إعلان

وهم المليار الثامن!

أكرم-ألفي

وهم المليار الثامن!

أكـرم ألـفي
07:00 م الإثنين 18 يوليه 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إنه عالم يتجه نحو الشيخوخة ويتجنب الشباب الزواج والإنجاب.. عالم يتركز فيه نمو السكان بالمناطق الريفية فقط بـ8 بلدان هي الكونغو ومصر وإثيوبيا والهند ونيجيريا وباكستان والفلبين وتنزانيا.. بينما اتجهت المدينة في هذه الدول إلى الثبات، بل يبدو أن نموها السكاني سيتوقف خلال سنوات قليلة... في هذا العالم الذي يحذر فيه بابا الفاتيكان من تراجع رغبة الشباب في الزواج والإنجاب وتفضيل تربية الكلاب والقطط، يشهر البعض سلاح "احذروا النمو السكاني".. وهذه هي الكوميديا السوداء بعينها، فلن يستطيع أحد أن يوقف حركة التحولات السكانية في العالم بعد أن أدرك الكثيرون أن حملات تنظيم الأسرة وتوفير وسائل منع الحمل ليست هي الركيزة للانخفاض السكاني الذي يحدث اليوم.

إن عالم اليوم يتجه إلى تراجع معدلات النمو السكاني وانخفاض واضح في معدل الخصوبة الكلية إلى أقل من طفل ونصف لكل سيدة في أكثر البلدان خصوبة!، هذا التحول ليس تعبيراً عن نجاح حملات التوعية والتحذيرات المفرطة، بل جاء تعبيراً عن تحول اجتماعي رئيسي حدث وتطور خلال عقود من الزمن. هذا التحول الدرامي كان تعبيراً عن ارتفاع معدلات الإنفاق على الأطفال وزيادة العبء الذي فرضته السياسات الليبرالية الجديدة في العالم على تكوين الأسرة، بالإضافة طبعاً إلي زيادة ظاهرة المدن التي قادت بالتوالي لتحولات اجتماعية وثقافية تنافي تكوين الأسر الكبيرة.

في هذا السياق، جاء بيان الأمم المتحدة بشأن وصول سكان العالم إلى المليار الثامن قبل نهاية العام الحالي (2022) والذي تلقاه البعض باعتباره دليلاً على أزمة النمو السكاني في العالم. ولكن هنا يجب أن اعتذر لهؤلاء الجهلاء، فهذا البيان جاء تعبيراً عن تراجع معدلات النمو السكاني في العالم، بل يمكن توصيفه بأنه بيان اعتذار عن خطأ تقديرات المنظمة الدولية للنمو السكاني خلال العقد المنصرم.

فقد توقعت المنظمة الدولية أن يصل عدد سكان العالم إلى 12 مليار نسمة بحلول 2100 قبل 10 سنوات لتنخفض التوقعات اليوم إلى 10.4 مليار نسمة بحلول نفس العام بفارق مليار و600 مليون نسمة في ضربة صعبة لأنصار "أزمات النمو السكاني العالمي". وكانت المفاجأة أن صافي النمو السكاني في أوروبا وأمريكا الشمالية بلغ "صفر"، فيما تراجعت بشدة معدلات الخصوبة في البلدان الأكثر نمواً وفي مقدمتها مصر والهند.

إن النمو السكاني يمثل عبئاً على العديد من الدول ومن بينها مصر، ولكن الاتجاه السائد هو تراجع معدلات الانجاب، ولن ينجح أحد في وقف هذا التوجه الذي تفرضه تحولات اقتصادية واجتماعية أقوى من أي حملات دعائية لتنظيم الأسرة أو لزيادة الإنجاب.. فدعوة بابا الفاتيكان للإنجاب ذهبت أدراج الرياح كما تناسى الإيرانيون تحذيرات خامنئي قبل سنوات من خطورة امتناع الشباب عن الزواج.

وللحديث بقية...

إعلان

إعلان

إعلان