إعلان

عيد سعيد

نهاد صبيح

عيد سعيد

نهاد صبيح
10:45 م الجمعة 22 مايو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

اللغة العربية من أجمل وأعمق اللغات المكتوبة والمنطوقة على الإطلاق، بلاغتها وعمقها قد يفوق تصور من يعرفها قبل من لا يعرفها، ومن فرط البلاغة قد نجد سؤالاً يحمل في طياته جوابًا مثل :

السؤال: من أسعد الناس؟

الإجابة: من أسعد الناس.

أي أن الإنسان الذي يحاول بقلبه المخلص وبسلوكه أن يسعد من حوله، سيكون هو نفسه أسعد شخص …

أو إذا تأملنا أيضا هذه الجملة العربية البليغة …

"لكل امرئ من اسمه نصيب ."

سواء صدقناها أو لم نصدقها، فهناك دراسة حديثة أثبتت صحة هذه المقولة، حيث توصل الباحثون إلى أن الناس يشبهون في الغالب الصورة المرتبطة بأسمائهم، وخاصة الأسماء المرتبطة بسلوك أو صفة إنسانية محمودة...

مثلا: صاحب الاسم (جميل) سنجد حتمًا في نفسه جمالًا، أو (رفيق) يكفيه أن يكون اسمه هكذا حتى يقترن سلوكه الشخصي باسمه، أما اسم (سعيد) تحديدًا فيذكرني بجاري أيام الطفولة "سعيد "

وقتها لم أكن مدركة لصغر سني معني ارتباط الاسم بحياة الشخص مثل ما أقرت هذه المقولة العربية الأصيلة، وما زاد الطين بلة أن "سعيد" جارنا اختار أن يدخل كلية الطب في فترة الانفتاح الاقتصادي! ومن عاش تلك الفترة معنا سيعرف قصدي من هذا الكلام …

فهذه الفترة كان المجتمع المصري يعاني هجمة الماديات الشرسة عليه، واختلال الوضع الاجتماعي كذلك... فمثلا: (مع كامل احترامي لفئة الحرفيين واللي أعتبرها من الفئات اللي بيقام عليها تقدم الأمم).

كانت هذه الفئة متصدرة مشهد الحياة بعبثية كاملة في حين أن العلماء والأدباء وأصحاب الفكر الرفيع والمصلحين وغيرهم كانوا في كواليس المشهد وقد بدا ذلك لي بوضوح عندما كنت أسمع بعض السيدات في حديثهن مع بناتهن (دا فلانة جلها عريس دكتور!... يا عيني عليها، هيعيشها إزاي الموكوس بالكام ملطوش بتوع وزارة الصحة ؟!).

هكذا كانت تسير الأمور بالمجتمع في الغالب إلا من رحم ربي، فكل شيء كان مقدرًا بالمال فقط، (واللي معاه قرش يسوى قرش، واللي ممعهوش ميسواش).

إلى أن جاء عام 2020 بجائحة فيروس "كورونا المستجد"، فقلب هذا الميزان وأصبح الناس في ذهول؛ لأن ترتيب هرم الوضع الاجتماعي، أعيد مرة أخرى قهرًا وغصبًا وبلا توقع …

كل إنسان شعر بدوره ومكانته الحقيقية، وعرف أيضًا أن كل ما يمر بيومه بمره قبل حلوة نعمة كبيرة من الله عز وجل، وأن السعادة الحقيقية لن تكون في ماديات بغيضة تسيطر علينا بل وتسجننا سجنًا جماعيًا كان أو انفراديًا، فلا قيمة للسيارات الفارهة أو حتى العادية لأنك باختصار "مش عارف تروح ولا تيجي"، وإن السعادة الحقيقية في قيمة العمل في جوهر السلوك وهذا يتجلى في الكثير من الوظائف والمهن التي تقدم بإخلاص ولوجه الله تعالى.

لقد شعرت في هذا التوقيت، توقيت الجائحة أن الدكتور (سعيد)، بل وكل العاملين في القطاع الطبي رغم كل ما يعانون منه وحتى المتوفين منهم من نحسبهم عند الله شهداء، هم بحق أسعد السعداء؛ لأن قيمتهم تحددت بعملهم المخلص وأدائهم للإنسانية ندعو الله لهم جميعًا بالعون والتوفيق والسداد، وأن نقضى جميعًا وبإذن الله... عيدًا سعيدًا

إعلان