إعلان

لا... يا دكتورة مايا!!!

إبراهيم علي

لا... يا دكتورة مايا!!!

إبراهيم علي
07:00 م الأحد 26 أكتوبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

تتوجه أنظار العالم صوب المتحف المصري الكبير، والذي تقرر افتتاحه يوم السبت المقبل الموافق الأول من نوفمبر القادم.
افتتاح هذا الصرح الضخم ثقافياً وسياحياً واقتصادياً، الذي أُقيم على مقربة من أهرامات الجيزة، على مساحة 500 ألف متر مربع، بتكلفة تجاوزت 1.2 مليار دولار، ويضم ما يزيد على 100 ألف قطعة أثرية، يُعتبر أحد أهم الأحداث على الساحة المصرية حالياً.
جهات رفيعة ووطنية عديدة تُسابق الزمن لوضع اللمسات الأخيرة لهذا الحدث غير المسبوق، لكونه الأكبر من نوعه عالمياً، والذي ستستمر فعالياته على مدار ثلاثة أيام، بمشاركات رسمية وحضور كبير لرؤساء دول ووفود دولية بارزة.
مع بدء العد التنازلي للوصول لتلك اللحظة التي طالما انتظرناها، ولخصوصية وأهمية هذا الحدث، تكاد لا تمر ساعة حتى تُطالعنا وسائل الإعلام ببيانات وأخبار عن آخر المستجدات والاستعدادات من أرض الواقع.
فِرَق عمل تواصل الليل بالنهار، زيارات تفقدية وميدانية متواصلة وعلى مدار الساعة تقوم بها الأجهزة المعنية للوقوف على معدلات الإنجاز وجودة الإعداد والتنظيم.
رئيس الوزراء يتابع بنفسه ميدانياً، ومن خلفه كل الوزارات التي ترتبط وتتصل طبيعة ونطاق عملها نوعياً بهذا الحدث الضخم، وعلى رأسها وزارات السياحة والآثار والثقافة والإسكان والنقل، وكذلك كل الجهات التي يرتبط نطاق عملها جغرافياً به، وعلى رأسهم محافظة الجيزة، لكون الحدث يقع في نطاقها، وجميعها جهود وتحركات منطقية ومقدَّرة ومحمودة.
على الجانب الآخر، فاجأتنا قبل ساعات الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، حيث خرجت علينا من خلال تصريح صحفي أدلت به لوكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ) نقلته عنها معظم وسائل الإعلام المحلية، قالت فيه: ((إن وزارتها تستعد لتنظيم زيارات لأبنائنا وبناتنا المقيمين بدور الرعاية الاجتماعية، ولأهلنا من كبار السن بدور رعاية المسنين، إلى المتحف المصري الكبير عقب افتتاحه، في إطار حرص الوزارة على الجمع بين الرعاية الإنسانية والتنمية الثقافية، وتعزيز الانتماء والاعتزاز بالحضارة المصرية لدى مختلف الأجيال.
وقالت إن هذه الزيارات تأتي ضمن جهود الوزارة لتعزيز التنمية البشرية وبناء الإنسان المصري، وتنمية الوعي بالحضارة المصرية العريقة، بما يسهم في ترسيخ قيم الانتماء والهوية الوطنية، مؤكدة أن تمكين الأبناء وكبار السن من الاستمتاع بهذه التجارب الثقافية هو حق أصيل لهم في إطار سعي الدولة لضمان تكافؤ الفرص والدمج المجتمعي... إلخ)).

الحقيقة، مع الافتراض الكامل لحسن النوايا، ومع التقدير الكامل لشخص السيدة الوزيرة، وكذلك التقدير من الناحية الشكلية للمبادرة التي نصفها بأنها مبادرة حسنة، غير أنني أجد نفسي مختلفاً اختلافاً جذرياً مع هذا التصريح، وذلك للأسباب التالية:

أولاً: إن دور الرعاية الاجتماعية ورعاية المسنين، التي تعمل تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعي، تُعاني من مشكلات تعصى على الحصر، بدءاً من مستوى وجودة خدمات الرعاية المقدَّمة بها، مروراً بضعف تجهيزاتها وتهالك بعض منشآتها، وصولاً إلى ضعف منظومة الرقابة والمتابعة، ومشكلات وتحديات كثيرة يصعب حصرها، وجميعها مشكلات أولى بالجهد والمتابعة.

ثانياً: الإتاحة قبل الإجادة... تلك قاعدة مهمة لابد من تطبيقها في أي مجال، وهي تعني باختصار أنه يجب إتاحة المنتج أو الخدمة أولاً، ثم السعي في مرحلة لاحقة ومتقدمة لتحقيق الجودة. وفي هذه الحالة، مطلوب من السيدة الوزيرة أن تهتم أولاً بإتاحة خدمات الرعاية كماً وكيفاً، قبل السعي لتحسين جودتها، سواء بزيارة متاحف أو حتى بتنظيم رحلات لصيد الأسماك.

ثالثاً: قد يرى فريق ممن تابع تصريح السيدة الوزيرة، وسيكون عندهم ما يبرر وجهة نظرهم، أن افتتاح المتحف المصري هو الحدث الأبرز الذي يشغل مصر "رسمياً وشعبياً" في هذا التوقيت، وأن هذا التصريح – ولكون الحدث يبعد كثيراً عن طبيعة عمل وزارة التضامن الاجتماعي – يأتي في إطار الاقتراب، ولو حتى بدون مبرر منطقي، من محور الأحداث، وحجز مقعد تحت الأضواء، وقد يصل البعض منهم في تقديره لهذا التصريح إلى أنه محاولة غير مبررة للقفز على الحدث.

وأخيراً... نؤكد مرة ثانية كامل التقدير لقيمة وقامة الدكتورة مايا مرسي، صاحبة مشوار يُقدَّر ويُحترم في العمل العام وتمكين المرأة، والتي التقيتها كثيراً، وبيننا أصدقاء مشتركين، غير أن هذا لا يمنعنا من الاختلاف معها.

إعلان

إعلان