إعلان

مصالحة.. لا مسامحة!

محمد حسن الألفي

مصالحة.. لا مسامحة!

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 05 يناير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بإصرار وصبر كويتيين، وبضغوط أمريكية في الوقت الحرج قبيل خروج ترامب من البيت الأبيض بأسبوعين، وتحت التهديد الإيراني المتواصل، عقدت القمة الخليجية رقم ٤١ لدول مجلس التعاون الخليجي، دون أن يحضرها العاهل السعودي الملك سلمان، ودون أن يحضرها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وحضر عن مصر وزير الخارجية سامح شكرى، ودون أن يحضرها السلطان هيثم، سلطان عمان، وحضر عنه وزير خارجيته.

رأس الجلسة ولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان الذي استقبل بالعناق أمير قطر بالمطار، وهتف محييا زيارته، وأن المملكة "نورت". بسرعة ألقى محمد بن سلمان كلمة الافتتاح، وبعده أمير الكويت نواف الذي أشاد بمصر وبأمريكا. وبسرعة وقع المجتمعون على بيان المصالحة. وحتى بعد مرور أكثر من ثلاث ساعات وإلى وقت كتابة هذه السطور، لم يصدر البيان.

من الملاحظ أن كلمة ولي العهد ركزت على الخطر الإيراني النووي وعلى البرنامج الصاروخي الباليستي. وكانت إيران سبقت انعقاد القمة، وأعلنت عن رفع درجة تخصيب اليورانيوم إلى ٢٠%، وكان قبلها ٤٫٦٧%. والنسبة الأخيرة حتى مخالفة للاتفاق النووي مع الدول الأوروبية، فالمفروض أنها فوق الثلاثة في المائة بقليل.

رفع التخصيب لـ٢٠% يعني قدرة إيران على الحصول على ٩ كيلوجرامات شهريا من اليورانيوم اللازم للحصول على قنبلة نووية.

قبيل قمة محافظة العلا السعودية وإلقاء كلمات الوفود باتت قطر سعيدة برفع الحصار الجوي والبري عنها. ووافقت مصر مبدئيا على فتح مجالها الجوي أمام الطيران القطري، بعد الاستجابة لعدد من المطالب، لكن مصر أيضا وقعت علي البيان الختامي؛ حرصا على وحدة واستقرار دول الخليج والأمن القومي العربي وتأكيدا على أن إيران هي الآن مصدر الإرهاب وعدم الاستقرار.

بتوقيع اتفاق المصالحة، وبحضور المستشار السياسي لترامب زوج ابنته جاريد كوشنر، يضع ترامب الذاهب عن السلطة الرافض الهزيمة الانتخابية- بصمته العميقة على خريطة العلاقات العربية الإسرائيلية الإيرانية؛ فقد نجح في تحقيق التطبيع والسلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب، وفتح الباب بين تل أبيب والخرطوم التى فرملت الاندفاع نحو التطبيع، باعتبارها حكومة انتقالية في فترة ما بعد الثورة.

ولا يغيب عن فطنة أي متابع أن قمة العلا هي قمة مواجهة وردع إيران بقدر ما هي قمة المصالحة. وبتوقيع الدوحة على البيان الختامي، فإنها في الحقيقة قد وقعت على موقف مضاد لإيران، وانضمت للخندق الخليجي الواحد. تربحت إيران مليارات الدولارات جراء غلق المنافذ البرية والجوية مع السعودية والإمارات والبحرين لأكثر من ثلاث سنوات، وبإعادة الفتح لم يعد القطريون بحاجة للواردات الإيرانية ولا للمجال الجوي الإيراني.

لكن هل سيطلب تميم من تركيا سحب قوات حمايته في الدوحة؟
والمعروف شدة وعمق الخلاف السعودي التركي على خلفية مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي بالسفارة السعودية في تركيا.
كانت قمة قصيرة سريعة متعجلة كأنما تهدف لردم التفاصيل حتى لا يطل رأس الشيطان. وتنفجر الخلافات والاتهامات.
من أجل هذا يمكن القول إنها مصالحة وليست مسامحة، حتى تتغير السياسة القطرية إعلاميا وتمويلا. وتثبت حرصها على احترام البيان والمصالح العربية العليا.

وفي التحصيل النهائي، فإن المصالحة تحت الإلحاح الأمريكي المتصل هي في جوهرها بناء خط صلب من قوات الخليج مجتمعة ضد إيران، في إطار التصعيد الأمريكي لترامب قبل خمسة عشر يوما من رحيله، حافلة بالاحتمالات كافة.

واحتجاز الحرس الثوري الإيراني واقتحامه سفينة النفط الكورية الجنوبية في مضيق هرمز ومطالبة طهران لسول بضرورة الإفراج عن سبعة مليارات دولار أرصدة لإيران لدى كوريا الجنوبية ما هو إلا فصل ساخن يمهد لقرار أمريكي وشيك؛ فقد أمر ترامب حاملة طائراته نيمتز بالعودة إلى الخليج، واتهم إيران بتهديد التجارة الدولية في مياه هرمز.
الموقف السياسي الخليجي رأب صدعا استراتيجيا في خطة ترامب لإرهاق أو عقاب إيران.
يبقى أن تختبر النوايا بالأفعال.

إعلان