشرطة بالعجوزة، إثر إصابته بجلطة قلبية، عن عمر ناهز الخامسة والتسعين عامًا. وبرحيله فقدت الثقافة العربية واحدًا من أعمدتها الكبرى، لكن إرثه الأدبي ظل حاضرًا بقوة؛ فالروايات التي كتبها والقصص التي نسجها ما زالت حتى اليوم تفتح أبواب الخيال وتعيد القارئ إلى عالم مدهش لا ينضب، لتؤكد أن الأثر أحيانًا أخلد من العمر.