- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
- أحمد سعيد
- محمد لطفي
- أ.د. عمرو حسن
- مصطفى صلاح
- اللواء - حاتم البيباني
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في الثلاثين من أغسطس مرّت الذكرى التاسعة عشرة لرحيل أول أديب مصري نال جائزة نوبل في الأدب، الكاتب الكبير نجيب محفوظ. كان قصير القامة، أسمر الملامح، أنيق الحضور؛ عُرف عنه شيء من العصبية، غير أنه كان صاحب روح مرحة لا تخلو من خِفّة ظل. امتلك صوتًا جهوريًا، وكان شغوفًا بالغناء والطرب، حتى إنه خصّص وقتًا يوميًا للاستماع إلى أم كلثوم.
ومع استعادة هذه الذكرى، يظل السؤال حاضرًا: ما التحولات التي شكّلت مسيرته وقادته إلى العالمية؟ وكيف بدأت حكايته مع أول رواية كانت بمثابة «وشّ السعد» عليه؟ ولماذا عدل عن استكمال الماجستير؟ ثم كيف وقف الأستاذ محمد حسنين هيكل إلى جواره عند اشتداد معركة أولاد حارتنا مع الأزهر؟ إنها بعض ملامح من رحلة نجيب محفوظ، رحلة ما تزال تحتفظ بسحرها وقوة حضورها حتى اليوم.
اسمه الكامل نجيب محفوظ عبدالعزيز أحمد باشا. غير أنّ قبل الوقوف عند تاريخ الميلاد، ثمة حكاية دالّة عن الاسم نفسه؛ فـ«نجيب محفوظ» لم يكن محض مصادفة، بل اسمًا مركّبًا ارتبط بظرفٍ خاصٍّ في لحظة الولادة. كانت ولادته متعسّرة للغاية، وظلّ والده في قلقٍ شديد حتى خرج الطبيب ليبشّره بسلامة المولود. سأله الأب عن اسمه، فقال: نجيب محفوظ؛ فما كان من الوالد إلا أن أطلق اسم الطبيب على ابنه تقديرًا وامتنانًا. وهكذا صار الاسم المركّب الذي سيغدو لاحقًا أحد أعمدة الأدب العربي والعالمي.
وُلد نجيب محفوظ في الحادي عشر من ديسمبر 1911م بحيِّ الجمالية العريق في القاهرة، وكان أصغرَ إخوته الستة: اثنتان من البنات وأربعة من البنين. نشأ كغيره من أبناء جيله؛ التحق بالكُتّاب فتعلّم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، ثم واصل تعليمه في مدرسة الحسنية الابتدائية.
وفي الثانية عشرة من عمره، قرر والده الانتقال بالأسرة إلى حيِّ العباسية؛ وهناك أكمل محفوظ دراسته في مدرسة فؤاد الأول التي جمعت بين المرحلتين الإعدادية والثانوية. وكان حيُّ العباسية أكثر انفتاحًا ورقيًّا اجتماعيًّا من الجمالية، الأمر الذي أتاح له التعرّف إلى عدد من الأدباء البارزين، مثل إحسان عبد القدوس. كما توثّقت صداقته المبكرة بالأديب أدهم رجب – وكان يكبره سنًّا ويملك مكتبةً كبيرة – ففتح أمامه أبواب الأدب الإنجليزي.
وخلال سنواته الثانوية، أسّس محفوظ جمعية غايتها «الحفاظ على الأخلاق الكريمة» ومكافحة الألفاظ البذيئة بين الطلاب؛ إشارة مبكّرة إلى حسّه الأخلاقي. ومع ذلك، لم يُغادر حيّ الجمالية ذاكرته؛ بل ظلّ حيًّا في خياله، ليغدو لاحقًا مسرحًا لكثير من رواياته وقصصه القصيرة، مثل زقاق المدق و«الثلاثية».
وبالحديث عن حيِّ العباسية، لا يمكن إغفال أوّل قصة حبٍّ عاشها نجيب محفوظ. فقد وصفها بأنها كانت تجربة «الحب الحقيقي» الأولى في حياته، غير أنها لم تكتمل؛ إذ ظلّت من طرف واحد، حبًّا من بعيد. ويُرجع محفوظ ذلك إلى فارق العمر بينه وبينها، فضلًا عن التبايُن الاجتماعي الذي حال دون اقترابه منها. ومع ذلك، تركت تلك التجربة العاطفية أثرًا عميقًا في نفسه، لتعود لاحقًا متجسِّدة على صفحات رواياته، وأبرزها قصة حبِّ كمال عبد الجواد لـ عايدة شدّاد في «الثلاثية».
في السنة الثانية من دراسته الجامعية، قام نجيب محفوظ بترجمة كتاب «مصر القديمة» لعالِم الآثار الأسكتلندي جيمس بيكي. وقد جاءت ترجمته احترافية إلى درجةٍ بدت وكأنه متخصص في علم الآثار، ومن هنا بدأت رحلة نجيب محفوظ مع الحضارة المصرية وشغفه بالكتابة عنها، وهي المرحلة الأولى من مسيرته الأدبية، التي أثمرت عن أربع قصص قصيرة وخمس روايات عُرفت بـ الخماسية التاريخية. وذلك تصحيحًا لما يرويه البعض خطأً من أن محفوظ ألّف ثلاثية تاريخية، بينما الصحيح أنها خماسية متكاملة.
وأولى هذه الروايات كانت «عبث الأقدار»، التي شكّلت نقطة انطلاق مهمة فيما سُمِّي لاحقًا بالخماسية التاريخية، وقد تُرجمت إلى خمس لغات. لكن وراء هذه الرواية حكاية تستحق التوقف عندها؛ إذ بدأ محفوظ بنشر فصولها في مجلة «المجلة الجديدة» تحت عنوان «حكمة خوفو»، وكان يرأس تحريرها آنذاك الكاتب الكبير سلامة موسى. وقد لعب موسى دورًا محوريًّا في مسيرة محفوظ؛ فهو من شجّعه على تحويل الحلقات إلى رواية كاملة، واقترح تغيير الاسم ليصبح أكثر جاذبية، فاختار لها عنوان «عبث الأقدار». وهكذا صدرت الرواية عام 1939م.
وبعد سنوات طويلة، وتحديدًا بعد نحو تسعة وأربعين عامًا من صدورها، التقى محفوظ بالشيخ مصطفى عبد الرازق الذي عاتبه على التسمية قائلًا مازحًا: «وهل الأقدار تعبث يا نجيب؟»، لكن محفوظ ظلّ متمسكًا بالعنوان كما هو.
تدور أحداث الرواية في أجواء مصر الفرعونية، وقد تُرجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والروسية. ولم يقتصر أثرها على ذلك؛ ففي عام 1989م أصدرت دار الشروق نسخة مبسطة منها للناشئين بعنوان «عجائب الأقدار» برسوم الفنان حلمي التوني، ثم جرى تحويلها عام 2000م إلى مسلسل تليفزيوني بعنوان «الأقدار». وبذلك يمكن القول إن «عبث الأقدار» لم تكن مجرد عمل أول لمحفوظ، بل مثّلت البداية الحقيقية للرواية التاريخية القومية في الأدب العربي.
وبين خوفه وتمرّده بدأ نجيب محفوظ يسطر أولى خطواته نحو العالمية. نغلق الصفحة هنا، على وعدٍ بلقاء جديد في الأسبوع القادم، لنعود إلى لحظة تمرّده على دراسة الفلسفة التي أحبّها، وكيف قاده ذلك الطريق الشائك إلى أن يحصد ثمار التمرّد بجائزة نوبل.
mohamedsayed@art.asu.edu.eg