إعلان

لا يقبله مواطن عربي

سليمان جودة

لا يقبله مواطن عربي

سليمان جودة
07:00 م الأحد 28 ديسمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

شيء محزن أن يقبل مواطن صومالي عربي بوضع يده في يد رئيس حكومة التطرف في تل أبيب، وكذلك في يد جدعون ساعر، وزير خارجية حكومة التطرف، وأن يكون الموضوع هو اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال الانفصالي دولة مستقلة ذات سيادة.

حدث هذا يوم الجمعة ٢٦ ديسمبر، وإذاعته وكالات الأنباء، وكان خبرا مما يمكن التأريخ له كتاب العربدة الإسرائيلية في المنطقة!.. وبالطبع، فإن عربدة كهذه ليست جديدة على المنطقة، ولا هي جديدة من جانب إسرائيل، ولكن الجديد فيها أنها دليل مضاف على أن الحديث عن سلام يمكن أن تؤمن به هذه الحكومة المتطرفة في تل أبيب هو سراب كبير.

استدرك لأقول إن المواطن العربي الصومالي الذي أقصده، اسمه عبد الرحمن محمد عبد الله، وأنه ينصب نفسه رئيسا لإقليم أرض الصومال الانفصالي منذ عام ١٩٩١، وأنه لا دولة اعترفت به ولا بإقليمه منذ ذلك التاريخ، وأن إسرائيل هي الدولة الأولى التي تعترف به وبإقليمه الانفصالي، وأن اعترافها هي بالذات كان أدعى لأن يجعل هذا المواطن العربي الصومالي يشك في الأمر، فلا يقبل أن يكون الطعن في بلاده عن طريقه وعلى يد إسرائيلية.

طبعا اللافتة التي راحت إسرائيل تروج بها للاعتراف، أنه ضمن ما يسمى اتفاقيات السلام الإبراهيمي، التي كان الرئيس ترامب قد بادر بإطلاقها في ولايته الأولى، وكان القصد منها أن تقام علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وبين الدول العربية التي لا ترتبط بها بمعاهدات سلام، وقد نجح ترامب وقتها في ضم أربع دول عربية إلى هذه الاتفاقيات، وتمنى لو نجح في ضم المزيد، لولا أنه سقط في السباق الرئاسي الذي جرى في ٢٠٢٠!

فلما جاء في ولايته الثانية أحيا الموضوع من جديد، وراح يتكلم عن ضم دول عربية أخرى إلى قطار الاتفاقيات.. ولم يكن أحد ضد الفكرة في حد ذاتها، فلا أحد فيما أظن في عالمنا العربي يقف ضد السلام كمبدأ أو يرفضه، ولكن الرفض كل الرفض يظل ضد أن تأخذ إسرائيل من الاتفاقيات ولا تعطي، أو أن تقيم علاقات دبلوماسية لصالحها وحدها، لا لصالح القضية الأم في الوقت نفسه، وهي قضية الأرض في فلسطين.

هذا تقريبا ما حدث في حالات الدول الأربع، لأن إسرائيل إذا كانت قد استفادت من توقيع اتفاقيات السلام الإبراهيمي مع الدول الأربع، وإذا كانت الدول الأربع نفسها قد استفادت، ففي المقابل لم تنعكس الاتفاقيات بأي شيء على القضية الأم، وإلا ما كان طوفان الأقصى قد فاجأ الإسرائيليين والمنطقة معا.

وفي حالة إقليم أرض الصومال الانفصالي لا يمكن الحديث عن دخوله في اتفاقيات السلام الإبراهيمي، لأنها تنعقد مع الدول المستقلة ذات السيادة، ولا توجد دولة واحدة في العالم اعترفت به منذ الحديث عن انفصاله عن الوطن الأم!

تمارس إسرائيل هوايتها في العمل على تجزئة وتقسيم الدول، ولا هدف لها في هذا الاعتراف سوى إضعاف الصومال كدولة عربية، ومحاولة اللعب في مدخل البحر الأحمر الجنوبي، حيث يقع الإقليم الانفصالي وحيث تقع الصومال.

وتثبت إسرائيل للمرة الألف أنها لا تؤمن بسلام يربطها بالمنطقة، وأنها إذا أرادته فإنها تريده بالمجان، وهذا بالتأكيد لن يكون، لأنه لا يوجد شيء بالمجان، فضلا عن أن يكون هذا الشيء سلاما يراد له الاستمرار بين دولتين.

إعلان

إعلان