إعلان

دراما الحياة والبشر

د. أحمد عمر

دراما الحياة والبشر

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 02 مايو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أيهما أقل قسوة: أن تأتي الأحلام في غير زمانها ومكانها، أم لا تأتي على الإطلاق؟

وأيهما أقل قسوة: أن تلتقي بالإنسان المناسب الذي ظَلِلت تبحث عنه طول عمرك في الزمان والمكان الخطأ، أم لا تراه أو تجده أبدًا؟

تلك الأسئلة تُعبر بوضوح عن دراما الحياة، ومفارقات القدر في حياة البشر، عندما يخططون لحياتهم، وينسجون من الأحلام جبالاً، ويرسمون في مخيلتهم صورة لأنفسهم في المستقبل، ثم مع الوقت يهبطون من سماء الحلم إلى غابة الواقع؛ ليتخبطوا في متاهات الجغرافيا الخانقة، والخيارات الخاطئة، ويجدون أنفسهم عند منتصف العمر في حالة اغتراب عن ذواتهم وسياقهم ورفقاء حياتهم.

وعند تلك النقطة يحاول أغلب البشر التأقلم مع وضعهم البائس الذي انتهوا إليه؛ فقد مر العمر، وزادت الأعباء، وقلة الحيلة، وضعفت إرادة التغيير، ولم يبق أمامهم إلا الاستسلام لظلم وقبح الأمر الواقع، والقبول بالمتاح الذي يناقض كل تصوراتهم السابقة عن أنفسهم وعن حياتهم.

لكن القدر يعود من جديد ليثبت حضوره ودوره في حياة بعض البشر الذين وصلوا إلى تلك الحالة من القناعة الوجودية، فيحقق متأخراً للإنسان بعض أحلامه القديمة، وربما جعله يقابل الشخص الذي حلم به طوال عمره، ولم يجده عندما كان في أشد الاحتياج إليه.

ولكن هذا يتحقق في المكان والزمان غير المناسبين، وبعد أن فقد الإنسان الرغبة في الأحلام، وربما نسيها. وفقد أيضًا إرادة المغامرة والتغيير، وأصبح مثقلًا بتجارب الماضي وشجونها.

وهذا يعني أن الأحلام التي تأتي متأخرة في غير زمانها ومكانها، وأن لقاء الشخص والرفيق المناسب في الزمان والمكان الخطأ - هما أكبر مفارقات القدر في حياة البشر، وهما صناع الدراما في حياة الإنسان؛ لأن الأحلام التي تأتي خارج مكانها وبعيدة عن زمانها، لا يكون لتحقيقها بهجة تُذكر.

ولأن لقاء الشخص المناسب في التوقيت الخطأ هو مثل السراب الذي يحسبه الظمأن ماءً، وهم لا يروي الروح، ولا يُريح الجسد، ولأن هذا الشخص المناسب في الظاهر لم يعد كذلك في الباطن.

وهو لقاء بطعم الفراق، ووصل مؤقت يحدث تحت ظلال الفصل المؤكد، الذي يُعيد بطلي الحكاية وحيدين لنقطة البداية، ولكن بسمات روحية ونفسية وعقلية جديدة، وبأكبر قدر من الشعور بالحزن وخيبة الأمل والحس الدرامي بالحياة.

إعلان