- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
- أحمد سعيد
- محمد لطفي
- أ.د. عمرو حسن
- مصطفى صلاح
- اللواء - حاتم البيباني
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
الهستيريا حالة مرضية ذات تاريخ طبي ثقافي معقد ومثير للاهتمام، فإذا كان يبدو أن هذا المرض يغيّر شكله ومظهره على مر القرون، فمن يمكن أن يتفاجأ؟ فهذا اضطراب حتى أولئك الذين يصرون على أنه حقيقي يعترفون بأنه مرضٌ متلوِّنٌ كالحرباء، قادر على محاكاة أعراض أي مرض آخر، ويبدو أنه يتكيف بطريقةٍ ما مع الثقافة التي يظهر فيها.
في القرن التاسع عشر، ابتكر طبيب الأعصاب الأميركي والروائي سيلاس وير ميتشل العلاج الأكثر استخدامًا لهذا المرض، وهو علاج الراحة الشهير، وأصبح ثريًا من العائدات التي جناها من مئات المرضى الذين كانوا يحتشدون سنويًا في عيادته في فيلادلفيا، ومع ذلك، مثل معظم زملائه الأطباء، أعلن عن حيرته أمام الكثير مما رآه: حالات الغيبوبة، والنوبات، وحالات الشلل، والاختناق، ونتف الشَعر، والتقلبات العاطفية المذهلة، ذلك كله دون وجود سبب عضوي واضح، كانت الهستيريا «مقبرة تصنيفية للأمراض النسائية كلها غير المحددة»؛ حالة تحدَّت قدراته على الفهم ومهاراته العلاجية حتى إنه كان يشير إليها غالبًا بنبرةٍ من الاستياء باسم «مستيريا» الذي يعني «الداء الغامض».
هل كانت الهستيريا «حقيقية» أو وهمية، جسدية أو نفسية؟ هل يمكن أن تكون لغةً صامتة للاحتجاج، صوتًا رمزيًا لجنسٍ أُسكِت، مُنِعَ من التعبير عن استيائه، فابتكر لغة جسدٍ؟ هل من المحتمل أنها كانت مجرد خدعة معقدة، نوع من التمارض والتلاعب الذي جعل المرضى المحيرين والمثيرين للغضب يستحقون اللوم والعقاب؟ أو ربما لم تكن سوى سلة مهملات تشخيصية، مجموعة غير متجانسة من الشكاوى جُمِّعت لغويًا، في الغالب شهادة على صناعة الأساطير الطبية وعدم الفهم والجهل؟ في أوقات مختلفة، وأحيانًا في الوقت نفسه، كانت هذه الادعاءات كلها لها مؤيدوها، ولا عجب أن الطبيب النفسي البريطاني البارز في منتصف القرن العشرين إليوت سلاتر تحدَّث بازدراء عن هذا التشخيص بعَدِّه «قناعًا للجهل ومصدرًا خصبًا للأخطاء السريرية... ليس وهمًا فحسب، ولكنه أيضًا فخ».
لا شك أنه بحلول القرن العشرين، كان معظم الأطباء قد اقتنعوا بأن الهستيريا كانت اضطرابًا نفسيًا، «داء يصيب العقل ويظهر من خلال اضطراب في الجسد»، لكن على مدى قرون قبل ذلك، كان الأطباء يصرون على أن الهستيريا اضطراب جسدي «حقيقي»، وأولئك الذين يعانون من أمراض هستيرية استمروا يصرون -في معظم الحالات- على ذلك حتى يومنا هذا، وأحيانًا يثبت أن المرضى كانوا على حق: في ذروة عصر التحليل النفسي، الكثير من الشكاوى التي كانت قد شُخِّصت على أنها هستيرية أُثبِت لاحقًا أنه كان لها أسباب فسيولوجية، وهو خطأ تصنيفي قد تكون له عواقب وخيمة -بل وحتى قاتلة- على الأفراد المعنيين.
علاوةً على ذلك، فإن مخاطر التشخيص بأثر رجعي لما كانت «حقًا» مشكلة المرضى في الماضي واضحة؛ فإعادة النظر التي لا تعدو كونها مجرد تكهنات لا تكون مطلقًا مفيدة بقدر كبير؛ لذا يعد كتاب أندرو سكُل «الهستيريا: التاريخ المزعج» (دار صفحة سبعة، 2025) سيرة ذاتية لما رآه وفسَّره المعاصرون على أنه هستيريا. في هذا الكتاب الذي ترجمه محمد إبراهيم الجندي، نكتشف جوانب خفية عن معنى الهستيريا وتاريخها.
في مجموعة متنوعة من السياقات التاريخية، كانت مسألة إطلاق وصف «الهستيريا» على حالةٍ ما محل نزاع، ولم تُحسَم بصورة نهائية قط، وفي سياقات أخرى، قُدِّمت مصطلحات طبية بديلة؛ رغم الاعتراف بأن التمييز بين هذه المصطلحات كان محل شك، حتى في ذلك الوقت. وهكذا، في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان ثمة الكثير من الجدل حول الفروق بين الهستيريا، والهيبوكونريا وسواس المرض، والطحال، والأبخرة الأمراض النفس-جسدية، على الرغم من أن الكثير من الأطباء المطلعين عدّوا هذه التمييزات مجرد تقسيمات دقيقة غير لازمة، ولا تعكس وجود اضطرابات منفصلة بصورة واضحة.
وفي أواخر القرن التاسع عشر، كان بناء مفهوم «الوهن العصبي»، أو ضعف الأعصاب، مثار جدل مشابه، زعم البعض أن ذلك كان حيلة لإيجاد تسمية أكثر قبولًا لدى الرجال الذين كانوا يتحاشون أن يُطلق عليهم وصف هستيريين على الرغم من وجود عددٍ كبير من النساء اللواتي شُخِّصنَ أيضًا بالوهن العصبي، في حين اعتمد آخرون المصطلح بعَدِّه حقيقة خيالية مريحة، معترفين بصراحة بعدم وجود حدود واضحة بين الهستيريا والوهن العصبي. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، كان يُعتقد في البداية أن «صدمة القصف» اضطراب عصبي، ولكن لاحقًا، أصبحت غالبية ولكن ليس كل الآراء الطبية المطلعة على جانبي النزاع مقتنعة بأنها كانت وباءً من الهستيريا الذكورية، وفي وقتنا الحاضر، ما زالت النقاشات محتدمة حول ما إذا كانت حالات مثل «متلازمة الإرهاق المزمن»، ومتلازمة حرب الخليج، والتهاب الدماغ النخاعي العضلي هي مجرد تجليات حديثة للهستيريا أو أمراض «حقيقية»، هذه الأمور الغامضة والصراعات المستمرة هي جزء لا يتجزأ من السيرة الغريبة للهستيريا.
إن سيرة مرضٍ كهذا، إن كان يمكن عدُّه مرضًا بالفعل، لا يمكن بالتأكيد اختزالها في قصة بسيطة، وهذا لا يعني أن آخرين لم يحاولوا ذلك، فعند الفرويديين، تُعدُّ الهستيريا اضطرابًا نفسيًا ديناميكيًا بامتياز، وتاريخها قصة تتناوب فيها المادية الطبية الخاطئة مع نسب الأعراض إلى حالات استحواذ روحية وشيطانية، مع تدخلات متقطعة من قِبل رواد شجعان رفضوا كلا الشكلين من التحيز، وأدركوا الأصول النفسية الحقيقية للهستيريا، وفي النهاية، انتصر التنوير مع ظهور سيغموند فرويد، من منظور ناقد الطب النفسي الشهير المعاصر توماس ساس، فإن مجرد الاعتراف بأصول الهستيريا غير الجسدية يعدُّ دليلًا على أنها لا تستحق تصنيفها بوصفها مرضًا، بل هي المثال الكلاسيكي على تصنيع الجنون طبيًا؛ إذ يلعب الطبيب والمريض عبر التاريخ لعبة مُعقدة وغير صادقة، يعلن ساس أن المرض العقلي أسطورة، وأن الهستيريا ربما تكون أوضح مثال على الطابع الأسطوري لادعاءات الطب النفسي.
منذ بداية القرن التاسع عشر وصاعدًا، حرصَ الأطباء على ربط تصنيفاتهم وتشخيصاتهم بالملاحظات السريرية أو بالنتائج المعملية الأكثر إقناعًا، لكن في القرون السابقة، كان الرجوع إلى النصوص الكلاسيكية لأبقراط وجالينوس هو الطريقة المعيارية لإضفاء الشرعية على الأمراض وعلاجاتها، من خلال ربط أمراض محددة بهذه المرجعيات الطبية. ربطَ الأطباء في أوروبا الحديثة المبكرة والمرضى الذين اعتمدوا على علاجاتهم أفكارهم وممارساتهم بعالم من المعاني والمعتقدات والسلوكيات المشتركة والراسخة، وجعلت بعض السمات في عالمهم الطبي من ترويج مفهوم مرض الهستيريا أمرًا مقنعًا لهم ولمن كانوا يعالجونهم.
ما زال مرضى الهستيريا يتوافدون على عيادات أطباء الأعصاب، لكنهم يُرفَضون من أطباء لا يُبدون أي اهتمام برؤيتهم أو علاجهم، ونتيجةً لذلك، أصبح هذا الاضطراب العريق خفيًا بالمعنى الحرفي تقريبًا، فبينما ينبذهم الأطباء الذين يقصدونهم للحصو ل على تأكيد طبي لأعراضهم، وتُلغى هويتهم المرضية بالكامل في إطار الطب النفسي القائم على العلاج الدوائي حتى لو كانوا على استعداد للتخلي عن كبريائهم والاعتراف بالجذور النفسية لمعاناتهم، يجد المصابون بالهستيريا أنفسهم في منزلة المنبوذين في نظر منظومة الطب الحديث.
مع ذلك، وكما علَّق السير أوبري لويس ذات مرة بحكمة فإن: «الكلمات القديمة الصامدة مثل الهستيريا تموت بصعوبة بالغة؛ فهي غالبًا ما تبقى أطول عمرًا من نعيها نفسه».