إعلان

جبروت الأساتذة العظام!

محمد حسن الألفي

جبروت الأساتذة العظام!

محمد حسن الألفي
07:01 م الثلاثاء 14 سبتمبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

القبض علي طبيب الكلب والطبيب الذي صور واقعة التنمر والاستهزاء بممرض، ومحاولة إجباره على السجود لكلب الطبيب عمرو خيرى، والتكبير له، أطلق في صدور المصريين شعورا بالارتياح، وأيقن الجميع أن القانون لا يعرف الكبار ولا العظماء، ولا أصحاب السطوة، وأنه السيد المسيطر بلا تمييز.

وبالطبع، تتواصل اجراءات النيابة، من تحقيق وحبس احتياطي، ثم إحالة للمحاكمة...

لكن هل هناك عمرو خيرى آخر؟

الحقيقة أن النموذج الطاغية، موجود وبوفرة، في الطب وفي غير الطب، وفي مجالنا الصحفي والاعلامي، عرفنا رؤساء تحرير متقلبين، ومزاجيين ومعذبين، جبابرة، كم أذلوا صحفيين تحت التمرين، وكم قايضوهم ... ومرمطوهم ... وفي غير الصحافة، ستجد هذا النموذج الوضيع المفتري علي خلق الله.

في المداخلة المتهافتة للطبيب الآمر بالصلاة والسجود لكلبه ....الواحد جسمه يقشعر والله وهو يكتب الجملة الأخيرة، تعلل المتهم بأن المزاح من النوع الثقيل شائع في المستشفيات، في أعقاب الجراحات، تنفيسا عن ضغط عصبي كبير ..

لم يجعل نفسه موضع الاتهام المباشر بإقراره بصحة الواقعة والفيديو فحسب، بل سحب ملاءة الفعل المجرم على زملاء له في المهنة. وهذا في حد ذاته يستدعي موقفا صارما من نقابة الأطباء لبيان حقيقة ما اتهم به عضو بها زملاءه من أنهم يمارسون المزاح من هذا النوع المؤثم.

بطبيعة الحال، نعرف ضمنا، وصمتا، ودون نطق وإفصاح، أن هناك أطباء يمارسون البطش في مستشفيات أسسوها، أو يعملون بها ... الوازع لدى بعضهم في انتهاج الصرامة هو ترسيخ قواعد الثواب والعقاب، الزجر والنهى وربما الإيلام اللفظي...

وأحيانا يكون الوازع مجرد الاستمتاع بالسلطة وتحريك البشر المأمورين كأنه يلعب لعبة الآلهة فوق جبل الأوليمب!

حتى مع اطباء الصغار، وقعت إذلالات، قابلتها تنازلات، مقابل الماجستير... روى لي صديق كبير في المهنة، أن الإذلال يبدأ من حمل الشنطة.. إلى آخره وإلا (ابقي قابلني لو شفت طرف الماستر)...

ولذلك اعتبر هذا الطبيب قرار وزيرة الصحة دكتورة هالة زايد بسحب الدراسات العليا من الجامعات وتحويلها لزمالة معادلة للدكتوراه لجميع الأطباء قرار ممتاز أسقط امبراطورية كبار المتحكمين المانحين المانعين... المتعسفين.

ما فعله عمرو خيرى من إساءة للذات الالهية .. ولمخلوق ... كشف عن نفس عجيبة، تعالت على دونيتها وتجبرت ... وظنت أنها الأعلى ... ثم تراه كسير النفس ذليلا إذ مضي يدافع متمسحا في حجج الأخوة للممرض ... ومتملقا أهالي القلج الذين سبهم بأقذع الألفاظ، وحط من شأنهم حطا وازدراء.

شيء من الرحمة.. شيء من الإنسانية.. شيء من إذلال النفس. كل نفس قابلة للتجبر.. علينا ترويضها إن اغتنت وطغت.. لو تواضعت وعرفت قدرك... لو أذللتها ما أذلك غيرك... بل رفعتها ورفع الناس مقامك بتصاغرك أمامهم .. إن العزة لله جميعا.

الردع الاجتماعي سبق العقاب القانوني وحقق ألماً لهذا الطبيب المتكبر... المعروف بساديته في قسمه... درس لكل من يعتبر.

إعلان