إعلان

سلام .. أم استسلام؟

سليمان جودة

سلام .. أم استسلام؟

سليمان جودة
07:00 م الأحد 23 نوفمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

أذاعت وكالة الأنباء الألمانية أن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب في توقيع خطة السلام المقترحة من جانبها بين روسيا وأوكرانيا يوم ٢٧ من هذا الشهر.

الخطة التي أعدتها إدارة الرئيس ترمب طفت على سطح الأحداث فجأة، فلم يكن هناك حديث حولها قبل الإعلان عنها نهاية الأسبوع المنقضي، وعلى مدى ما يقرب من السنة كان ترمب يتكلم عن سعيه إلى وقف الحرب الروسية الأوكرانية، دون أن يقرن ذلك بخطة واضحة الملامح كما هو حاصل مع الخطة التي أشارت الوكالة الألمانية إلى الموعد المرجّح لتوقيعها.

ملامح الخطة المعلنة تتحدث عن تنازل أوكرانيا عن منطقتين في شرقها لروسيا، بالإضافة إلى منطقة القرم التي استولى عليها الروس في ٢٠١٤، وتتحدث أيضاً عن تقاسم منطقتين في الجنوب بين الطرفين، وعن وجود أوكرانيا خارج حلف الناتو، وعن أن الحلف لن يحتفظ بقوات داخل الأراضي الأوكرانية، وعن أن الجيش الأوكراني يجب ألا يزيد عن ٦٠٠ ألف فرد، وعن أن أوكرانيا في المقابل ستحصل على ضمانات أمنية غربية أوروبية وأمريكية، وعن أن الناتو سوف يحتفظ بمقاتلات في بولندا لمراقبة الوضع وضمان استقراره بعد توقيع الخطة.

بعض الأطراف المراقبة وصفت الخطة التي تتكون من ٢٨ بندا بأنها خطة استسلام وليست خطة سلام بالنسبة لأوكرانيا.

والحقيقة أن هذا صحيح من حيث المجمل العام، لأن المدقق فيما يتطلبه توقيع الخطة، أو فيما تنص عليه، يشعر بأن الأوكرانيين يعطون طول الوقت، أو في أغلب البنود، وأن الروس يأخذون ولا يعطون شيئا.

ولا أحد يستطيع أن يخمن ما إذا كانت العاصمة الأوكرانية كييف سوف تقبل بذلك أم لا؟ ولكن الواقع أنها في موقف أضعف من موقف روسيا، وهذا راجع لسببين: أولهما أن الأوروبيين غير قادرين وحدهم على إمدادها بما يسعفها في مواجهة الروس، والسبب الثاني أن المدد الذي كان يتدفق عليها من الولايات المتحدة في أيام جو بايدن توقف مع مجيء ترمب.

ومما ضايق الأوروبيين ولا يزال يضايقهم أن الرئيس الأمريكي لا يشركهم في شيء مما يسعى إليه في شأن هذه الحرب، فهو يفعل ذلك معهم ويواصله منذ دخل البيت الأبيض في العشرين من يناير، وعندما أعلن عن خطته هذه فإن الأوروبيين فوجئوا بها، وسارعوا إلى القول بأنهم يريدون أن يكونوا شركاء فيها، وأنهم لا يرتضون بأقل من أن يكونوا شركاء.

ويبدو أن إدارة ترمب أطلعتهم على الخطة، أو على بعض مما جاء فيها، لأنهم أصبحوا يرحبون بها بعد أن كان موقفهم في البداية هو موقف الرافض المتوجس الممتلئ بالقلق.

وطوال الفترة الماضية كانت هناك أحاديث عن مواجهة محتملة بين روسيا وأوروبا، وكان الأوروبيون قلقين جداً من مثل هذه الاحتمالات، وقرأنا ما يدل على وجود هذا القلق بقوة لدى الألمان والفرنسيين على سبيل المثال، ولذلك فهناك رغبة أوروبية خفية وقوية في وقف الحرب، حتى لا تتطور إلى ما قد يضر بالقارة كلها.

يقوي من هذه الرغبة ويعززها وجود ترمب بتوجهاته المعلنة في البيت الأبيض، ولو كان بايدن في مكانه ما كانت أوروبا سوف تبالي بالحرب وقفت أو ازدادت اشتعالا!

إعلان

إعلان