إعلان

تحية للعقل الذي يحرك الأحداث

محمد حسن الألفي

تحية للعقل الذي يحرك الأحداث

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 21 يوليو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

العلاقات القوية تعبير عن المصالح القوية، معادلة دولية تستوعبها مصر الجديدة وتحرث ثمارها بفعالية.

تحركت مصر بقوة، فتحركت الدبلوماسية الدولية، على أعلى مستوياتها، فبعد وقت قصير من الجلسة السرية التاريخية للبرلمان المصري، السابعة في كل تاريخه منذ عام ١٩٤٠، نوابا وشيوخا، جرت اتصالات رفيعة عاجلة، بين الرئيس السيسي، والرئيس ترامب، كما جرت اتصالات مماثلة بين الأخير والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الغاضب بشدة من مسلسل الاستفزازات التركية جنوب المتوسط وشرقي المتوسط، أخطرها التحرش بالبارجة الفرنسية، واستمرار إرسال المرتزقة والإرهابيين إلى ليبيا. تعتبرهم فرنسا تهديدا مباشرا لأمنها ولأمن القارة الأوروبية.

ويمكن ملاحظة أن البرلمان المصري أعلن تأجيل جلسته التي تردد يوم الأحد الماضي أنها مهمة وحاسمة، وانعقد في ذلك اليوم مجلس الدفاع الوطني، برئاسة الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبحضور رئيس البرلمان، ثم رئيس الوزراء، ثم وزير الدفاع ورئيس الأركان ووزير الخارجية ورئيس المخابرات فضلا عن مسئولين كبار آخرين.

ومما جرى أمس من تفاعلات دولية إيجابية في اتجاه عدم التصعيد على الجبهة الليبية؛ فإن المفهوم أن التأجيل كان لإتاحة الفرصة للمشاورات مع القوى المؤثرة في الموقف، وبشكل خاص فرنسا وأمريكا وإيطاليا وألمانيا.

وبمجرد إعلان مجلس النواب بكامل أعضائه الحاضرين الـ٥١٠ موافقتهم على منح الرئيس الرخصة الدستورية والقانونية لإرسال عناصر من القوات المسلحة في مهام قتالية خارج البلاد، حتى تداعت سلسلة ردود الفعل.

جاء في الاتصال الذي تم بين الرئيسين في القاهرة وواشنطن ثلاثة قرارات محددة اتفق عليها الرئيسان: وقف التصعيد فورا. فرض وقف إطلاق النار. تثبيت الوضع الميداني.

ونلاحظ استخدام لفظة فرض ولفظة فورا. ولفظة تثبيت. والأخيرة هي ما طلبته مصر عند استقبال الرئيس لأعيان ومشايخ القبائل الليبية، وإعلانه أن مصر وليبيا أمن واحد ومصير واحد.

بالمثل، فإن من المفهوم أن القاهرة وباريس في تنسيق مستمر وتفصيلي تجاه عدو مشترك بالنسبة لمصر، وشخصية عدوانية جامحة بالنسبة لباريس، ولا شك أن ما سمعه ترامب من الرئيس المصري هو تقريبا ما سمعه من الرئيس الفرنسي.

بدوره، اتصل الرئيس ترامب بالرئيس التركي أردوغان، لص العصر بلا منازع، وبعدها أعلن اللص أنه لا يريد التصعيد، وإن كان لن يتخلى عن السراج وحكومته.

بعد انعقاد مجلس الدفاع الوطني المصري الأحد، أعلنت الرئاسة التركية أنها لا تسعى إلى حرب مع مصر ولا مع فرنسا، ولا مع أي دولة أخرى.

هذه تفاصيل التشابكات والتفاعلات الإقليمية والدولية التي جرت خلال الـ٤٨ ساعة الأخيرة، ولا تزال متدافعة نحو قرار باستئناف التفاوض في جنيف، أو وقوع انهيار، وبعده انهمار النيران!

وفي سياق التحليل الدقيق للموقف، يجب ملاحظة أن التفويض من البرلمان المصري للقيادة السياسية تم وفق المادة ١٥٢من الدستور المصري، وهو يتطلب موافقة مجلس الدفاع الوطني أولا ثم ثلثي مجلس النواب. وهو ما تم، ولكن بالإجماع في حالة المجلس.

يمكن ملاحظة أن الترخيص كان دقيقا جدا فهو ليس إعلانا بشن الحرب، ولا إعلانا بقيام الجيش المصري بقتال، بل حدد أنها عناصر من القوات المسلحة في مهام قتالية.

ونلاحظ أخيرا أنه لم يجعل قوات حكومة الوفاق عدوا، خصه بمهمة القتال ضده، بل حدد العدو الذي ستقاتله القوات المصرية وتدمره بالميليشيات الإجرامية المسلحة ثم العناصر الإرهابية الأجنبية.

والمقصود بها المرتزقة الذين جلبهم، ويجلبهم أردوغان من سوريا و... الصومال في أحدث توريد لأصناف القتلة المأجورين.

مراجعة ما يجري كله يبعث على الطمأنينة... وباختصار بالغ، فمن الواضح أن هناك فكرًا عميقًا شاملًا، يعمل، ويطبخ، ويخطط، وينفذ... شأن الدول الكبرى، وهذا ما يلمسه الناس.

إعلان