إعلان

المفاوض مصري

د. أحمد إبراهيم

المفاوض مصري

د. أحمد إبراهيم

دكتوراه في الإعلام

07:00 م الخميس 16 أكتوبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

طائرات حربية مصرية ترافق الطائرة الرئاسية الأمريكية أثناء دخولها المجال الجوي المصري، وسط سعادة الوفد المرافق للرئيس ترامب وتوثيق تلك اللحظات على حسابات أعضاء فريق ترامب بوسائل التواصل الاجتماعي، كانت تلك بداية زيارة أمريكية أولى لرئيس أمريكي منذ زيارة أوباما في عام 2009 وخطابه بجامعة القاهرة، ولكن الزيارة الأخيرة كانت مختلفة.

زيارة تحمل معها نهاية لحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة وآمالًا في إعادة القضية الفلسطينية لمسارها المتجمد منذ عام 2007، وتحمل معها عودة القوى الإقليمية التاريخية لمكانتها، وعلى رأسها مصر، بعد سنوات من تداخل وتدخل قوى أخرى لم تنجح، برغم كل الضخ المادي والضجيج الإعلامي، إلا في زيادة ضبابية المشهد السياسي العربي.

فما بين إشادات واسعة ومباشرة من الرئيس الأمريكي بالرئيس المصري وقوته كسياسي وكعسكري، وكذلك الإعجاب بفريق التفاوض المصري الممثل في وزير الخارجية ومدير المخابرات المصريين، بل ورغبته في أن تكون بعض الولايات الأمريكية آمنة مثل مصر، وإشارته إلى أن الدولة المصرية قوية للغاية، وأنه هو من أصر على استضافة مصر لهذا المؤتمر تقديرًا لجهدها الكبير في الوصول إلى هذا الاتفاق رغم وجود دول أخرى كانت ترغب في أخذ اللقطة النهائية، وبين محاولات مستمرة وممنهجة استمرت طوال فترة الحرب لتشويه الدور المصري والاستهداف الإعلامي العربي والدولي للقائمين على الملف الفلسطيني من رجال الظل المصريين، جاءت نهاية تلك الحرب بهذا الشكل كما لو كانت مكافأة إلهية للدور المصري النبيل والصلب تجاه القضية الفلسطينية على مدار تاريخها.

فتضارب المصالح والتفتت العربي ومحاولة بعض القوى القفز إلى صدارة المشهد الإقليمي رغم عدم وجود الدراية الكافية بتفاصيل الملف الفلسطيني، وعدم مراعاة اقتراب كرة النار من مصر رغبةً في الحصول على مكاسب مؤقتة، ساهم بشكل مباشر وعمدي في إطالة أمد الأزمة وفي زيادة معاناة الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره وإراقة المزيد من دمائه.

مصر التي لم تُغرق الدم يديها في صراعات المنطقة، ولم تدعم جماعات مسلحة في ليبيا أو سوريا أو غزة أو حتى في الصومال، وتمسكت برفض التهجير بشكل قاطع عدة مرات برغم كل الترغيب وكل الضغوط التي مُورست، قدمت هيكلًا تفاوضيًا حاولت أن تحافظ به على بقايا الحقوق العربية، وساهمت في وضع شكل السلطة واللجنة المفترض أن تدير القطاع، لم يكن هناك من هو أفضل منها كمفاوض يحفظ تمامًا أساليب التفاوض الإسرائيلية من واقع التجربة والتاريخ، والكثير من الحسم مع المفاوض الحمساوي رغم كل ما قامت به حماس في أوقات سابقة ضد المصالح المصرية. مصر كانت تستحق هذا المشهد الختامي لأزمة كانت هي نفسها أكبر أهدافها.

إعلان

إعلان