إعلان

البورصة ودن من طين... (1) الأرباح الرأسمالية حرب ممتدة

عبدالرحمن شلبي

البورصة ودن من طين... (1) الأرباح الرأسمالية حرب ممتدة

عبد الرحمن شلبي
07:00 م الخميس 15 يوليه 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قبل ساعات أجريت انتخابات مجلس إدارة البورصة.. وتم تشكيل مجلسٍ جديدٍ لمدة سنوات أربع.. يحمل كل عضو برنامجًا انتخابيًا فيه ما فيه من أفكار، لكن الجميع يتفق حتى بمن فيهم المرشحون الذين لم يحالفهم الحظ.. على أن هناك أزمة في تطبيق الأرباح الرأسمالية التي أوقفت الحكومة تنفيذها عدة مراتٍ، تارة دراسة وتارة أخرى تأجيل تطبيق إلى أن استقر الوضع على تطبيقها بعد انتهاء فترة التأجيل الأخيرة من قبل وزارة المالية مع نهاية العام الحالي 2021.

فالسوق على موعد مع تطبيقها وسط الكثير من المخاوف من تأثيرات سلبية على السوق وهروب المستثمرين، وبحث أعضاء مجلس إدارة البورصة عن البدائل والحلول والمقترحات، بينما تقف الإدارة التنفيذية مكبلة الأيدي.. مكتوفة وكأنها تتفرج على عرضٍ سينمائي.

قبل أيام قليلة من الانتخابات جمعتني الصدفة بعددٍ كبيرٍ من المرشحين لمجلس الإدارة، بعضهم كان في مجلس إدارة البورصة السابق.. وبعضهم أصبح حاليًا.. الجميع اجتمع على وجود أزمة في تطبيق تلك الضريبة، لكن ما لفت نظري، وما جعلني أكتب سلسلة المقالات هذه في الحقيقة كان بعدًا آخر، يتمثل في أن البعض منهم تحدث عن الأيدي المغلولة لمجلس إدارة البورصة وعدم تأثيرهم في الحكومة مؤكدين أن البورصة اختفت مع اختفاء وزارة الاستثمار.. على العكس تمامًا.. كنت أظن أن إلغاء وزارة الاستثمار يعطي قوة للبورصة أكثر وأهمية قصوى لدى الدولة، مع انتقال تبعيتها إلى مجلس الوزراء، أعلى سلطة في البلد بعد الرئاسة.

فهل تتخيل كيف وصل حال البورصة ومشكلاتها بعد أن انتقلت إلى السلطة الأولى.. فهل هذه أزمة مجلس الوزراء أم غياب الاهتمام بالبورصة كإحدى أهم أدوات التمويل في العالم.. أم في مشكلة إدارة البورصة التي انشغلت بعيدًا عن مشكلات السوق، وكيفية تفعيل دورها الحقيقي!.

وعند الحديث عن أزمة الأرباح الرأسمالية، وإن كنت من مؤيديها أو معارضيها.. فالأزمة لم تكن وليدة، ففي عام 2008 ويمكن قبل ذلك بعامين، كان الحديث عن فرض ضرائب.. لكن كان في ذلك الوقت القائمون على السوق كان لهم كلمة فعلًا، كانوا باحثين عن الآليات ومطلعين على الأدوات ودارسين للسوق، والأكثر من ذلك، لم يكن منهم مهتم بالجلوس في مكتبه الفخم في قريته الذكية أو في وسط البلد.. بل أكثرهم آنذاك كان ينزل إلى "الكوربية" (قاعة التداول) يتابع مع السماسرة يتحدث إليهم.. أكثر من ذلك عند التحدث عن تلك الضريبة أتذكر ماجد شوقي رئيس البورصة وقتها.. تحدثت إليه كوني صحفي ملف البورصة في جريدتي الأولى: "المصري اليوم".. تحدثت إليه بعد أن حصلت على دراسة خاصة لديهم بالأزمة.. تشرح الدراسة الوضع في السوق، وتسوق للمسؤولين الموانع والأضرار.. وضعت الدراسة أيضًا وقتها تجارب الدول في فرض ضريبة.. وتقدمت الدراسة وقتها لهيئة الرقابة المالية ووزارة الاستثمار بل أكثر من ذلك ذهب بها من ذهب إلى قبة البرلمان: "مجلس النواب"، وأخرى إلى مجلس الشورى: "الشيوخ".. كل هذا من أجل الحفاظ على ما حققوه من نجاح.. من ظهور قوة السوق وأهميته لدى العالم.. أتذكر جيدًا منذ أن تم طرح شركة أموك وسيدي كرير، ثم المصرية للاتصالات.. لم أتخيل وقتها تلك السيدة التي باعت ذهبها للدخول في البورصة.. في ذلك الوقت ثمنت دور البورصة ومجلسها، رغم عدم موافقتي على دخول تلك السيدة للبورصة.. ثمنت دورًا حقيقيًا في لفت الانتباه.. سواء الشارع البسيط.. أو الحكومة، أو غيرها من الشركات التي كانت ترغب في القيد.

فالبورصة أدوارها عدة.. ومجلس إداراتها أدواره عدة أيضًا، فمن أدوار المجلس: "ضبط السوق، و-أيضًا- الترويج، والعمل على تنفيذ آليات السوق، والتماشي مع العالم".. ومن أهمية البورصة أن تعود إلى دورها الحقيقي، فالبورصة لم تخلق لتكون صالة للمقامرة أو المضاربة.. إنما أنشئت كي تساعد الشركات على النمو.. تساعدها في توسيع مشروعاتها، تساعدها في توفير تمويل مناسب بعيدًا عن القروض.. تساعدها في تشغيل الشباب.. تساعدها في التنمية الحقيقية للاقتصاد.. لم تكن يومًا سوقًا للتخارج فقط.. ذهب كل ذلك بعد أن اهتم المسؤولون بكراسٍ وهمية حالمين بوزارة للمشروعات الصغيرة.. حالمين بمنصب آخر.. كل هذا جعلهم ودنًا من طين.. وأخرى من......!!.

(للحديث بقية).

الحلقة المقبلة: بالأرقام.. كيف تحولت البورصة من سوق للإصدار إلى سوق للمقامرة؟

إعلان